قصة اختراع الآلة الكاتبة
أسهمت الآلة الكاتبة ، وبشكل فاعل في نشر المعرفة الإنسانية ، وسهلت نقل وتبادل المعلومات ، بين الأفراد والشعوب ، وتعود المحاولات الأولى لاختراعها إلى عام 1714عندما حصل المخترع الإنجليزي ( هنري ميل ) على براءة اختراع لهذه الآلة التي كان يتطلع من خلالها إلى استحداث نظام جديد في الكتابة الآلية بدلا من النظام اليدوي التقليدي .
وبالرغم من أهمية الفكرة ، إلا أن ميل فشل في إقناع الناس بأهمية اختراعه .
وبعد مضي نحو قرن من الزمن وفي عام 1820 ، أعاد مخترع الدراجة ، الألماني ( كارل درايس ) إحياء فكرة الآلة الكاتبة وصمم واحدة تضم 16 حرفا ، وخلال تلك الفترة كان المخترع الأمريكي ( وليام اوستن بيرت ) ينجز آلته الكاتبة التي عرفت باسم ( تيبو غرافر ) وذلك في عام 1829 ، ليحصل بذلك على براءة اختراع لهذه الوسيلة التي ستقود مسيرة المعرفة الإنسانية لعقود طويلة من الزمن .
الآلة الجديدة كانت مصنوعة من الخشب ، والحروف مثبته على مزلاج متحرك ، يتم سحبة ودفعه لوضع الحرف في مكانه الصحيح ، ثم يدفع نحو الورقة ليترك رسما بعد أن يكون قد غطى بطبقة من الحبر .
الانطلاقة الفعلية للآلة الكاتبة ، كانت على يدي المخترع الأمريكي ( كريستوفر لاثام شولز ) ، حيث ادخل في عام 1867 تعديلات كثيرة على هذا الاختراع ، وساعده مجموعة من أصدقائه الذين وجدوا أن هذه الآلة سوف يكون لها اثر كبير في التقدم والتطور المعرفي.
من أهم تلك التعديلات ، إدخال الاسطوانة المطاطية فيها ، والتي يلف عليها الورق ، ثم تثبيت تلك الاسطوانة على مزلاج متحرك يحرك الورقة نحو موضع الطباعة ويتوقف حال الوصول إلى نهاية السطر ، كما أعاد شولز ترتيب حروف الآلة الطابعة ضمن نظام جديد عرف باسم نظام QWERTY والذي اعتمد فيه على درجة تكرار الأحرف في اللغة ، وهذا النظام ما زال مستخدما حاليا في كافة أجهزة الطباعة ولوحات مفاتيح الكمبيوتر التي تعتبر تطور تقني لتلك الآلات التي سادت لعقود طويلة من الزمن .
إن تلك التطورات التي أدخلت على الآلة الكاتبة ما كان لها أن تسهم في نشر هذا الاختراع ، لو لم يتبنى عدد كبير من المثقفين والكتاب وأصحاب الأعمال هذه التقنية الجديدة في حينه ، وقد انتشرت في عام 1873 في المكاتب التجارية ولدى بعض المحامين ، كما تبناها عدد من الكتاب ، كان من أشهرهم الكاتب الأمريكي المعروف ( مارك توين ) والذي دون عليها مخطوط روايته ( مغامرات توم سوير ) والذي يعتبر أول كتاب يتم تدوينه مباشرة على الآلة الكاتبة .
تلك هي قصة اختراع الآلة الكاتبة ، والتي شهدت لاحقا تطورات كبيرة ، حيث تم تعديل تصميمها مئات المرات ، كما تم تحويلها من كونها آلة ميكانيكية تعتمد على الروافع والعتلات ، إلى آلة كهربائية تعتمد على التروس والمسننات ، ثم تم تطويرها إلى النظام الرقمي الإلكتروني ولتتحول لاحقا إلى لوحة المفاتيح المرتبطة بجهاز الكمبيوتر المعروفة حاليا .