هل كرم الأنمي الأصلي أم خانه؟ .. فيلم Ghost In The Shell
منذ إعلان البدء في انتاجه واعلان سكارليت جوهانسون بطلة له، خلف فيلم Ghost In The Shell حماساً وترقباً كبيرين عند كل من محبي سكارليت من جهة، ومحبي الإنمي الذي يحمل نفس الإسم من جهة أخرى.
كيف لا وهو يعد اقتباساً وإعادة إنتاج لهذا الإنمي الذي تم إصداره سنة 1995 والذي يعد أحد أنجح وأفضل أفلام الأنمي خلال فترة التسعينات، فهل توفق في الوصول إلى نفس مستوى وجودة الفيلم المقتبس عنه؟ وهل يمكن أن يكون فيلماً جيداً حتى بالنسبة لأولائك الذين لم يشاهدوا نسخة الأنمي وتوجهوا إلى قاعة السينما أملاً في مشاهدة فيلم ممتع؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
قصة الفيلم
تدور أحداث هذا الفيلم الذي يندرج ضمن تصنيف الخيال العلمي والغموض والأكشن، والذي أخرجه روبير ساندرز، في المستقبل القريب حول شرطية تعرضت لحادث عنيف في الماضي تطلب نقل دماغها إلى جسد آلية تتمع بقدرات خارقة، إلا أنها أثناء أداء أحد مهماتها تكتشف أنها وقعت ضحية ولم يتم إنقاذها كما كانت تظن، أما كيف، وما الذي ستفعله للانتقام فهو ما نتابعه معاً خلال مشاهدتنا للفيلم.
بالنسبة لمحبي الأنمي، فإنهم سيشاهدون الفيلم وهم على علم مسبق بقصته، لهذا فإنهم لن يواجهوا أية صعوبة في تتبع أحداث الفيلم أو فهمها، حتى وإن كان قد تم تغيير بعض التفاصيل، بل على العكس، يقدم الفيلم لهؤلاء بالذات تجربة رائعة قد تدفعم للإبتسام من شدة الإتقان الذي طبع تصميم الديكور والأماكن و الموسيقى الملابس المطابقة بشكل كبير للنسخة الأصلية، والتي تتفوق عليها أيضاً.
فلن أبالغ إن قلت أنني لا أجد كلمة أصف بها جمال المؤثرات البصرية لGhost In The Shell، خصوصاً إذا تمت مشاهدته بتقنية الشاشة ثلاثية الأبعاد، فأنا لا أدري هل أقول “خلابة” أو ” خاطفة للأنفاس” أو “هائلة”، لكن ما أعرفه هو أن أي متابع ومحب لفنون التصوير السينمائي وتقنيات الإخراج الحديثة سيجد في هذا العمل السينمائي كنزاً لا ينبغي تفويت مشاهدته.
مؤثرات بصرية رائعة…فقط ؟
من ناحية أخرى، نجد أن الفيلم قد أعاد تقديم بعض المشاهد من الأنمي بشكل مطابق متقن سيدخل البهجة على قلوب محبيه، كما قدمت سكارليت جوهانسون أداءً مثالياً ل”ميرا” يجابه القوة والصرامة والبرود الذي كانت عليه الشخصية الأصلية، لكن هل يعني هذا أن الفيلم قد تفوق على فيلم الأنمي أو حتى وصل إلى مستواه؟ الإجابة هي : لا.
في الحقيقة، نجح الفيلم على مستوى الشكل نجاحاً لا يمكن نكرانه، إلا أنه أخفق بشكل كبير على مستوى المضمون، وتحديداً على مستوى القصة والحوار بالمقارنة مع العمل الأصلي الذي، لا أصدق أنني أقول هذا لكن الأنمي يعتبر أكثر واقعية من هذا الفيلم الذي من المفترض أنه نسخة واقعية!
فالأنمي كان يتمتع بحوار ناضج جداً وبحبكة على الرغم من غموضها إلا أنها كانت قادرة على شد انتباهنا وجعلنا نرتبط ونتعاطف مع الشخصية، أما هنا فإن الحوار شديد الابتذال والسخافة والمنحى الذي تتخذه القصة -في نظري على الأقل- سخيف وطفولي جداً بالمقارنة مع الأنمي الذي قدم نهاية مقبولة بعيدة عن حكايات ألف ليلة وليلة.
أما بالنسبة للذين لم يشاهدوا الأنمي، فإن هذا الفيلم لن يقدم لهم أكثر من تجربة بصرية وسمعية ممتعة، لكنهم ما إن يتعودوا على ألوان الخلفية والأضواء حتى يبدأ الملل بالتسلل إلى نفوسهم، قبل أن يبدأو في فقدان التركيز والإنتباه والنظر إلى الشاشة بعقل مشوش لا ينتظر سوى حدوث شيء مثير للاهتمام غير القفز والقتال والنظرات المصدومة، وذلك بسبب المدة الطويلة للفيلم والتي لا تتوافق مع تنوع أحداثه، وبسبب الحبكة السيئة، التي على الرغم من أنها قد تناولت نفس قصة الأنمي، إلا أنه قد تم تنفيذها وكتابتها بشكل لا يرقى لا الأنمي ولا للجهد الجبار الذي تم وضعه في صنع هذا الفيلم، وبالتالي فإنها لم تتوفق في الوصول إلى قلوب المشاهدين، أو على الأقل، لم تتوفق في التكافئ مع ما قدمته سكارليت جوهانسون التي يبدو من الواضح جدًا أنها فعلت كل ما في وسعها وقدمت كل ما في جعبتها لإتقان الدور وإيصاله ليكون أقرب ما يمكن إلى الشخصية الأصلية.
ما الذي غيرته النسخة الهوليوودية؟
تحذير: هذه الفقرة قد تحتوي على حرق لبعض الأحداث
قامت النسخة الهوليوودية لــ Ghost In the Shell بتغيير العديد من التفاصيل- وأهمها- بشكل لم يحترم بأي شكل مضمون العمل الأصلي، فبينما نجد أن الأنمي قد تميز بفلسفته الوجودية العميقة وبغموض حبكته وتحديها لعقول المشاهد ومنحه مجالاً للتفكير والتحليل، نجد أن النسخة الأميركية قامت “بتبليد” الأحداث وجعلها أكثر بساطة ووضوحاً عن طريق وضع جميع الأجزاء على الطاولة منذ أول مشهد في الفيلم.
والذي وضح منذ البداية أن بطلة الفيلم إنسانة آلية بعقل بشري، وبدل أن تدخل “الماجور ميرا” في حرب نفسية عن ماهية وجودها ومحاولة معرفة حقيقة كينونتها المتذبذبة بين كونها غير بشرية تمامًا وغير آلية تماماً، وبعيداً عن طرح مجموعة من الأسئلة المهمة التي قدمها الأنمي ك”ما هو الأمر المثير للإهتمام في أن تكون بشرياً تماماً إذا كان بإمكانك الحصول على جسد خارق مع الإحتفاظ بالروح والضمير والأحاسيس البشرية؟” وهو السؤال المعقد الذي لم يقدم الفيلم إجابة صريحة له مانحاً لكل مشاهد الفرصة في تأويلها كما يحب، اختزل الفيلم السؤال في “هل ميرا بشرية إذا لم يكن جسمها كذلك ؟”
وبالطبع، كما قلنا سابقاً فإن الإجابة جاءتنا على طبق من ذهب دون إعطاء المشاهد أية فرصة لاستعمال عقله، وبما أننا نشاهد فيلما هوليودياً، فبالتأكيد حصلنا على نهاية “هوليودية بامتياز”، ترضي الجميع وتجعلهم يخرجون من السينما مبتهجين، فقد تم “دس” قصة رومانسية لم تأخذ حتى دقائق معدودة من الحيز الزمني للفيلم، وكذا “اختراع” وجود عائلة لميرا، ليتم صفعنا بإجابة : نعم، ميرا بشرية رغم كل شيء، انتهى الفيلم، شكراً على مشاهدتكم!
هل شاهدتم فيلم Ghost In The Shell؟ ما رأيكم فيه؟ شاركونا في التعليقات.