عن مومياوات مصر المسح ثلاثي الأبعاد يكشف حقيقة جديدة !
0
أهرامات كبيرة، معابد هائلة الحجم منحوتة من الصخر، وتماثيل عملاقة تجسّد عظمة البنائين المصريين في مصر القديمة. إذا كنت تعرف أسماء ومواقع كلّ هذه الآثار فإنّ لديك ثقافةً جيدة في الأمور التي تتعلق بتاريخ مصر، لكن هل فكّرت بما تحتويه هذه المقابر الكبيرة، لماذا هناك مومياوات كبيرة محفوظة لفراعنة مصر العظام، وأخرى صغيرة لا ندري ما تحتويه؟
ولحسن الحظ، خُلقنا نحن البشر من الفضول، ولطالما كان فضولنا هو من يدفع بحياتنا إلى الأمام! ففضولنا دفعنا للتنقيب في هذه الآثار والبحث عن دلائل ونقوشٍ لنستطيع فهم حضاراتٍ عاشت منذ أكثر من 4 آلاف عام على سطح هذه المعمورة.
ففي زمان الفراعنة كان المصريون القدامى يحنطّون الفراعنة العظماء كطريقة لحفظهم والمحافظة على عظمتهم، لكنّ الملفت في الأمر أنّ الحيوانات المنزلية التي كان أولئك يربونها لديهم كانت تُحنّط أيضًا وتُدفن مع مالكيها. عداك عن الكثير من مومياوات الحيوانات التي كانت تُحفظ كقربان مقدّس للآلهة.
هيرودوتس
فالكتّاب القدامى، العلماء المعاصرون، والمومياوات نفسها ساعدتنا لنحصل على فهمٍ أعمق حول عملية التحنيط والثقافة التي ارتبطت فيها. وكثيرٌ مما نعرفه اليوم عن العملية الحقيقية التي كانت تجرى للتحنيط هو مبني على كتابات المؤرخين الأوائل مثل هيرودوتس الذي كان سائحًا ومغامرًا، حيث سافر إلى مصر حوالي 450 قبل الميلاد وقام بوصف عملية التحنيط بدقة.
على الرغم من وجود بعض الدراسات تظهر أنّ هيرودوتس كان مخطئًا بعض الشيء بوصفه لطريقة التحنيط.
المفاجأة
لكن علماء الآثار اليوم لا ينفكون يضيفون أشياءً جديدة ويصححون أفكارًا قديمة في هذه المعارف المتراكمة عبر السنين. فتطور الأشعة السينية مكّن العلماء من دراسة المومياء من دون تخريبها أو إيذائها، وعن طريق دراسة هذه المومياوات بدأنا نحصل على فكرة أوضح حول المصريين القدامى، الأمراض التي أصابتهم، متوسط طولهم، وفترة حياتهم عن طريق دراسة العظام.
ولم تكن الأشعة السنينة البسيطة سقف محاولات العلماء، فالعلماء في جامعة متحف أبردين استخدموا تقنيات المسح ثلاثية الأبعاد المتطورة ليكشفوا ما تحتويه مومياء مصرية لقِطة يبلغ عمرها ما يقارب 2,000 عام، بالإضافة إلى مومياوات قديمة أخرى في المتحف نفسه.
قطة محنطة من متحف جامعة أبرديين، حولت إلى نموذج ثلاثي الأبعاد عبر ماسح CAT.
ومن خلال جهاز الطبقي المحوري ثلاثي الأبعاد الذي يستخدم في الحقل الطبي، تمكّنوا من جمع صور الأشعة للمومياء القط وتركيبها مع بعضها، وهنا كان الشيء الغريب، حيث وجدوا بداخلها شيئًا أصغر بكثير مما توقعوا، قطة صغيرة ملفوفة بالكثير من الأربطة لجعلها تبدوا أكبر.
فعلى ما يبدوا كانت هذه الصناعة مزدهرة جدًا في تلك الفترة من حياة المصريين، حيث يعتقد وبحسب تقريرٍ للـ BBC أنّه يوجد حوالي 70 مليون مومياء للحيوانات من ذلك العصر.
وبحسب نيل كورتس، مدير المتحف في جامعة أبيردين في سكوتلندا:
“تستطيع كسب نقودٍ أكثر عندما تبيع قط محنط أكبر، بالمقارنة مع بيعك لقط محنط صغير الحجم. أمّا بالنسبة لهذه المومياء، فعلى ما يبدو أنّ العنق قد كُسرت، مما يجعل الأمر قصة شنيعة فعلًا. لكن ومع ذلك فهي تعطينا نظرة أعمق عن الثقافة اليومية والعادات المتواجدة حول هذه المعابد في مصر القديمة”.
والكثير من المتاحف الأخرى قد توصّلت إلى مثل هذه الاكتشافات المفاجئة بعد فحص المومياوات بوساطة جهاز الطبقي المحوري. فعلى سبيل المثال: هناك في متحف شيكاغو وجد القيّمون على المتحف أنّ بعضًا من مومياوات الحيوانات الموجودة لديهم لا تحتوي أي حيوانات! بل كانت محشوة ببعض المواد العضوية الأخرى بدلًا من ذلك، مثل: الجلد، الحصى، أو القصب.
وقد لا تكون هذه المومياوات المغشوشة خدعة في الحقيقة، لكن من الممكن أن تكون بدائل أرخص تستخدم لتمثيل الحيوان الأساسي الذي كان يفترض أن يكون موجودًا في الداخل.
وهذه التقنية المتطورة لا تسمح للعلماء “بكشف” النقاب عن تلك المومياوات المقدسة وحسب، وإنّما تمكنهم أيضًا من فهم الأنواع الحيوانية التي عاشت في تلك الحقبة الزمنية، الطريقة التي ماتوا فيها، وما هو مكانهم في الثقافة المصرية القديمة.
وبحسب السيد كورتس، فإنّه يحاول مع فريقه في الفترة القريبة إنشاء نماذج تفاعلية من هذه المومياوات تنشر على شبكة الإنترنت ليستطيع الجميع ومن كافة أنحاء العالم الوصول إليها، تفحّص نسيج الأربطة المغلفة لها، التعمّق بداخلها للتعرّف على ما تحتويه.
“عن طريق نشر هذه النماذج التفاعلية، فإنّنا نساهم في تقديم الكثير للأبحاث العالمية بالإضافة إلى تثقيف أنفسنا” بحسب السيد كورتس.
وعلى الرغم من أنّ أولئك الفراعنة وحيواناتهم المقدّسة قد ماتوا من آلاف السنين، ولم نجد من يحدثنا عنهم وعن ثقافتهم، إلاّ أنّ هذه التكنولوجيا الحديثة جعلت المومياوات ينطقون حقًا، ليحدثونا عما بداخلهم!