أنا الطفله الصغيره التي غيرها الزمن الى ما لا تعمله،وأسقطتها الاحداث في الهاويه تدريجياً،انا الطفله التي لم تكن كما هي،انا لم أعد انا،فلم أعد صادقةً ابداً،لم أعد املكُ عدداً كبيراً منالاصدقاء،أروي لهم يومي وما قدمتهُ لأمي في عيد ميلادها،لم أعد أعبث بعلبِ المكياج التي تخصُ امي،لم أعد ألقي التحيه على اي احد صباحاً،لم أعد اهتمُ لدروسي،ولم أعد احكي لأمي عن احداث مدرستي بعد الرجوع من المدرسه،لم يعد أبي يحبني كما في السابق،لم يعد يحمل ابنتهُ الصغيره فيدور بها في الهواء بأجواءٍ يملأها الفرح،لم يعد يبتسم ويقول للناس إنه يأملُ بأبنته ان تصبحَ طبيبةً في المستقبل القريب،لم أعد أرتدي فساتيني بالالوان الزاهيه،ولم أعد ارتبُ شعري،لم أعد اصلي كما علمتني أمي في التاسعه من عمري،لم اعد اقرأ الكتب الخياليه المشوقه،ولم اعد اقرأ كتب تنميه الذات،فأصبحتُ الآن اجلسُ في مكاني وانظر الى الناس يخرجون من حياتي،أنظر اليهم وهم يفقدون ثقتهم بي،انظر لكمية الكره التي يحملونها لي في أعينهم،فأنا الآن لا اعرفُ نفسي،وأجهل سبب وجودي في الحياه،أجهل ديني،ومذهبي،وربي،وأجهل كتابي وقلمي وأغنيته المُفضله،انا اجهل كل تلك التفاصيل المُعلقه في غرفتي،فأصبحت اكذبُ على امي،وأصبحت لا تعرف شيئاً عن ابنتها التي حبست نفسها بين اربعةِ جدران،أصبحت تجهل ما افعلهُ في غرفتي،لم تعد تسألني عن عدد الكتب التي اشتريها شهرياً،لم تعد تسألني عن أسمائها وعن ما تحتويه،فأصبحت لا تعرف ان ابنتها قد غُرست بين الكُتب الكئيبه،الكُتب المليئه بالقصصِ الحزينه،والنصوص المؤلمه،اصبحت ابنتها تتألم من دواخل نفسها وتعيشُ جواً غريباً،تعيساً ومليئاً بما لا يتمناهُ اي شخص،فأصبح ابي يمقتني،ولا يأبهُ لوجودي ولا يسأل ما اذا كنتُ احتاجُ شيئاً،فأصبحت اشتري كتبي بنفسي،اطهو طعامي لنفسي،انام وحدي،واستيقظ وحدي،اغتسلُ وحدي،والبس ملابسي وحدي،لم اعد أمشط شعري بتاتاً فأصبحت لا اهتمُ لشعري،فمن سيلاحظ ان تلك الفتاه لا تجيد تمشيط شعرها؟،أصبحتُ بالكاد اذكرُ يوم ميلاد امي،وحتى ان تذكرته فأنني لا اجلبُ لها الهدايا،فشكراً لنفسي وشكراً لبيئتي،ومجتمعي،فشكراً لهذا العالم الغريب،لانني الآن اعيشُ حياةً بلا مبتغى،بلا منطق،انني الآن اعيشُ حياةً بلا منطق،بلا ابتسامه وبلا احلام،بلا حب وبلا مشاعر،انني الآن وفي غرفتي هذه،اتمنى ان تعود الايام كما هي،اتمنى ان تعود بغداد كما كانت،وان تعود القصائد كما كانت،فتستطيعُ ان تشعر بمدى حب الكاتب لما يكتبهُ فالآن لم يعد احدُ يكتب بمشاعرهِ الصادقه ولم يعد احدُ يعيشُ بسعادتهِ التامه،لانهُ لم يفكر في ان يرى دواخله،ويرى الحبَ والسعاده تملأهُ،وانا كذلك أصبحتُ اهملُ ما بداخلي بشده،كما أهمل نفسي من الخارج،فأنا الآن افتقرُ للسعاده،حتى وإنني اكتبُ هذا النص اذرفُ دموعي بشده،واشعر بكآبتي الواسعه