هذه نبذة مختصرة عن الأحداث السياسية والمعارك الحربية التي شاركت بها قبيلة بني شهر
خلال الفترة من عام ( 1287 هـ) حتى عام (1290هـ) .

في عام (1287هـ) شارك جيش قبيلة بني شهر بقيادة الشيخ فايز بن غرم العسبلي في غزو الأمير محمد بن عائض الذي توجه إلى الحديدة من بلاد اليمن , وكانت يومئذ مركزا ً أساسيا ً لجيوش الأتراك في اليمن , وكان قوام الجيش الذي يقوده ابن عائض خمسة وثلاثين
ألفا ً من القبائل , حيث حاصروا بندر الحديدة الساحلية يريدون فتحها , وحدثت عدة معارك هناك
ثم رجعوا إلى مدينة الزيدية فنهب الجيش أهلها في شهر رمضان عام (1287هـ) .

ومن ضمن الأشياء المنهوبة مكتبة الشيخ محمد بن عبدالله الزواك الحديدي
(وهو من علماء اليمن المشهورين) ثم نقل الرجال من جيش بني شهر
الذين شاركوا في هذه الحملة نقلوا أغلب تلك الكتب والمخطوطات المنتهبة إلى بلاد بني شهر .

بعد ذلك قام العلامة محمد الزواك بالسفر لأبها ل***رجاع كتبه , وأرسل رسالة للشيخ العلامة محمد بن صالح بن إبراهيم الشهري (قاضي ومفتي
قبيلة بني شهر في النماص , وهو من الفقهاء) وقد استعطف فيها مفتي بني شهر في إرجاع أغلى ثروة فقدها , ألا وهي مكتبته , وقد أجابه الشيخ محمد بن صالح بأنه في سبيل البحث عن مصير كتبه فأجابه الشيخ الزواك بالقصيدة التالية نورد منها الشاهد في الموضوع :-

من المرتجي مولاه أرحـم راحـــم ***** محمد الـزواك منسـوب صــائـم
إلى الفاضل الفذ النبيل إبن صالح ***** حليف التقى في نسكه لم يزاحم
وأهدي إليه كلما هـب شمائـــلا ***** ًتحيـة ود ٍ فـي جنـاح الغمــائم
وبعد فقـد وافـى إلـىَّ كتابكـــم ***** على البعد من نجـــد ٍ لغور التهائم
وقد سرني الإخبار عمـا ذكرتـــم***** من البحث عن كتبي لدى كل غانم
عســـاهم بتوفيـق الإلـه يبـادروا ***** بما عندهم كالمسلميـن الأكـارم
فقل (لبني شهـــر) مقالـة مشفـق ***** عليهم ولا تخشـى مــلامـة لائـم
عـلام حبستم كتبنـا فـي دياركـم ***** ولم تخشـوا من موبقـات المآثـم
وكانت ظنوني لن تـرد لأهلهــــا ***** سريعا ً ومن يحتازها غير كاتـم
فنحن أنـاس مسلمـــون ومالنـا ***** حـــــرام بنص مالـه مـن مصـادم


إلخ القصيدة ...

وقد أعاد الكتب الشيخ الفاضل محمد بن صالح بن إبراهيم الشهري لصاحبها بما عرف عنه من الاستعطاف في نصرة المظلوم وإعادة الحق المغتصب , بالإضافة إلى ماكان يقوم به من أعمال جليلة من تدريس القرآن الكريم , ونشر العلم والوعظ والإرشاد والإفتاء بين الناس رحمه الله .

كما ذكرت كان قائد جيش بني شهر هو الشيخ فايز بن غرم العسبلي , وكان من أشد المشجعين للأمير محمد بن عائض على غزو اليمن , وذلك لأسباب لم تذكرها المصادر والوثائق .

بعد ذلك لم يستمر الشيخ فايز بن غرم العسبلي مع ابن عائض في محاصرة الحديدة بل ذهب لمقابلة رديف باشا الذي جاء عن طريق القنفذة بجيش كبير لأجل مساعدة القوات التركية في اليمن ضد الأمير محمد بن عائض , لهدف التوصل معه إلى إتفاقية أو صلح معين , فذهب حتى قابل رديف باشا الذي كان بصحبته ولد بنت الشيخ فايز بن غرم العسبلي , الشريف عبدالله بن محمد بن عبدالمعين بن عون - شريف مكة - وعند المقابلة بين الشيخ فايز بن غرم العسبلي والقائد التركي رديف باشا ماكان من الأخير إلا أن أعتقل الشيخ فايز العسبلي ومضى في طريقة للذهاب إلى أبها لمحاصرتها , وفي تلك الظروف لم يكن بوسع الأمير محمد بن عائض إلا أن يعود مسرعا ً من اليمن إلى أبها لكي يدافع عنها , وأثناء ذلك قام الشريف عبدالله بن محمد بن عون بالتوسط إلى القائد التركي رديف باشا على أن يطلق جده الشيخ فايز بن غرم العسبلي من الاعتقال , إلا أن القائد التركي رديف باشا رفض فلم يكن بوسع الشريف عبدالله إلا الانفصال عن محاربة ابن عائض في عسير , والقصد من اعتقال الشيخ فايز بن غرم العسبلي هو من أجل
الضغط على قبيلة بني شهر ومنعها من الاعتراض للجيش التركي ومحاربته حتى يتمكن من الوصول إلى أبها بسلام , وقد استطاع الأمير محمد بن عائض الرجوع إلى أبها قبل أن يصلها القائد التركي رديف باشا ولكن عندما وصل رديف باشا إليها في عام ( 1289هـ) حاصر ابن عائض بها ثم اسقط المدينة في حين أن الأمير محمد بن عائض فر هاربا ً مع عدد من شيوخ القبائل إلى ريدة , فتعقبه القائد العثماني رديف باشا حتى ألقى القبض عليه وقتله مع مايزيد عن خمسة وثلاثين من شيوخ القبائل .

أما الشيخ فايز بن غرم العسبلي فلم يكن من ضمن الذين قتلهم رديف باشا لكنه أرسله مع ما يزيد عن ستمائة أسير من أعيان القبائل وشيوخها إلى الأستانة (العاصمة العثمانية مدينة اسطنبول) فاستقبلهم السلطان العثماني عبدالعزيز بن محمود فأكرمهم وبقي الشيخ فايز بن غرم العسبلي بالأستانة مايقرب من خمس سنوات , بعدها تم اطلاق سراحه هو والأسرى وعاد إلى مسقط رأسه مدينة النماص رحمه الله .



( معركة تحرير النماص عام (1289هـ) )


ذكرنا أن القوات التركية حاصرت الأمير محمد بن عائض وتم قتله رحمه الله وسقطت ريدة , وكان أخوه الأمير ناصر بن عائض يرابط في أبها ثم تمكن من مقاتلة الترك في بلدة السقا وأحرز أنتصار عليهم , إلا أن الترك استطاعوا أن يزيلوهم عن مواقعهم , وفي هذا الوقت وصلت أخبار
إلى أبها أن الترك قد تمركزوا في النماص ولم تستطع القبائل شمال النماص من إيقافهم , وهم يوالوا زحفهم نحو أبها , فترك محاربين بني شهر الموجودون في أبها مراكزهم وتوجهوا إلى بلادهم النماص لصد المعتدين, واستطاعوا التخلص من الحصار وساروا عن طريق وادي مشيع فالعرين فبلاد بني مالك فبلاد بللحمر وبللسمر وقاموا بتنظيم صفوفهم في تنومة وبادروا بالهجوم على القوات التركية في النماص واستبسل أبناء بني شهر في الدفاع عن بلادهم وقضوا على القوة التركية في النماص وذلك في عام (1289هـ) .




المصادر //

1- كتاب النماص (من ص 98 إلى ص 103) لمؤلفه عبدالله بن ظافر القشيري الشهري .
2- بلاد بني شهر وبني عمرو خلال القرن 13 و 14 الهجري
(ص 56 و 57) لمؤلفه الدكتور غيثان بن جريس الشهري .
3- شذا العبير (ص 314 - 315 - 316 - 317) لمؤلفه هاشم بن سعيد النعمي .
4- كتاب عسير لمؤلفه محمود شاكر (ص 224) .
5- الوجيز في تاريخ وجغرافية بلاد بني شهر لمؤلفه فايز بن سالم العميري الشهري .

يقول الشاعر الغويد الغامدي :-

يا سلامي عليكم يا بني شهر يـا نـور البـلاد
يا بني شهر شورة لرض و احلى شروز في بلدنا
واهل المـدح والجـودات فـي قريـة وآلا بلـد
قالوا انحن رجال الحجر وايضا رجال الحجر منـا
في نهار الشقى والهود ما يردع الحجـري ميـه


ويقول شاعرنا الحالي سعد بن جري في قصيدته شهــر بن نصــرا :-


أنا من بني شهـر والعـز بـــــالله
بنا تلقح عقــــول إنـس وجانـي

أنا من بني شهر ( شهر بن نصرا )
عريبيـن المناسـب والمجانــي