مكانة المرأة في المجتمع العثماني



توصف الدولة العثمانية من قبل مؤرخين بأنها دولة عادلة عاش في ظلها العديد من القوميات والأديان، ولم يقع فيها يومًا ظلم أو إقصاء تجاههم. وتؤكد وثائق تاريخية أن القوميات غير التركية وغير المسلمة حظيت بحقوق متساوية مع الأتراك والمسلمين، بل وتمتعت بفرص عمل فاقت فرص الفئات الأخرى.
وبالتطرّق إلى وضع المرأة في الدولة العثمانية، فالمعلومات التاريخية الخاصة بذلك نادرة، إذ أن قليلًا من المؤرخين والكُتاب تطرّقوا إلى هذا الموضوع، نظرًا لحساسية وضع المرأة التي كانت لها مكانة قيّمة، والتي نادرًا ما كانت تختلط بالرجال في المجتمع العثماني.
في هذا السياق، أوردت صحيفة "صباح" التركية، في تقريرها "النساء العثمانيات"، أن فريقها تمكن من التوصل إلى كتاب في الأرشيف العثماني، يحمل اسم "كادين" أي المرأة، ويتحدث عن دورها في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية داخل الدولة العثمانية، واعتبرت الصحيفة هذا الكتاب فريدًا من نوعه، لعدم توصل أي باحث تاريخي لوثائق عثمانية تتناول حياة المرأة بهذا الشكل التفصيلي.
ووفقًا للصحيفة، فإن الكتاب هو عبارة عن وثائق عثمانية خاصة بشؤون المرأة تم تجميعها من قبل الإدارة العثمانية ومن ثم دمجها في كتاب واحد تحت اسم "المرأة". يتكون الكتاب من 159 وثيقة، وتشمل هذه الوثائق معظم الحقب الزمنية للدولة العثمانية، وذلك لكونها تبدأ في عام 1535 وتمتد حتى عام 1922.
وحسب الصحيفة، فإن السمات الهامة التي اتسمت بها المرأة العثمانية هي كالآتي:
ـ الحياء والعفة
تصف الوثائق العثمانية المرأة بأنها "تاج رأس" الدولة العثمانية الأكبر والأكثر قيمة، مُرجعةً ذلك إلى العفاف والحياء اللذان تتحلى بهما المرأة العثمانية. وتحث الوثائق في كافة عصور الدولة العثمانية، رجال الدولة على تجنب المساس بالمرأة، وبذل كل جهد للحفاظ على عفتها وكرامتها.
ـ الحفاظ على كرامة المرأة
تدعو الوثائق العثمانية إلى عدم التعامل مع العروس على أنها سلعة للبيع، محذرةً من محاولة عرض البنات للزواج مقابل مبلغ مادي غير المهر ومن الضغط على البنات للزواج من شخص بعينه، بل يجب أن تترك لهم الحرية الكاملة لاختيار من يريدون، عملًا بما يقضيه الله عز وجل في شرعه.
ـ دعم تعلّم المرأة للطب
توصي الوثائق المذكورة مواطني الدولة العثمانية بإرسال بناتهم ونسائهم إلى دور الطب، ليصبحن طبيبات أو ممرضات أو صيدليات، وتتعهد الدولة، حسب الوثائق، بالتكفل بكافة مصاريف التعلّم والإقامة الخاصة بهن خلال الدراسة والعمل.
وتشير الوثائق إلى عددٍ من دفاتر الحسابات المتعلقة بإرسال المساعدات المادية إلى النساء العثمانيات اللواتي كن يدرسن الطب في سويسرا في إطار بعثات الدولة.
ـ إعدام المغتصب
كان الهدف الأول للدولة العثمانية هو حماية المرأة وصون كرامتها وعفتها وشرفها، باعتبارها أمانة ربانية ينبغي الحفاظ عليها، ولذلك شرّعت إعدام من يعتدي عليها. ويروي كتاب المرأة قصة إعدام أحد المغتصبين في مدينة "بورصة"، وذلك في بدايات القرن الرابع العشر.
ـ الاعتناء بحقوق المرأة
على خلاف ما يشيعه البعض على أن الدولة العثمانية حرمت المرأة من حقوقها، تلمح الوثائق المذكورة إلى أن الدولة العثمانية أولت أهمية بالغة لحصول المرأة على كافة حقوقها، في قضايا الزواج والطلاق والميراث والعمل والتملك وتأسيس جمعيات ونقابات خاصة بهن وغيرها.
وعلى صعيد مواز، قال المدير العام للأرشيف الدكتور البروفسور "أغور أونال" إن الذي يتهم الدولة العثمانية زورًا وبهتانًا بأنها حرمت المرأة الكثير من الحقوق، واستخدمت المرأة كأداة للمتعة فقط لا غير، ليأتي وينظر إلى الوثائق المتنوعة التي تبرهن على المكانة المميزة التي منحتها الدولة العثمانية للمرأة، واصفةً إياها بالأميرة المتوجة على رأس الجميع.
وأضاف أونال، في لقائه الصحفي مع فريق الصحيفة، أن الأرشيف العثماني مفتوح للجميع، لمن يرغب من التأكد من أي نقطة تخص الدولة العثمانية، معربًا عن استعداد الأرشيف لاستقبال كل زواره بصدر رحب