يحكي أن سيدة عاشت مع أبنها الوحيد في سعادة ورضا حتى جاء الموت واختطف روح الابن.حزنت السيدة جدًا لموت ولدها ولكنها لم تيأس بل ذهبت إلى حكيم القرية وطلبت منه أن يخبرها الوصفة الضرورية لإستعادة إبنها إلى الحياة مهما كانت أو صعبت تلك الوصفة !



أخذ الشيخ الحكيم نفسا عميقا وشرد بذهنه ،
ثم قال: أنت تطلبين وصفة ؟!!!! حسناً.
أحضري لي حبة خردل واحدة بشرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقًا. وبكل همة أخذت السيـدة تدور على بيوت القرية كلها و تبحث عن هدفها حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن مطلقًا.

طرقت السيدة بابًا ففتحت لها امرأة شابة فسألتها السيدة
هل عرف هذا البيت حزنا من قبل ؟ ابتسمت المرأة في مرارة وأجابت وهل عرف بيتي هذا إلا كل حزن ؟ و أخذت تحكي لها أن زوجها توفى منذ سنة و ترك لها أربعة من البنات والبنين ولا مصدر لإعالتهم سوى بيع أثاث الدار الذي لم يتبقى منه إلا القليل ،تأثرت السيدة جدًا و حاولت أن تخفف عنها أحزانها و بنهاية الزيارة صارتا صديقتين ولم ترد أن تدعها تذهب إلا بعد أن وعدتها بزيارة أخرى ، فقد فاتت مدة طويلة منذ أن فتحت قلبها أحد تشتكي له همومها.

و قبل الغروب دخلت السيدة بيت آخر ولها نفس المطلب ولكن الإحباط سرعان ما أصابها عندما علمت من سيدة الدار أن زوجها مريض جدًا و ليس عندها طعام كاف لأطفالها منذ فترة وسرعان ما خطر ببالها أن تساعد هذه السيدة فذهبت إلى السوق واشترت بكل ما معها من نقود طعام و بقول ودقيق وزيت ورجعت إلي سيدة الدار وساعدتها في طبخ وجبة سريعة للأولاد واشتركت معها في إطعامها ثم ودعتها
على أمل زيارتها في مساء اليوم التالي.

و في الصباح أخذت السيدة تطوف من بيت إلى بيت تبحث عن حبة الخردل وطال بحثها لكنها للأسف لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقًا لكي تأخذ من أهله حبة الخردل !

و لأنها كانت طيبة القلب فقد كانت تحاول مساعدة كل بيت تدخله في مشاكله وأفراحه وبمرور الأيام أصبحت السيدة صديقة لكل بيت في القرية ، نسيت تماما إنها كانت تبحث في الأصل على حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن ذابت في مشاكل ومشاعر الآخرين ولم تدرك قط إن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن حتى ولو لم تجد
حبة الخردل التي كانت تبحث عنها فالوصفة السحرية قد أخذتها بالفعل عندما دخلت أول بيت من بيوت القرية.