الأربعاء 5 نيسان 2017 - 10:05 ص
![]()
ام مرتضى تكافح الحياة بمفردات بسيطة
أحمد علي / المربد
مع اشراقة كل صباح، تخرج ام مرتضى شاحبة الوجه لكسب رزقها بطريقة بسيطة تحفها المعاناة من خلال حملها قدرا مملوءاً بالعجين برفقة تنورها الغازي، لتبدأ نهارها بخبز الرغيف على الطريق الرابط بين ساحة الطيران بإتجاه منطقة البراضعية وسط البصرة.
ام مرتضى، ارملة خمسينية قادمة من بغداد، اتخذت من البصرة موطنا لها، لتكافح الحياة بنيل لقمة عيشها من مشروعها الصغير والتي اسسته على احد ارصفة ذلك الطريق.
مكان عملها، بات شاخصا يلفت الناظرين وتجلبهم رائحة خبزها الطيبة المنبعثة من التنور الحديدي، في مشهد يجسد اصرار امرأة عصامية تعمل جاهدة لتطعم عائلتها دون الاستعانة بمد يد السؤال.
وقفنا قربها قليلاً، وقد قد تناثرت حولها ارغفة الخبز الاسمر وكأنه معرض صغير يعود بالذكريات الى ماضي العراق وتراثه، خبز تفوح منه رائحة المشقة لام تعمل في اجواء متربة حارة وقد التحفت بعبائتها السوداء المحمرة من الشمس ويحمل وجهها الشاحب اثار التعب.
تقول للمربد أنها تسكن مع اقاربها الذين يحرسون احدى الابنية (كعمل لهم) فيما يرافقهم اولادها لتقضية الوقت كونهم عاطلين عن العمل، مضيفة بالقول "كل همي وفكري هو الحفاظ على اولادي الصغار من تقلب الايام وشرورها، واصر على بقائهم جالسين احيانا بالقرب مني كي لايصيبهم ضرر".
وتتحدث عن املها بان يكون ذلك المشروع نقطة انطلاقة ناجحة لاعالة عائلتها وتوفير لقمة العيش لهم، مبينة ان قيمة 7 ارغفة من خبزها هي الف دينار فقط.
وتشير الى أنها تسعى لتضاعف اعداد الخبز من خلال جلب اكبر عدد من الزبائن، لتحقق نسبة بيع جيدة تساهم برفع ربحها الذي لا يسد حاجة المنزل وحياتها اليومية البسيطة.
والى جانب خشية تعرض اولادها من الشر المجهول، تتحدث للمربد عن هموم اخرى تتمثل بارتفاع اسعار الطحين التي تكدر عليها خططها في كسب الرزق، مبينة انها تربح بكيس الخبز الواحد 13 الف دينار وهو ربح غير كاف على حد قولها، فهو لا يوفر لها حاجتها اليومية لعائلتها التي تنظر لها كمعيل وحد، وينتظرونها مع وقت الظهيرة لتعود وقد كسبت رزقاً .. لكن ليس بالوفير.
زبائنها يعتبرون تضارب كفيها على العجين اثناء خبزه، نغمة سعيدة جالبة للحظ كما انها ايقاعات تذكرهم بأمهاتهم اللائي رحلن عن الدنيا وتركن الذكريات الجميلة التي لا تسنى.
التقينا بصاحب التاكسي ابو عقيل، وهو احد زبائنها وقال للمربد انه يشجع ام مرتضى على العمل بثقة عالية وشرف من اجل توفير المال لأولادها، مضيفأ انه سيساهم في تصريف بيعها للخبز بسرعة من خلال ابلاغ أصدقائه عنها لشراء الخبز مع كل صباح.
آخرون وصفوفها بأنموذج لامرأة مكافحة تعمل بشرف بعيدا كل البعد عن مجالات لا تخلف سوى الذل، حسب وصفهم.
ولا يكاد ابو احمد وهو احد اهالي المنطقة ان يتخلف يوما عن الشراء منها، مبينا للمربد "انه يسعد حين النظر لامرأة بعمرها تعمل جاهدة لان تجلب لقمة العيش بكرامة".
ويطالب هؤلاء الزبائن الجهات المعنية والحكومية بالاهتمام بأم مرتضى من خلال توفير العيش الكريم لها بدلاً من العمل في الشارع الذي لا تضمن تقلباته من الرياح والجو القاسي فضلا عن الاتربة في الصيف والمطر والعواصف ايام الشتاء.