ولست أرى السعادة جمع مال . . . ولكن التقيّ هو السعيد
خلق الله العباد . . روحاً وجسد . .
فالجسد من تراب والروح نفخة من الرحمن . .
وسعادة الجسد فيما يصلحه من طعام وشراب وصحة وعافية .
.
وسعادة الروح فيما يصلحها من دين وأدب . .
ولأن الجسد مخلوق من تراب .. فما يصلحه ملتصق بالتراب !!
ولأن الروح نفخة من الرحمن فلا يصلحها إلاّ ما كان من جهته . . .
" وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا "
فالروح لا تسعد إلاّ بالروح !!
ومن أسعد جسده ولم يسعد روحه فهو الشقيّ !!
والسعيد من يجتهد في إسعاد روحه . .
يا متعب الجسم كم تسعى لخدمته : : : أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها : : فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
الإبتلاءات قد تتعب الجسد . .
لكنها تسمو بالروح .. ( هكذا هي حياة المؤمن ) .
وقد كان يقولها الإمام العلامة ابن باز رحمه الله :
يا بني إذا تلذّذت الروح لا يبالي الجسد بالتعب !!
فما ألذّ السعادة . .
حين تشرق الروح بالأنوار . .
وتتألّق بفيوضات بالأسرار . .
يقول الله عز وجل
{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } (7) سورة الروم
وهذا ما يلتبس على كثير من الناس اليوم ، فيظن الكثير أن السعادة هي في علوم الحياة الدنيا من التكنولوجيا والتطور والتحرر التي وصل إليها الغرب ، والذي ينظر بعين بصيرة إلى حياتهم يجد أن حياتهم ليس فيها طعم سعادة حقيقية أو وهمية حتى ...
الابن لا يعرف امه التي تعيش في الريف بصحبة كلب إلا في العيد الأم إن تذكرها فيرسل لها وردة
حياة عهر وصخب وتحرر ... ووالله الذي لا إله إلا هو إنهم لفي حياة ضنك وإن ضحكوا علينا بابتساماتهم الصفراء في شاشات الإعلام وعلى صفحات الجرائد ألم يقل الله {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (124) سورة طـه
حتى المسلم العاصي المعرض عن ذكر الله فإنه يجد من الضنك بقدر بعده عن الله ...
أما المؤمن الحق فوالله ليجدن السعادة الحقة في مصلاه ، وبين صفحات مصحفة وعند مناجاته لربه ،،،
والفقر وعدم الزواج والمشاكل التي تصيب الإنسان في الدنيا في ظني أنها ليست مقياس للسعادة ولك أن تنظر إلى أسعد من وطأ الثرى صلى الله عليهم وسلم ، فولد يتيماً وسبه المشكرون وشتموه اتهموه بالجنون ، حاصروه في الشعب ثم طردوه ، ومع ذلك كان فهو سيد السعداء صلى الله عليه وسلم ، سعادة يجدها ويتذوقها عندما كان يصف قدميه في المحراب حتى تتشقق ..
ومن تأمل السعادة في أسبابها وجد لديه الكثير منها .
عيبنا أننا نبحث عما ينقصنا وإن كان قدراً مقدوراً
ونغفل عما بين أيدينا من نعم
ابحث عن السعادة في المقابر تجد أنك حي ترزق
ابحث عنها في المشافي تجد أنك صحيح معافى
انظر إلى من ضل وانكب على وجهه تجد أنك تمشي على صراط مستقيم .
[ وقليل من عبادي الشكور ]
نمضي وقتنا في انتظار وأسف على ما مضى وانقضى
رب ليل بكيت منه **** فلما صرت في غيره بكيت عليه
ننسى أن نتنعم بما نملك من أسباب السعادة
وحين نلمس سبباً للسعادة نعلق به فيفقد توازننا فتمسي سعادتنا تعاسة
أحياناً نحذف أنفسنا من قائمة السعداء ، فتغدو حياتنا سلسلة من المآسي بما كسبته أيدينا !
السعاده فرحة بالطاعة ، وتبصر بالنعم التي نملكها واستثمار لها وحسن ظن بالله واستغلال لما في الكون من ذخائر وتوازن بين المطالب وتواصل مع أهل النوائب