كل ما تودّين معرفته حول الولادة بدون ألم
تعتبر آلام وضع الجنين من أقسى التجارب في حياة كل أم، حيث توصل الطب الحديث إلى عدة وسائل للتعامل مع آلام الولادة، فهل أصبح من الممكن فعلياً القضاء على آلام الولادة نهائياً وإنهاء معاناتها
وتنقسم آلام الولادة إلى مرحلتين؛ المرحلة الأولى من الآلام تبدأ مع بداية الطلق (انقباضات الرحم لدفع الجنين)، ويكون سببها الاتساع التدريجي الذي يحدث في عنق الرحم، تمهيدا لنزول الطفل، ويكون الألم في هذه المرحلة متركزا في منطقة الظهر. أما المرحلة الثانية من الولادة، تكون الآلام في منطقة العجان، وسببها توسع قناة المهبل مع عبور الطفل خلالها.
توجد وسيلتان للحصول على ولادة بدون ألم؛ فالوسيلة الأولى هي التخدير النصفي (وشهرته إبيديورال) عن طريق تركيب قسطرة في الظهر، وحقن المخدر من خلالها في منطقة تجمع الأعصاب حول العمود الفقرى. أما الوسيلة الأخرى هي التخدير الكلي عن طريق حقن المخدر في الوريد في مرحلة الوضع الأخيرة.
ويتميز التخدير الكلي بأنه أقل في التكلفة ولا يحتاج إلى مهارة خاصة. أما عيوبه فهي بأنه يكون في المرحلة الأخيرة فقط من الولادة، لذلك فهو لا يقضي إلا على النصف ساعة الأخيرة من الألم عند نزول الطفل، وعند مرحلة بضع الفرج (الشق الجراحى لتوسيع قناة المهبل ويعرف بالإبيزيوتومي episiotomy)، كما يصاحبه فقدان كامل للوعي خلال فترة التخدير.
أما التخدير النصفي، فيتميز بالقضاء تماما على آلام الولادة بمرحلتيها، الاحتفاظ بدرجة الوعي عند المريضة، بل وقدرتها على الحركة، لأن المخدر يصل فقط إلى الأعصاب المسؤولة عن آلام الولادة دون باقي الأعصاب، ويمكن إعطاء جرعات إضافية لتسكين الألم في فترة ما بعد الولادة عن طريق القسطرة الموجودة في ظهر المريضة. وعيب هذا النوع من التخدير بأنه يحتاج إلى مهارة تخديرية كبيرة، وفي حالة حدوث أي خطأ أثناء تركيب القسطرة قد تعاني المريضة من الصداع عدة أيام، لذلك ينبغى عند اختيار هذا النوع من التخدير أن يقوم بإعطائه طبيب تخدير ذو خبرة وسمعة جيدة في هذا المجال. أما العيب الآخر للتخدير النصفي هو تكلفة القسطرة المستخدمة ومستلزمات تركيبها، وهي مرتفعة نسبيا.
في مثل هذه الحالات يكون التخدير الكلي هو المتاح، لأن التخدير النصفي يحتاج إلى وجود المريضة في المستشفى قبل الولادة بفترة كافية؛ ذلك أن تركيب القسطرة يحتاج إلى 15 دقيقة في المتوسط، ثم عشر دقائق أخرى بعد حقن المخدر كي يبدأ تأثيره.
ومن الجدير بالذكر، أنه من المنطقي جدا أن تتخوف السيدة (والرجل أيضا) من أخذ حقنة في منتصف الظهر، لكن على كل سيدة أن تعرف أن هذا النوع من التخدير أفضل بكثير، وأكثر أمانا من التخدير الكلي الذي يفقد المريضة الوعي، والسيطرة على ممرات الهواء، ولا يضيع إلا آلام المرحلة الأخيرة من الولادة فقط. كما أنه في حالات الولادة بدون ألم بالذات، لا يوجد بديل للتخدير النصفي حتى الآن بنفس الكفاءة.
وقد تشعر المريضة ببعض الثقل وصعوبة الحركة لعدة ساعات بعد الولادة، حيث ينبغي على الطبيب المعالج التأكد من تفريغ المثانة من البول بعد الولادة، لأنها قد تمتلئ بالبول مع عدم شعور المريضة بالرغبة في التبول، وإبطاء عملية الولادة في بعض الأحيان لأن عدم شعور المريضة بآلام الطلق قد يؤدي إلى تعطيل قيامها بكتم النفس ودفع الطفل إلى أسفل.
ويمكن للمريضة تناول الطعام بصورة عادية جدا بعد الولادة، سواء كان التخدير نصفيا أو كليا، ولا يوجد أي تأثير لأدوية التخدير على الرضاعة.
ومن الجدير بالذكر، أنه لا توجد أي موانع طبية في الأمراض الشائعة (مثل الضغط و السكر وغيرها) لأخذ التخدير سواء نصفياً أو كلياً، وتوجد بالطبع بعض الموانع مثل حالات سيولة الدم، والضعف الشديد فى عضلة القلب، لكن هذه الحالات يندر وجودها في هذه المرحلة السنية.