“إنه مرض الأذكياء والمثقفين ..وكذلك فهو مرض هؤلاء الذين لم يعرف الشر طريقه إلى قلوبهم”. عبارة يصف بها الدكتور عادل صادق، الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب هذا المرض الذي ربما مررت بنوباته يوماً أو خالطت أحد المصابين به.
هذا المرض النبيل الذي يصيب أكثر من 350 مليون شخص حول العالم ويعاني منه نحو 10% من الأشخاص في العالم العربي.. هو الاكتئاب!
في هذا الموضوع تصحبكم “هافينغتون بوست عربي” في جولة للتعرف على المرض وفهمه للدخول معه في صداقة تساهم في تجاوزه وتخفيف آثاره.
كن طبيب نفسك.. تعرّف على أنواع الاكتئاب
في العادة، يحتاج الاكتئاب إلى متابعة الطبيب المختص، لكن يمكنك بشكل عام التعرف على أنواع الاكتئاب وملاحظة حالتك وأعراضك الخاصة
1- الاكتئاب الشديد: هو عدم الرغبة في ممارسة أي نشاط وتدني الحالة المزاجية بشكل سريع، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية والعمل أحياناً.
2- المَلَنْخُولْيَا السوداء: وهو مصطلح يستخدم لوصف الحالات المتطوّرة، وأحد أعراضه الرئيسية أن المريض يتحرك ببطء أكثر، ويفقد متعته في كل شيء تقريباً.
3- الاكتئاب الذهني: أحياناً يفقد المرضى في هذه المرحلة الاتصال مع الواقع مثل الاعتقاد بأنهم مراقبون من كل من حولهم وأن كل حدث سيء لهم أو لمن حولهم يكونون هم السبب فيه، أو أن الجميع ضدهم.
4- اكتئاب ما قبل وبعد الولادة: تكون النساء في خطر متزايد في مرحلة الحمل والولادة من الإصابة بالاكتئاب وهي حالة شائعة تصاحب 80% من السيدات وهي حالة تتعلق بتغيير هرمونات الجسم والتكيف مع “الحمل أو طفل جديد” وتؤثر على علاقة الأم بطفلها أو شريكها ومن حولها.
5- الاضطراب ثنائي القطب: يسمى عادة بـ “الاكتئاب الجنوني”، وفيه يتأرجح المريض بين الاكتئاب وفقدان النشاط، وبين الهوس وفرط النشاط، وبينهما أوقات من المزاج المعتدل.
ويتميز بالحاجة لفترات كبيرة من النوم وسرعة الإحباط.
6- الاكتئاب الجزئي: وأعراضه مماثلة للاكتئاب الشديد ولكنه يكون على فترة أطول.
7- اضطرابات عاطفية موسمية: وهو الذي يصاحب فصل الشتاء مثلاً ويختفي بانتهائه، وتكون أعراضه نقص في الطاقة والنوم الكثير والميول إلى تناول الكثير من الكربوهيدرات.
كيف يمكنك أن تتعامل وحدك مع أعراض الاكتئاب المبكرة؟
الاعتماد على الرعاية الطبية وحدها ربما لا يكون كافياً في كل مراحل الاكتئاب، لذا فمن الأفضل أن نتعلم الاعتناء بأنفسنا خاصة في الأطوار المبكرة للاكتئاب
وإليك بعض الخطوات التي قد تمكنك من السيطرة على الأمر أو تجنب آثاره:
1- حاول أن تعيش حياة بسيطة ولا تعقّد أي أمر على نفسك.
2- دوّن دوماً عن ما يُسعدك وعندما تكتئب افتح هذه المذكرة واقرأ، قد تشعر بالسعادة، وقد تتغلب على شعور عدم الفائدة المصاحب عادة للاكتئاب.
3- حاول أن تحيط نفسك بأصدقاء جيدين تحبهم فلا يتخلوا عنك وقت احتياجك لهم.
4- تعلم كيف تدير مجهودك وتسترخي وقت الحاجة فلا تبذل الكثير من الوقت والجهد في شيء لا يستحق.
5- نظّم وقتك لكي تشعر بالإنجاز، واجعل لكل شيء وقت محدد.
6- استمع إلى موسيقى ذات إيقاع مبهج تكون محببة إليك.
7- اقرأ عن الاكتئاب وأعراضه وطرق علاجه لتكون على دراية به.
هذه الأشياء قد تزعج صديقك المكتئب.. احذرها!
ليس بالضرورة أن تكون معرضاً للاكتئاب لتعرف عنه، ربما يكون أحد أصدقائك أو معارفك مصاباً به، أو معرضاً له، ولذلك فهناك عدة أمور يجب عليك وضعها في الاعتبار :
1) لا تطالب المكتئب بالخروج من الأزمة ولا تجبره على ذلك:
ضع في اعتبارك دائماً أن الاكتئاب مرض جسماني عصبي في جزء كبير منه، وغالباً ما يكون الأمر خارج سيطرة المريض.
تعد جملة “يجب أن تخرج من هذه الحالة والتغلب عليها” واحدة من أخطر الجمل التي يمكنك أن توجهها لصديقك المكتئب، ذلك لأنه يعاني من انعدام الرغبة في المشاركة فيما يحدث حوله ويكتفي فقط بالمشاهدة، أي أنه في حالة ما بين الحياة واللا حياة، كما أنه دائم اللوم لنفسه ولأفعاله التي ربما يرى أنها تؤذي من حوله، وبالتالي توجيه مثل هذه الجملة إليه يؤكد الشعور بعدم جدوى حياته والمساهمة بالتالي في خفض معنوياته وزيادة حالة الاكتئاب سوءاً.
2) لا تفتعل المرح وإلقاء النكات:
هذه الوسيلة ربما تأتي بنتائج إيجابية مع من يعاني من حالة عابرة من الاكتئاب الخفيف، أما في حالة الاكتئاب الحاد فهي تُزيد حالته سوءاً وتعزز لديه الشعور بالعجز، في حين أن المكتئب في حاجة إلى إبداء الآخرين تفهمهم لحالته والاعتراف بها، أما إلقاء النكات فيعطيه إحساساً بالإنكار لهذه الحالة والتغاضي عنها، مما يزيده إحباطاً وعزلة.
3) لا تحاول تصحيح وجهات نظره المتشائمة والهدامة:
يميل المكتئب إلى الأشياء السلبية مثل التشاؤم، والغضب، ونظرتهم الهدامة إلى أنفسهم وإلى الآخرين، وهي كلها طاقة ميكانيكية ومشاعر سلبية يصعب تغييرها أو تصحيح مسارها من خلال محاولتك لإقناع صديقك بإثنائه عنها، فهذه الطاقات السلبية تحتاج أولاً إلى إزالتها.
هؤلاء نجحوا في العبور من أزمتهم
لا تيأس، فتجاوز الاكتئاب والتعافي منه ليس مستحيلاً، وهذه قصص بعض من نجحوا في عبور هذه التجربة الصعبة:
1- التون جون: فنان الموسيقي واسع الانتشار عانى كذلك من الشره المرضي وإدمان المخدرات، كما عانى من حالة إنكار وعدم اعتراف بأنه يعاني من مشكلة. لكنه استطاع تجاوزها بل ومساعدة الآخرين في ذلك
2- جيم كاري: وعانى الممثل الكوميدي المعروف من الاكتئاب الحاد أكثر من مرة خلال مساره الفني، حيث اعترف سنة 2009 بأنه مر بأوقات صعبة اضطرته لأخذ العقاقير الطبية، لكنه خرج من أزمته وهو اليوم يعيش حياته بدون أدوية.
3- جان كلود فاندام: وقال جان عبر برنامج لاري كينغ سنة 2002، إن “كل شي قد تم حله بمجرد اعترافي بأني أحتاج إلى المساعدة” وكان مصاباً باضطراب ثنائي القطبين، حينها دخل مركزا لإعادة التأهيل وشفي، وهو يعيش حياة مستقرة الآن.
4- كاثرين زيتا جونز: كانت مصابة باضطراب ثنائي القطبين وهو عبارة عن نوبات من الكآبة الشديدة ثم تغلّبت على نفسها بفضل زوجها كما ذكرت.
5- ونتورث ميلر: بطل المسلسل الشهير Prison Break عانى من فترات طويلة من الاكتئاب تسببت في زيادة وزنه كما تشير الصورة الشهيرة التي التقطت له خلسة في 2010 ليحكي بعدها عن قصته مع الاكتئاب وكيف تخلص منه. يمكنك قراءة قصته على “هافينغتون بوست عربي”.
وشاهد رسالة ونتورث ميلر، وتأكد أن هناك أملاً في تجاوز الأزمة وفي مساعدة غيرك على تجاوزها.