د.حميد عبدالله
كلام الناس
في ملفّات وزارة الماليّة وثيقة فيها من العبرة مايدعو إلى أن نتأمّلها كلّ يوم، لنعرف أين كنّا وكيف أصبحنا!
تقول الوثيقة، أنّ الجّهات الرّقابيّة أثبتت أنّ الباشا نوري سعيد تجاوز سقف الصّرفيّات المخصّصة له خلال أحد إيفاداته ، وصرف مبلغا قدره 100 فلس خارج الضّوابط والتّعليمات !
ربّما كانت المئة فلس قيمة عشاء، أو مرطّبات طلبها الباشا لأحد ضيوفه في الفندق الّذي يقيم فيه، لكنّها بالتّأكيد لم تكن قيمة صفقة فاسدة ، أو عقد وهمي، أو هديّة من النّوع النّادر جلبها الباشا معه لإحدى صديقاته ،أو خصّ بها مقاولا متكرّشا بينهما خصوصيّات، ومحرّمات تحت الطّاولة أو بجانبها، لكن ليس فوقها بكلّ الأحوال كما يحدث اليوم!
كذلك فإنّ مجلس قيادة الثّورة المنحل أصدر قرارا أطفأ بموجبه دينا بذمّة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم عن فواتير هاتف منزلي لم يسدّدها قاسم بسبب مشاغله، أو ربّما قرّر تسديدها في اليوم الّذي أطيح به، لكنّ القدر عاجله ليرحل عن هذه الدّنيا وهو مدين وليس دائنا.. لكنّنا في جميع الأحوال نبقى مدينين له بنزاهة اليد، ونظافة الضّمير، وهذا أقلّ مايمكن أن يُقال عنه وعن جيله من ساسة ذلك الزّمان، الّذين لايمكن أن يوصفوا إلا بأنّهم أنقياء، وشرفاء، وصادقون !
100 فلس فقط في ذمّة نوري السّعيد، وبضعة دنانير في ذمّة عبد الكريم قاسم، فكم بذمّتكم أيّها السياسيّون الجّدد ؟!