بسم الله الرحمن الرحيم
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ .
صدق الله العلي العظيم
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه ، في هذه الساعة وفي كل ساعة ، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً ، حتى تسكنه أرضك طوعاً ، وتمتعه فيها طويلاً.
نبارك للأمة الإسلامية ولادة المهدي المنتظر الموعود ، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين ، ونخص بالتبريك المؤمنين من أتباع أهل البيت الطاهرين عليهم السلام.
أيها الإخوة المؤمنون:
إن العقيدة بالإمام المهدي (عج) عقيدة قرآنية ، وبشارة نبوية ، أجمع عليها المسلمون ، فقد بين القرآن الكريم مستقبل المجتمع البشري حسب السنن التي تحكم مسيرته ، وبشر بدولة العدل الإلهي العالمية ، فقال عز وجل : وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ . وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ؟
قال الإمام الصادق (ع) قال: نزلت في القائم وأصحابه. (غيبة النعماني/240).
وقال عز وجل: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، هو الإمام الذي يظهره الله على الدين كله فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .
قال القمي في تفسيره:2/317: هو الإمام الذي يظهره الله على الدين كله فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .
وفي تفسير الفخر الرازي:16/40: «عن أبي هريرة أنه قال: هذا وعد من الله بأنه تعالى يجعل الإسلام عالياً على جميع الأديان ، ثم قال الراوي: وتمام هذا إنما يحصل عند خروج عيسى ، وقال السدي: ذلك عند خروج المهدي لا يبقى أحد إلا دخل في الإسلام ».
كما بشر النبي (ص) بدولة العدل الإلهي على يد ولده الإمام المهدي (عج) في مناسبات عديدة ، وقد روت أحاديثه في ذلك مصادر السنة والشيعة .
قال حذيفة رضي الله عنه: خطبنا رسول الله (ص) فذكرنا رسول الله بما هو كائن ، ثم قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال يارسول الله من أي ولدك؟ قال من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين» . (عقد الدررللسلمي /24 ، وصفة المهدي لأبي نعيم ، وذخائر العقبى/136 ،وفرائد السمطين:2/325 ).
وفي والعرف الوردي للسيوطي:2/2 ، عن حذيفة قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: ويحُ هذه الأمة من ملوك جبابرة كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم ، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفرُّ منهم بقلبه . فإذا أراد الله عز وجل أن يعيد الإسلام عزيزاً قصم كل جبار ، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها . فقال (ع) : يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي ، تجري الملاحم على يديه ، ويُظهر الإسلام ، لايخلف وعده ، وهو سريع الحساب .
إن احتفالنا بيوم النصف من شعبان يعني أنا نؤمن بوعد الله تعالى وبشارة نبيه (ص) ، ونؤمن بإمامنا المهدي الموعود المذخور من ربه لإقامة دولة العدل العالمية ، صلوات الله عليه وعجل فرجه الشريف وفرج العالم به .
وفي هذه المناسبة ينبغي للمؤمن أن يفرح بهذه النعمة الربانية ، ويشكر الله تعالى على توفيقه لولاية وليه الأعظم أرواحنا فداه ، ويكون من المنتظرين المقبولين عند الله تعالى ورسوله وإمام زمانه (عج) .
والإنتظار الصحيح يعني أن يؤدي المؤمن ما عليه من واجبات ، ويترك ما نهاه الله عنه من محرمات ، وأن يتعرف على معالم دينه وعقائده ، ويتفقه في دينه فيتعلم أحكامه التي يحتاج اليها .
فالإنتظار يعنى الأمل والتهيؤ والإستعداد لظهور الإمام (عج) والحرص على أن يكون مقبولاً عنده ، بحيث إذا ظهر يقبله من شيعته وأنصاره ومواليه .
ومن آداب الإنتظار:
1. الإحتفال بليلة الخامس عشر من شعبان ويومها ، بإقامة مجالس المولد وبيان أحاديث الإمام (عج) ومقامه وصفاته .
2. إحياء ليلة النصف من شعبان بتلاوة القرآن والعبادة والدعاء والزيارة .
3.الأدعية الخاصة بالمناسبة ، والدعاء للإمام (عج) كدعاء الفرج والندبة ، وغيرها .
4. الصدقة على الفقراء بنية سلامة الإمام (عج).
6. دعاء التوسل بالنبي (ص) والأئمة (ع) وإمام الزمان (عج) لدفع البلايا وقضاء الحاجات .
7. التسليم لأمر الله تعالى وعدم الإستعجال والإعتراض عليه عز وجل لتأخيرالظهور .
وهذه بعض الأدعية للمناسبة:
دعاء الإمام زين العابدين (ع) كما في الصحيفة السجادية/250:
«ربِّ صل على أطائب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك، وجعلتهم خَزَنةَ علمك وحَفَظةَ دينك وخلفاءك في أرضك وحججك على عبادك ، وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيراً بإرادتك ، وجعلتهم الوسيلة إليك والمسلك إلى جنتك .
ربِّ صل على محمد وآله صلاةً تُجْزِلُ لهم بها من نِحلك وكرامتك، وتكمل لهم الأشياء من عطاياك ونوافلك، وتوفر عليهم الحظ من عوائدك وفوائدك .
ربِّ صل عليه وعليهم صلاة لا أمَد في أولها ولا غاية لأمدها ولا نهاية لآخرها . ربِّ صل عليهم زِنَةَ عرشك وما دونه ومِلْءَ سمواتك وما فوقهن ، وعدد أرضيك وما تحتهن وما بينهن، صلاةً تقربهم منك زلفى وتكون لك ولهم رضاً ، متصلة بنظائرهن أبداً .
اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علماً لعبادك ومناراً في بلادك، بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة إلى رضوانك ، وافترضت طاعته وحذرت معصيته ، وأمرت بامتثال أمره والإنتهاء عند نهيه وألا يتقدمه متقدم ولا يتأخر عنه متأخر ، فهو عصمة اللائذين وكهف المؤمنين وعروة المتمسكين وبهاء العالمين. اللهم فأوزع لوليك شكر ما أنعمت به عليه وأوزعنا مثله فيه ، وآته من لدنك سلطاناً نصيراً وافتح له فتحاً يسيراً ، وأعنه بركنك الأعز واشدد أزره وقوِّ عضده، وراعه بعينك واحمه بحفظك وانصره بملائكتك وامدده بجندك الأغلب ، وأقم به كتابك وحدودك وشرائعك وسنن رسولك صلواتك اللهم عليه وآله ، وأحْيِ به ما أماته الظالمون من معالم دينك واجْلُ به صدأ الجور عن طريقتك ، وأَبِنْ به الضرِّاء من سبيلك، وأزل به الناكبين عن صراطك ، وامحق به بغاة قصدك عوجاً، وألن جانبه لأوليائك وابسط يده على أعدائك ، وهب لنا رأفته ورحمته وتعطفه وتحننه، واجعلنا له سامعين مطيعين وفي رضاه ساعين وإلى نصرته والمدافعة عنه مكنفين ، وإليك وإلى رسولك صلواتك اللهم عليه وآله بذلك متقربين . اللهم وصل على أوليائهم المعترفين بمقامهم ، المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم ، المستمسكين بعروتهم المتمسكين بولايتهم المؤتمين بإمامتهم ، المسلِّمين لأمرهم ، المجتهدين في طاعتهم ، المنتظرين أيامهم ، المادين إليهم أعينهم ، الصلوات المباركات الزاكيات الناميات الغاديات الرائحات ، وسلم عليهم وعلى أرواحهم واجمع على التقوى أمرهم ، وأصلح لهم شؤونهم وتب عليهم إنك أنت التواب الرحيم وخير الغافرين ، واجعلنا معهم في دار السلام برحمتك يا أرحم الراحمين».
« يا من لا تخفى عليه اللغات ، ولا تتشابه عليه الأصوات ، ويا من هو كل يوم في شأن ، يا من لا يشغله شأن عن شأن ، يا مدبر الأمور يا باعث من في القبور يا محيي العظام وهي رميم... اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعلى منارك في عبادك الداعي إليك بإذنك القائم بأمرك ، المؤدي عن رسولك عليه وآله السلام .
اللهم إذا أظهرته فأنجز له ما وعدته ، وسق إليه أصحابه وانصره وقو ناصريه ، وبلغه أفضل أمله وأعطه سؤله ، وجدد به عن محمد وأهل بيته بعد الذل الذي قد نزل بهم بعد نبيك ، فصاروا مقتولين مطرودين مشردين خائفين غير آمنين ، لقُوا في جنبك ابتغاء مرضاتك وطاعتك الأذى والتكذيب ، فصبروا على ما أصابهم فيك ، راضين بذلك مسلِّمين لك في جميع ما ورد عليهم وما يرد عليهم . اللهم عجل فرج قائمهم بأمرك وانصره وانصر به دينك الذي غُيِّر وبُدِّل ، وجَدِّدْ به ما انمحى منه وبُدل بعد نبيك (ص) » . (جمال الأسبوع/285).
اللهم انا نرغب اليك بدولة كريمة تعزّ بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهلة وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة.
فعجّل اللهم فرجه وسهل مخرجه واجعلنا من انصاره واعوانه والذابين عنه والمروجين لدولة سلطانه انك على كل شيء قدير.
اسألكم الدعاء .... دالين