أي حاضر يعيش العالم اليوم، وأي ماضٍ، وأي مستقبل؟ فلا الماضي واحد... ولا الحاضر ولا المستقبل. كلّها تتسابق في مسارات متناقضة، وتتعثّر بأقدامها المتصادمة.

الحاضر ملتبس. وغامض. وسائل كالزيت، يتلوّن بكل مكوّناته وأصدائه، وأشباحه. الحاضر ليس حاضراً فحسب، إنه مجموعة «حواضر»، تنتابه، في ما تنتابه، تفاوتات غريبة. ذلك أنّه إما مُصاب بفيروس التقدم المتسارع لما توفّره التكنولوجيا، أو مضروب بانبعاثات الماضي، بما تعتوره من أشباح الماضوية. التكنولوجيا تسابق، والأفكار تتراجع؛ العلم يتفوق والعقول متهافتة. فهناك التخلف وهنالك السباق الى غزو الفضاء. هناك الأدوات المتطورة، وهنالك التراجع الفكري. هناك الجامعات الكثرى بكتبها، وتربويتها، ومخزونها، وثراها، ومختبراتها، لكن، كأنما كلّما تطوّرت، تراجع فيها الوعي، والمستويات، والفهم، وإدراك العالم... والشباب الذي يفترض «تغيير» العالم، بإحداثياته، وطزاجته، ومطلاته، ها هو، يتحرك، لكن بدون خطى متساوية: قَدَم الى الأمام وأخرى الى الوراء. كأنّ مخزونه المعرفي ينفد منه كلما لاذ به، وكأن إحساسه «بالتمرد» على الحاضر، يقع في فرائسه المضادة. لا حاضر يكتنز التجارب، ولا تجارب تغرف من إنجازاته. دائماً على مفترقات بين قديم ميّت، وبين مستقبل مُحتضر.

فلا وتائر تجمعها التصادمات، ولا إيقاعات يضبطها الوضوح، والرؤى. فكلّما تقدمت مدونات الحاضر بشعابها، ترتطم بمدونات الماضي. هنا الالتباسات الكبرى؛ إذ كيف يمكن أن تدور الكرة الأرضية إذا نازعتها الأصول، والورائية، والجهل، وردود الفعل. كأنما يمشي التاريخ على عكاز واحد. إنه زمن التخلي عن كل صنائع الأجيال، بحيث يصير الحاضر فريسة للنهش، والقضم، عارياً، هنا، ومتجلبباً هناك، بكسوة التكنولوجيا يستجديها، لتعينه على أسبابه وأوطاره. ذلك أن الكل تخلى عما صنع وجوده وتاريخه وقيَمِه لكن، مبعثراً، بين حُطام المعارف، والأخلاق، والوعي، واستفحال الحقيقة، وبين سطوة التكنولوجيا، وطغيان الاستهلاك، والاستغلال، والمظالم، وتساقط النخب بأفكارها، ومراتبها، وأدوارها.

كلٌّ غادر مواقعه من دون أن يبحث عن بدائله الموضوعية، المرسّخة، أو المحفرة، بالوعي المطلوب، ليرتفع بها الى تحدياته المنشودة.

] خبط عشواء

فلا مسار محدّداً (بل خبط عشواء)، كأنما الحاضر «المشوّه» المتروك للنوازع، والدوافع، والمنهوش بالمفارقات، بات على التباسات، وتوترات، ويعجز فيها عن إنتاج مستقبل يقابل الفروقات الاجتماعية، والتقنية، والديموقراطية، والاقتصادية، في وقائعه، المحلية، أو العالمية. كلّما تقدم العِلم، نقصت المعرفة، وكلّما تقدمت المعرفة تضاءل الوعي. وهنا يبقى للأدوات التقنية «المحل الأرفع»، لتُشَيّئ كل الأمور والكائنات مستندة الى «عولمة»، كلّما ازدادت دكتاتوريتها، انحلّت أمام المعارف، والخصوصيات، لتكون، من جزر منفصلة، وتنتج أمراضاً من خلائها: العنصرية، الماضوية، الحنين والانعزالية. الى المحطات السود، وأشكال الطغيان. وبمعنى آخر انقطعت سبل الاستمرارية وما يسمى التراكمية، والتجارب والتاريخ (الحاضر بلا تراكم، وبلا خزائن: أشبه بمزراب يسقط منه كل ما يُفرّغ فيه). فيعصى عليك حينئذٍ تبيّن الحدث الافتراضي من الحادثة المعرفية. سُمّي كل ذلك «زمن ما بعد الحقيقة» أي نكران العالم لوجوده الذاتي، وماهياته، وأصوله، وبديهيّاته، واحتمال تحوّلاته. (واقف بين عدم برؤوس كثيرة).

لكن إذا كنّا نعيش اليوم في عصر «ما بعد الحقيقة» (سيادة الأدوات المختلفة والمعطيات على العقل)، فأي عصر ينتظرنا عندما يُستنفد هذا «الشعار»: نفسه وماذا بعد الحقيقة؟! «ما بعد حقيقة الحقيقة»، ثمّ ما بعد الحقيقة الحقيقة وهكذا دواليك: كأنّ العالم يتكوّم تحت نفاياته التاريخيّة.

] الأيديولوجيا

يقولون إنّ عهود الأيديولوجيات قد اندثرت. لكن ماذا عن الأفكار التي كوّنت هذه الأيديولوجيات قبل أن تتقولب في أطرها المغلقة، والأحادية، والشمولية، فالأيديولوجيات تتلاشى، والأفكار كالأشباح تبقى.

لكن في الوقت ذاته، تبرز «الأيديولوجيات» «الأخرويّة» والقدرية: كالأصوليات الإسلامية، والمسيحية، والعرقية، والإثنية، فماذا عن هذه؟ أهي معطيات سياسيّة بأفكار غيبيّة أم تجريديّة، أم هي ظواهر سياسية مقنّعة؟ أم سلطويّة متنكّرة؟ وهل هي إيديولوجيات أم نثارها؟ ثمّ تقرأ إن أهل «التحت» يسعون الى إحلال أنفسهم محلّ أهل «الفوق». فمن هم أهلُ «التحت»؟ ومن أهل «الفوق»؟ فماذا عن التظاهرات المليونيّة في أميركا والعالم تنديداً بوصول ترامب الى الرئاسة؟.. وماذا عن التظاهرات التي يقودها مقتدى الصدر في العراق لتصل به الأمور الى رفع شكواه الى الأمم المتحدة بمذكرة يسعى بها الى تدويل قضية قمع النظام العراقي التظاهرات السلمية التي قامت به جماهيره بالرصاص الحيّ، للمطالبة بتغيير مفوضية الانتخابات؟ وماذا عن اعتصامات باريس «الليل وقوفاً»، أو قبلها في أميركا «وول ستريت»، وماذا عن رفع شعارات مناهضة «للعولمة» (في بلدان العولمة: أميركا، فرنسا، بريطانيا)، وأخرى ضد أوروبا (في أوروبا نفسها)؟ وماذا عن الحروب الأهلية في سوريا، والعراق، واليمن، والسودان؟

فما هي أفكار هؤلاء «المتمرّدين» الجدد؟ وهل يمكن أن يكونوا على بيّنة مما يفعلون ويمارسون في الميادين، والشوارع والساحات؟ أم أنها مجرد موجات وفورات بلا رؤى، ولا مفاهيم، ولا وضوح.. كأنها لعبة الرمال على الرمال؟

] التغيير

فكأن الجميع يريدون التغيير، لكن بلا مسميات لا عمومية ولا جزئية. في فرنسا، أصدر عددٌ من المرشحين للرئاسة كتباً، يعرضون فيها تصوراتهم للواقع.. من فيون الى جوبيه.. فإلى ماكرون الذي عنوَنَ كتابه «الثورة».

وكذلك في أميركا: حتى ترامب اقترح «التغيير» وندّد بالدستور، والقضاء، والنظام نفسه ليشمل بتغييره علاقات أميركا بكل العالم، بالمسلمين، والمكسيك، وأوروبا، والصين، وروسيا، وبالحلف الأطلسي، والعولمة، والمال.. (مفكر شامل باركه الله).

لكن كلّ ما عرفنا من كتابات هؤلاء وأفكارهم، أن ليس فيها ما ينبئ لا بتغيير، ولا بتعديل؛ وإنما برفع أقنعة للصراعات حول السلطة. إنها النخب التي تتجاوز نفسها! وتغيّر جُلُودها، وتلاوينها، والجماهير التي ترفع شعارات التغيير، من دون أن تحدد حلفاءها ولا أعداءَها. وهنا بالذات، تطرح الأسئلة: هل الجماهير اليوم مُصيبة في «تحركاتها»؟

ربما نعم وربما لا. لكن لم يعد، هناك جماهير تغييرية واحدة في العالم: قد يكون بينها مصادفةً، نقاط مشتركة، لكن كأنّ كل جمهور على حِدة في «فقاعاته» الخاصة، ومساحاته المحددة ما يحاور نرجسياته. وإذا التقت كما كانت الحال في التنديد بترامب، فإنها مختلفة في أماكن أخرى ومعكوسة.

وهكذا النخب، التي تسعى الى تبديل (لا تغيير)، وقائعها، وإستراتيجياتها، وتحالفاتها، فكأنما كل ذلك ذو طابع «مناسبي»... قصير الأمد. ماري لوبان غيّرت طبعاً «أعداءَها»، تصالحت مع إسرائيل متخلّية عن شعار «معاداة السامية»، لتحُل محلّه «معاداة الإسلام» ارتباطاً بمكاسب انتخابية. ترامب أعلن «نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس». في حملته الانتخابية ثم تراجع بعدها... ثم تذبذب.

فيون أحل روسيا محلّ أوروبا، وأحل بشار الأسد محلّ شعبه: «نريد إعادة السفارة الفرنسية الى دمشق!» فهل إذا فاز بالرئاسة سيحقّق وعوده؟ إنها اللاادرية! فما بعد الحقيقة، بات لازمة، حتى في الوقائع، والعهود. فلم تعد تغذيها الأكاذيب والتلفيقات فقط، بل باتت ديدبان الثوابت السياسية وبديهيّاتها، وأمرائها، ورؤسائها! كأنهم يكذبون ليزرعوا أكاذيب أخرى محلها! «ما بعد حقيقة الحقيقة». ونظن بأنّ قد يكون هنا مكمنّ المشاعر «المتمردة»، التي تغزو الجماهير، لأن النخب السياسية خسرت كل مصداقيتها: وها هي تطرح شعار التغيير لكي لا تغيّر. وترفع لواء «الثورة» لتراوح مكانها، ثمّ تتحدث عن «القطيعة» أي الخروج من سلبيات السائد، لترتبط بها.

] المتقلبات

من هنا يمكن فهم المتقلبات الشعبية ضد النخب؛ حتى الثقافية والفكرية والفنية (هوليوود)، الطاغية: تريد التغيير لأنها تعتبرها لم تعد مؤمنة بها، ولأنها تعتبرها مسؤولة عن كل الخراب، لكن من الصعب إنجاز أي تغيير لأن التدفقات الانفعالية المجردة من التأطير، والتنظيم، لا تصلح لبناء معارضات. بل تبقى مجرد ردود فعل بخارية.

لكن الغريب أن تلجأ هذه الجماهير، برفضها ما هو نخبوي (سياسي أو اقتصادي... أو ثقافي) سائد، الى ما هو شعبوي: ترك كلينتون (رمز الاستبليشمن)، لإنجاح ترامب، يعني استبدال ما هو مُثبت بما هو «اقتلاعي». ما هو سياسي بما هو غير سياسي. ما هو تأسيسي بما هو هوائي، ما هو عقلاني (ولو متواطئاً) ما هو غير عقلاني، ما هو تقني بما هو فوضوي. إنه الجمهور الذي لم يستطع ربط مشاعره الحيّة، ومشاكله، بوعي يناسبها، لينجرّ في غرائزه ضد مصالحه، ومفاهيمه، وقيَمِه وأحلامه...

فمفهوم التغيير لا بدّ أن يستند الى فهم آليات الواقع، والتاريخ، ولو في أبسط حدوده. فهل أن جماهير لوبان مثلاً، أو فيون، أو ترامب، أو تيريزا ماي (بريطانيا)، مسوّقون إما بغرائزهم، أو بأوطارهم العرقية، أو بفُويّاتهم الدينية، يمكن أن يطرحوا على هؤلاء الأسئلة السياسية المناسبة، أو يمارسوا نقداً على برامجهم الانتخابية: من الصعب حدوث ذلك، لأنّ هؤلاء، وبسبب الطواقم النخبوية والسياسية، فقدوا كل بوصلة، ليجدوا أنفسهم باحثين عن قشّة خلاص في هؤلاء القادة.

إنه التغيير المضاد، السالب، الذي يحمل في ثناياه الماضوية، والهويات القاتلة، وأوهام أمجاد السالف، والرموز المنبوشة. هناك من يريد التغيير، ولا يتمتع. يتميز الحقيقة والصواب من التدجيل، والبدائل والاستعارات.

إنه الشرخ التاريخي: فالذين يوالون النُّخب تجمعهم بهم الفجوات وأشكال الفراغ: شرخ في المؤتلَف من دون إدراك «المختلف». فقشّة الخلاص كأنها عيونهم خشية... وهذه هي إحدى المشكلات، التي ستؤدي في المستقبل، الى امتحان ملموس بين ترامب وجمهوره. وقد بدأ ذلك، وفيون وميلانشون ولوبان وجمهورهم. وهكذا دواليك، وعندها، تنتهي صلاحيات كل الشعارات، ليبدأ الجميع من فراغ: البحث، بأدوات الغرائز وردود الفعل الآنيّة عن بدائل، والبدائل، إذا لم تقُمْ حركة فكرية سياسية ملائمة وصادقة... فسيحتلون فراغ مَنْ سبقهم. إنها الدوامة العاقر. سمّاها الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري «الانحطاط»، وسمّاها اليساريون وسواهم في الماضي «الاستلاب»! على هذا الأساس من الصعب أن تتكون في المدى القريب حركات تغييرية «حقيقية» على الأقل لإعادة الصراع الى ملعبه السياسي، فكل المؤشرات تدل اليوم على أنّ ما هو سياسي تراجع أمام ما هو مذهبي، أو عنصري، أو ديني، أو سلفي، أو أصولي: أي انتفاء الديموقراطية نفسها، بعناصرها، وقيمها، ومضامينها، والإمعان في ضخ أفيون كل هذه الظواهر في عقول الناس. فماذا يعني أن يعلن أحد هؤلاء النخب «أن اليمين واليسار لم يعودا لازمَين للواقع»، وهذا لا يعني إلغاء السياسة فقط، بل محو الأفكار، والمشاريع والاختلاف والتصورات، والمضامين التي تتأسس عليها المنازعات والمنافسات السياسية العقلانية والعلمية وحتى الاقتصادية. وهذا يعني (كما حدث في لبنان والعالم العربي)، فتح كل الدروب والنوافذ للظواهر الغيبوبية، والعنصرية، والاثنية المذهبية، والأصولية والتطرف... أي القضاء على العنصر الأساسي في التبادل السياسي: التسوية، والحوار، وأسس الدولة، والحياة البرلمانية، والحكومات لأنّ ما يعطي هذه الأدوات وحدتها، وقوّتها، وفاعليتها يكمن في «الحرية»، وفي قيم التقدم، والاقتصاد، وتنظيم المجتمع، وحماية المؤسسات. أي تتحول الشرائح الاجتماعية (وبعدها النخب الحاكمة) مجرد «كانتونات» (كما هي الحال في لبنان منذ نصف قرن)، وكما تبدو حالياً في فرنسا، خصوصاً عندما بدأ هؤلاء النخبويون استنهاض الدين كسلاح سياسي (فيون استنهض الكاثوليكية، وترامب الإنجيلية، وبوتين الأرثوذكسية، و«داعش» الإسلام، وخامنئي الشيعية وبشار الأسد العلوية...). إن هؤلاء جميعهم يُكنتنون مجتمعاتهم، أي يحطمون كل احتمال للانفتاح للمواطنية، وقيم الحرية، والبناء السياسي، والوعي الفكري...

] الإرهاب

وإذا كان الإرهاب بالنسبة إليهم يغطي كل هذا الفراغ السياسي، والانحطاط القيمي، ويحوّل الأنظار عن سقوط مرحلة كاملة، فيعني أنهم، ومن خلال أطروحاتهم هذه، يحاربون الإرهاب بأدواته، أو على الأقل يقعون حيث يريدهم الإرهاب أن يقعوا. ذلك أنّ الإرهاب، له من سماتهم الكثير من الشبهات؛ الشعبوية، الفراغ، الجنون، الماضوية، العنصرية، العشوائية، اللاعقلانية: وهكذا يلتقي عدة إرهابات في مسلك واحد. فشعار الإرهاب (الإسلامي)، إذا اكتفى بذاته يلغي، أو يقنّن، أو يحول دون أي تغيير. وإذا كانت الأنظمة اليوم غربية أو غير غربية «تكافح الإرهاب»، فلأنّها عجزت عن وأده في مناسبته، بل، ومن خلال ممارساتها وسياساتها وساعدت على نموه السرطاني. فبالإرهاب لا يتم التغيير أو تقوم الثورة أو حتى الإصلاح. فنظير الإرهاب لا يحاربه. ومنهم مَنْ يعلن محاربة الإرهاب من موقعه الإرهابي (نظام الأسد، خامنئي، بوتين)... وإلاّ ماذا يعني أن نضع الإسلام بملياره في خانة الإرهاب إذا لم يكن الواضعون «إرهابيين»؟. فالإرهاب الداعشي يحارب الإسلام والقرآن والمسلمين بأشرس مما يحارب الغرب. حتى نتنياهو (الإرهابي المثال)، يتهم الفلسطينيين بالإرهاب. فأي إرهاب إذاً. وأيّ ثوار. وأيّ قيم تُرفع نقيض مضامين «القاعدة» و»داعش». وبمَ يختلف بوتين عن هؤلاء. أم نتنياهو أو بشار الأسد: فهل أنّ إرهاب الدول مسموح، وإرهاب الحركات والتنظيمات غير مسموح؟

هذه التناقضات كلها عوامل أساسية في منع كل تغيير. أو الأحرى ذريعة، لاستكمال، أو عودة، أو اختيار المسؤولين الذين أنجبوا ترامب، وصفقوا للوبان، وبوتين، (وقبلهم لبوش الابن)، وعاهدوا تيريزا ماي... بنتائج الاستفتاء حول «البركست».

لكن، أهي سوداوية مُغلقة؟ أهو تشاؤم مُبرم؟ لا! فقد علّمنا التاريخ أنّه أحياناً كثيرة صنيع المفاجآت والمنقلبات، لكي لا أقول المعجزات.

فإذا كانت هذه الجماهير اليوم، التي بدأت تستعيد دورها، في الاحتجاجات والتظاهرات، توفّرت لها الكيفيات المستلّة من وقائعها وأوضاعها، وتمكّنت من ابتكار أدوات فاعلة للتغيير، فهي التي ستجترح المعجزة... والمستقبل.

أهوَ حلم؟ لكن من يمكنه، حتى في أشد الأزمنة سواداً، ألاّ يحلم.؟

فنحن كما قال المسرحي الكبير سعدالله ونّوس «محكومون مثله بالأمل».
م