عشر مدن قديمة حكمت العالم
مدينة فيجاياناجارا
مدينة فيجاياناجارا (“مدينة النصر“)، الواقعة في جنوب الهند، و التي كانت عاصمة لإمبراطورية تحمل نفس الاسم “امبراطورية فيجاياناجارا”. هذه الإمبراطورية سيطرت على السلطة في القرون من الرابع عشر إلى السابع عشر، و سيطرت علىجزء كبير من شبه القارة الهندية. و قد نشأت نتيجة فراغ السلطة الذي خلفه “سلاطين دلهي“، الذين عاثوا فساداً ثم تخلوا عن المنطقة بعد ذلك. و باستخدام التهديد بزحف المسلمين كحافز لتوحيد جميعالهندوس، تمكن حكام فيجاياناجارا من إنشاء امبراطورية قوية قادرة على كبح الممالك و السلاطين المجاورة.
عاصمة الإمبراطورية -كما وصفها الدكتور جورج ميشل- “ربما كانت المثال الأكثر اكتمالا لمدينة امبراطورية.. بنيت المدينة على واحد من أكثر المناظر الطبيعية استثنائية التي يمكن العثور ليس فقط في الهند ،بل في آسيا بأكملها…“ ،المنظر الجرانيتي الذي يتدفق من خلاله نهر تونجابهادرا مكن الناس من حفر قنوات الري، بينما في الوقت نفسه وفر حماية طبيعية من الغزوات المفاجئة. كما تمثل المنطقة أهمية دينية بالغة للسكان المحليين.
9. القسطنطينية
بعد الانقسام الروماني في سنة 330 ميلادياً، قام الإمبراطور قسطنطين بنقل مقر السلطة من روما إلى مدينة صغيرة تسمى “بيزنطه” ثم قام بتغيير اسم تلك المدينة إلى “القسطنطينية”. عاصمة الإمبراطورية البيزنطية لأكثر من 1000 عام ، تلك المدينة العظيمة و التي أصبحت هي الحاضرة الأكثر ثراءاً و نفوذاً في أوروبا.
كان لديها أكبر جدران عرفتها القارة على مدار تاريخها “الجدران الثيودوسية”، و التي جنبت المدينة الكثير من الهجمات على مر القرون. كاتدرائية أيا صوفيا الجليلة -بناها الإمبراطور جستنيان الأول في 537ميلادياً- كانت واحدة من عجائب الدنيا في أواخر العصور القديمة. و ميدان سباق الخيل حيث جرت سباقات الخيول، و الذي تفوق في هذا المجال على استاد روما .
وتقع على مضيق البوسفور، الذي يفصل بين البحر الأبيض المتوسط و البحر الأسود و يفصل أيضاً بين أوروبا و آسيا. و قد ساعدت القسطنطينية – و عوامل أخرى- في تحويل الإمبراطوريات الأوروبية المستقبلية إلى قوى عظمى مسيطرة على العالم. و لم تفقد المدينة قوتها حتى بعد سقوط البيزنطيين عام 1453 ؛و لكنه ببساطة تم تغيير اسمها إلى “اسطنبول” تحت الحكم الجديد للأتراك العثمانيين.
8.تدمر
التجارة كانت دائماً مصدراً مهما للثروة والمعرفة للحضارة البشرية. مدن مثل “بالميرا” (مكان النخيل) و هي مدينة “تدمر” -التي تقع في صحراء سوريا اليوم- خير مثال على ذلك. بناها الرومان عندما استولوا على المنطقة في القرن الأول الميلادي.مثلت تدمر في ذلك الوقت محوراً مركزياً على طريق تجارة الحرير.
كانت جميع البضائع القادمة إلى الغرب من الصين والهند تمر من خلال هذه المدينة التى كانت تتقاضى 25% من التجار مقابل هذا الامتياز . و كانت تدمر توفر في المقابل الأمن، والمياه، والغذاء ،والمأوى ،والظل للمسافرين الذين كانوا سعداء بالدفع حتى يستطيعوا الحصول على هذه الامتيازات. تصميم المدينة وهندستها المعمارية كانت تظهر طابعها التجاري ،فوصل معبد بعل و مخيم دقلديانوس و مسرح واغورا بشوارع معمدة طول بعضها يصل إلى حوالي 1100 متر وفر الظل لكل أنواع التجار و الحرفيين.
كانت تدمر مدينة شبه مستقلة متأثرة بالحكم الروماني. عندما أُغتيل حاكم المدينة، “أذينة”، تولت زوجته “زينوبيا” السلطة. و تحت حكمها ، شرعت المدينة في توسيع قاعدتها في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط، مثيرةً بذلك صراعا مع روما. و بعد هزيمة “زينوبيا” ووقوعها فى الاسر في عام 272 ميلادية، قيدت فى اصفاد ذهبية و تم الطواف بها فى مدينة روما بأمر من الامبراطور اورليان . بينما نهبت تدمر ولم ترجع تلك المدينة لسابق مجدها مطلقا.
7. برسيبوليس
بنيت قبل حوالي 2500 سنة على يد الملك داريوس العظيم، مدينة “برسيبوليس” عرفت باسم “المدينة الأغنى تحت الشمس”، و هي عاصمة الإمبراطورية الاخمينية. تأسست على يد فرع رحال من الأسرة الهندوأوروبية التي استوطنت الهضبة الإيرانية، لم يشهد التاريخ امبراطورية بهذا الاتساع من قبل . لقد امتدت هذه الامبراطورية من حدود الهند اليوم إلى اليونان ومصر وروسيا .
باعتباره “ملك الملوك”، داريوس الكبير حكم ما يزيد على 28 الممالك الأخرى داخل مملكته، و كان متسامحاً جنبا إلى جنب مع خلفائه و يتقبل مختلف الثقافات والأديان.
مدينة برسيبوليس حاليا عبارة عن مجرد أنقاض بعد ما نُهبت وأُحرقت على يد الإسكندر الأكبر عام 330 قبل الميلاد، ولكنها فى وقت ازدهارها كانت حاضرة لا مثيل لها.
وكانت “أبادانا”، محور للقصر بأكمله ، حيث كانت هي الغرفة التي يلتقي فيها الإمبراطور المبعوثين والسفراء من جميع أركان مملكته . كانت هذه الغرفة وحدها بها اكثر من 72 عمود ارتفاع الواحد منها يصل إلى 82 قدم ، و قد شكلت هذه الأعمدة زخرفة السقف الجميلة. قبل دخول هذه الغرفة الشبيهه بالغابة، كان على الأجانب أولاً عبور “بوابة جميع الأمم” التي كانت محفوفة على كلا الجانبين بتماثيل حجرية ضخمة لكل منها جسد ثور و رأس رجل ملتحى ممثلة بذلك جبروت الإمبراطورية.
6. قرطاج
تقول الأسطورة أن قرطاج تأسست على يد الملكة “ديدو” و هي من “الفينيقيين”. هربت من مدينة صور -التى تقع في الوقت الحاضر فى لبنان – و ذلك فراراً من غضب شقيقها “بجماليون”، الذي كان منافساً لها على العرش. بمصاحبة مجموعة من المستوطنين، سافرت الملكة مسافة كبيرة في البحر حتى بلغت شمال أفريقيا، حيث التقت الملك “إيارباس”. عرض عليهم الأراضي من أجل بناء مستوطنة، لكن هذه الأرض لن تكون اكبر من السطح الذى يغطيه جلد ثور. بذكاء شديد قصوا الجلد إلى شرائح رقيقة، و بذلك تمكنوا من تغطية منطقة كبيرة إلى حد ما من الأرض. على هذه الأرض، تم بناء تلك المدينة القوية “قرطاج”.
هذه القصص- الأكثر احتمالاً- أنها مجرد قصة فقط لا غير، ولكن حقيقة أن الفينيقيون بنوا المدينة حوالي 760 قبل الميلاد صحيحة. وجودها فى موقع جيد كهذا – في وسط البحر الأبيض المتوسط، قريبة من صقلية، سردينيا وكورسيكا، وعلى مسافة جيدة من مصر – ساعد على جعل قرطاج مركزا رائدا في التجارة و المجال العسكري. وصل عدد السكان سريعاً إلى نصف مليون مواطن، ومن أجل إيوائهم جميعا، بنيت جميع المبانى من خمس او ست طوابق . كانت قرطاج أول مدينة في العصور القديمة احتوت نظام صرف صحي مركزي ، يربط بين جميع المباني داخل أسوار المدينة. و أبرز الهياكل بين الأنقاض كان هيكلاً يعتقد أنه كان مذبحاً للتضحية بالأطفال.
كانت مواجهة القرطاجيين للرومان حتمية ، و بعد ذلك بفترة قصيرة وقعت سلسلة من المعارك المعروفة بـ “الحروب البونيقية”. عقب خسارة صقلية وغيرها من الأقاليم،قرطاج نفسها تعرضت لهجوم وتم تدميرها في نهاية المطاف في 146 قبل الميلاد.
على الرغم من تعهد الرومان بعدم اعادة بنائها ابدا، الا ان يوليوس قيصر اسس “كولونيا جونونيا” فى 44 قبل الميلاد على اراض المدينة القديمة. فى خلال خمس سنوات فقط تمت تسمية المدينة “عاصمة المقاطعة الافريقية” .اليوم المدينة اصبحت تعرف لتونس عاصمة دولة تونس ،ومنزل اكثر من اثني مليون
5. روما
اعتبر مواطنو روما في ذلك الوقت أنها مركز العالم. في وقت لم يصل المستكشفون فيه إلى الأمريكتين و استراليا و المحيط الهادئ كان العالم أصغر حجماً . موقع شبه الجزيرة الإيطالية -و هي على شكل حذاء طويل- المحاطة بالبحر المتوسط جعل مدينة روما تبدو و كأنها في منتصف كل شئ !
نشأتها كمدينة صغيرة على نهر “التيبر” مكنت روما من الحصول على المهارات اللازمة لازدهارها من جيرانها. حصلت من اليونان في الجنوب على نموذج للدين والعمارة، بينما حصلت من الأتروسكان في الشمال على هدية التجارة. تقدمت هذه المدينة الصغيرة بثبات نحو الازدهار إلى مدينة رائعة، كان أغلب ذلك الازدهار عن طريق تبادل السلع، ولكن شبه الجزيرة الإيطالية أصبحت بعد وقت قصير صغيرة جداً وكان الرحيل حتماً على هؤلاء الجيران.
الحرب كانت الخطوة التالية في تطور روما، و ذلك بعد رحيل اليونان و الأتروسكان من موطنهم الأصلي بوقت ليس بالبعيد. سقطت الأقاليم المجاورة واحدة تلو الأخرى في مواجهة هذه القوة الطاغية التي ظهرت مؤخراً. المصريون اليونانيون والقرطاجيون، الإغريق، القبائلالجرمانية.. الكل جثى على ركبتيه أمام روما، الكل يردد “كل الطرق تؤدي إلى روما”. ولكن لكل شيء نهاية ، وكذلك مجد روما.
ولكن حتى بعد سنة 2000 لازالت حياة الناس في جميع أنحاء العالم متأثرة بهذه المدينة القوية الفريدة.
4. تينوختيتلان
كانت “تينوختيتلان” عاصمة “إمبراطورية الأزتيك“. لقد تم بناؤها على جزيرة محاطة ببحيرة “تيكسكوكو” داخل أدغال أمريكا الوسطى. عندما علم الغزاة الأسبان بوجودها،كان السكان حوالي 200,000 نسمة. وكانت هذه المدينة مختلفة تماماً عما اعتاد عليه الأوروبيون. تأسست سنة 1325ميلادياً ، و متصلة باليابسة من خلال ثلاثة جسور. كانت المدينة متمركزة في وسط شبكة من الشوارع المستقيمة و تحتوي على أهرامات هائلة في المركز، تلك الأهرامات كانت محاطة بجماجم الموتى و تضم أيضاً منحوتات احتفالية.
بمساعدة حفنة من الرجال، تمكن “هيرمان كورتيز” من السيطرة على المدينة في عام 1521 ميلادياً. صحيح أن أنهم استخدوا الأسلحة النارية، وتلقوا مساعدة من القبائل المحلية الأخرى، ولكن بدون جنون التضحية البشرية لإرضاء الآلهة و بدون آفة الجدري، لم يكن ليحرزوا أي نجاح. و على كل حال ، تم غزو المدينة و تدميرها على يد الأسبان ، و ذلك حتى يقوموا ببناء المدينة التي تعرف اليوم بـ “ميكسيكو” على نفس البقعة من الأرض.
3. لندن
باريس، ومدريد، وامستردام ولشبونة يمكن أن يكون كل منها مرشحاً جيداً على قائمة الإمبراطوريات العظمى، ولكن مهما كان التنافس، فإن لندن هي الفائزة ؛ببساطة لأن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأكثر انتشاراً في العالم من بين لغات كل منهم.
لندن قد بناها الرومان في 50 ميلادياً و اسمها مشتق من كلمة “لوندينيوس” السلتيه بمعنى”مكان الرجل الجرئ“. وكانت نشأة المدينة متعثرة، حيث تعرضت للغزو على يد السلتيين و القراصنة الاسكندنافيين (الفايجينج) في مناسبات عدة. تم اخلاء المدينة و التخلي عنها مرتين، ولكن تمكن الناس من إيجاد طريقهم للعودة إليها.
خلالالقرن التاسع عشرنما عددالسكانإلىأكثر من 950,000 نسمة.
2. سوكوتاي
حول القرن الثالث عشر الميلادي، في المنطقة التي نعرفها الآن بتايلاند، تشكلت مملكة سيام الأولى،وعاصمتها السياسية و الإدارية كانت “سوكوتاي”. و هي تعتبر أول دولة تايلاندية في التاريخ ،و على يد الملك “بامخامهانغ” تم إيجاد أول أبجدية و لغة تايلاندية مركزية . و قد دفعت مجموعة القوانين المدونة و التنظيم العسكري و الإداري القوي -بالإضافة إلى المعتقدات الدينية البوذية- الناس في العصر الحديث إلى اعتبار الملك “رامخامهانغ” هو الأب المؤسس للدولة التايلاندية.
ونرى في مدينة سوكوتاي أول دليل تايلاندي ثقافي و معماري، بالإضافة إلى الهندسة الهيدروليكية التايلاندية.لقد تمكنوا من حفر القنوات و بناء الخزانات والسدود لمنع الفيضانات و المساعدة في عملية الزراعة، بالإضافة إلى جزء من نظام ترشيد استهلاك المياه ونظام الصرف الصحي في المدينة. و قد أيقن ملوك سوكوتاي إمكانية السيطرة على و التحكم في الماء المتوفر في المملكة.
مع وفاة بامخامهانغ، تفككت مملكة سوكوتاي إلى دول متفرقة. سقطت مدينة سوكوتاي تحت سيطرة أيوتثايان في سنة 1378 ميلادياً ، وقبل سنة 1583ميلادياً أصبحت المدينة مهجورة بسبب زلزال قوي والصراع البورمي في المنطقة. سُكنت سوكوتاي و مدن أخرى فيما بعد و لكن ليس كما كانت من قبل.
1. جين-دينو
في أراضي الفيضانات في دلتا النيجر كان الناس يقومون ببناء البيوت والهياكل الأخرى باستخدام الطين لعدة قرون. مدينة جين-دينو تم بناؤها كلياً باستخدام الطين. هذه المدينة مأهولة بالسكان منذ عام 250 قبل الميلاد، و أصبحت حلقة وصل هامة في تجارة الذهب عبر الصحراء. تم بناء المدينة على تلال تسمى“توجير”، و بذلك تمكنت المدينة من التخلص من المناظر الطينية و الفيضانات السنوية و التي يتسبب فيهم موسم الأمطار. يعتقد أن دين جينو واحدة من أولى المستطونات في جنوب الصحراء الكبرى، كما يعتبرها البعض “المدينة الأفريقية النموذجية “.
الأدلة الأثرية تشير إلى وجود بشري مستمر في المنطقة حتى القرن الرابع عشر الميلادي، عندما انتقلالناس إلى مدينة “جين” المجاورة-و التي تأسست في القرن الحادي عشر-. أدلة أخرى تشير إلى أنه حتىقبل البناء في المدينة، كانشعب بوزو يزرع الأرز البري في المنطقة. في القرن الثالث عشر الميلادي،مع اعتناق الملك كومبورو الإسلام تحول قصره إلى مسجد.
ظل هذا المسجد قائماً حتى عام 1830، و أُعيد بناؤه في عام 1907 ،و هو أكبر بناء تم بناؤه باستخدام الطوب اللبن في العالم.و لأنه من السهل إزالة الطين بفعل الأمطار في موسم المطر ، و لأنه لابد من الحفاظ على المسجد ؛ فإنه في شهر أبريل من كل عام يقوم سكان مدينة جين بإضافة طبقة من الطين تغطي المسجد من أعلاه إلى أسفله كأحد الطقوس المحلية في المدينة.