رسم ملامح وجه رجل مات قبل 700 عام
باختصار
- أعاد الباحثون تشكيل وجه رجل بريطاني من الطبقة العاملة عاش في القرن الثالث عشر. أطلقوا عليه اسم "الحالة 958"، كما تمكنوا من استخلاص معلومات حول حياته من النتائج التي توصلوا إليها.
- من خلال تحليل بقايا "الحالة 958" وحالات أخرى مشابهة، يأمل علماء الطب الشرعي أن يتكون لديهم تصور أفضل عن الحياة اليومية للفقراء الذين غفل التاريخ عن ذكرهم.
وجه مألوف
التقى المشاركون في مهرجان كامبرج للعلوم 2017 بجار قديم لهم توفي قبل 700 عام، سماه الباحثون "الحالة 958"، وهو عبارة عن إعادة تشكيل لوجه رجل من القرن الثالث عشر، دُفن مع مئات غيره تحت بناء مدرسة "اللاهوت القديم" التابع لكلية القديس يوحنا في مقبرة مستشفى تعود للعصور الوسطى.
وقد أعطت إعادة التشكيل هذه تصوراً عن حياة الفقراء في إنجلترا خلال العصور الوسطى.
تم اكتشاف المقبرة - وهي واحدة من الأكبر من نوعها في بريطانيا - وتم حفرها بين عامي 2010 و2012، وكانت الجثث فيها تعود لمرضى في مستشفى يوحنا الإنجيلي، وهو مستشفى خيري لخدمة الفقراء في مدينة كامبردج. ووجد أن معظم جثث هذه المقبرة قد دفنت بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر.
يقول جون روب أستاذ قسم الآثار في جامعة كامبرج فيبيان صحفي: "يحتمل أن تكون "الحالة 958" نزيلاً في مستشفى القديس يوحنا المؤسسة الخيرية التي كانت توفر الطعام والمأوى لمجموعة من المعوزين في البلدة، وكان بينهم مرضى ومسنون لا يستطيعون العيش وحدهم".
إن روب وفريقه وكريس رين من مركز التشريح وتحديد السمات البشرية في جامعة دوندي يقفون الآن أمام رجل مات قبل 700 عام، وتمت إعادة تشكيل وجهه وتحليل أسنانه وعظامه بهدف تجميع بقايا من سيرته.
وكتلسكوب يستكشف الماضي البعيد، مكنت هذه التحليلات الباحثين من التقاط صورة من التاريخ بطريقة جديدة، واكتشاف حقائق من زمن سحيق.
رؤى جديدة
روب هو المحقق الرئيسي في مشروع يسمى "ما بعد كارثة الطاعون: الصحة والتاريخ في كامبرج في العصور الوسطى" والذي يهدف إلى تحليل الجثث في مقبرة القديس يوحنا.
ولا يسعى الباحثون فيه إلى نتائج إحصائية وحسب، بل إلى تصورات عن السير الذاتية لأصحاب الجثث أيضاً، وهذه نظرة جديدة كلياً لحقبة العصور الوسطى لأن كل معلوماتنا عن تلك الحقبة تتركز حول الأغنياء.
يقول روب في بيان صحفي: "إن معظم ما سجله التاريخ يركز على حياة الميسورين، خاصة معاملاتهم المالية والقانونية، فكلما قلت ثروتك ضعف احتمال أن يكتب عنك أحدٌ شيئاً، ولذلك فإن الهياكل الهظمية التي تعود لهذه الجثث هي فرصتنا لنتعلم كيف كان يعيش الفقراء".
وبفضل التقنيات الحديثة وجد روب وفريقه أن "الحالة 958" كان في الأربعين من عمره عند وفاته، وأنه كان ذا بنية بدنية قوية، وخمن الفريق أن هذا الرجل ربما كان له عمل تجاري متخصص بين أبناء الطبقة العاملة، وذلك على ضوء معرفة نظامه الغذائي الغني نسبياً بالبروتينات الحيوانية، كما تظهر على جسمه أيضاً علامات الشدة كأثر التئام صدمة بجسم حاد على الجزء الخلفي من جمجمته، وحالتين عن توقف نمو مينا أسنانه خلال فترة شبابه، وهذه العلامات تشير إلى أن أجواء المرض والمجاعة لم تكن غريبة عنه.
ويقول روب عن هذا المشروع: "إن مشروعنا يهتم أيضاً بإضفاء الطابع الإنساني على الناس الذين كانوا يعيشون في الماضي من خلال تجاوز الحقائق العلمية للولوج إلى حياتهم كأفراد لديهم قصص وتجارب في الحياة، وهذا يسمح لعملنا بالتواصل مع الجمهور، ولكنه يساعدنا أيضاً في أن نتخيلهم يعيشون هذه الحياة المعقدة التي نعيشها اليوم، وهذا يفسر أهمية جمع كل البيانات وتحويلها إلى سير ذاتية لها ملامح".
المصادر: University of Cambrid
mostaqbal.