بعد الكثير من الجدل، ونحو 400 عام من استخدام خرائط للعالم ليست دقيقة بحال، قررت مدارس مدينة بوسطن التمرد على تلك الخرائط التقليدية بوسيلة بسيطة، تبدو فعالة.
ومنذ قرون عدة يتم تداول خرائط للأرض تستند إلى إسقاط "مركاتور"، الذي يصور كوكبنا على أنه مسطح وليس كرويا، وتتقاطع فيها درجات الطول والعرض بخطوط مستقيمة وزوايا قائمة تجعل مساحات القارات على غير طبيعتها.
وكان أول من وضع هذا التخطيط لخريطة العالم، جيراردس مركاتور، في القرن السادس عشر، وذلك لمساعدة البحارة على التنقل بين القارات بسهولة.
وكانت هذه الخطوط مفيدة في الوقت الذي كان الملاحون يستعينون فقط بالبوصلة لتحديد اتجاهاتهم، لكن ذلك الإسقاط يظهر الأراضي في نصف الكرة الشمالي أكبر مما هي عليه في الواقع.
على سبيل المثال، تظهر الخرائط التي تستخدم هذا الإسقاط غرينلاند على أنها تقريبا بنفس حجم أفريقيا، في حين أنها في الواقع أصغر 14 مرة، وتبدو أميركا الجنوبية كما لو أنها نفس حجم أوروبا، وهي تقريبا ضعف حجمها.
في المقابل، اعتمدت حوالي 600 مدرسة في مدينة بوسطن خرائط جديدة في محاولة لتمثيل العالم بشكل أكثر دقة. وتستخدم هذه الخرائط الإسقاط "غال بيترز"، الذي لا يعد مثاليا بحال، لكنه أكثر واقعية بكثير من الإسقاط السائد.
وصدم كثير من الطلاب لرؤية خريطة العالم بشكل مغاير، وبلدان شهيرة على هيئة ومساحة مختلفة.
وقالت ناتشا سكوت، مديرة التاريخ والدراسات الاجتماعية في المدارس العامة في بوسطن لـ"غارديان": "كانت بعض ردود أفعالهم مضحكة للغاية، ولكن كان من المثير للدهشة أيضا أن نراهم يتساءلون عما كانوا يعتقدون أنهم يعرفونه".
واعتبرت كولين روز، مساعدة شؤون التحصيل في المدارس العامة في بوسطن، الأمر بمثابة نقلة نوعية لأنها تعلم الأطفال كيفية تحدي المسلّمات والتعامل مع "وجهات نظر أخرى" حتى إن تعلق الأمر بخريطة العالم.
يشار إلى أن إسقاط غال بيترز وُضع من قبل مخرج ألماني يدعى أرنوس بيترز، الذي قدمه للعالم في عام 1973. وقد اقتبس اسمه من رجل الدين وواضع الخرائط جيمس غال بالقرن التاسع عشر.