مجتمع بعقلاء بهذا المستوى ! يكون أدعاء الجنون فيه ، هو الخطى الأولى نحو التعقل والحريّة . لذلك كانوا هؤلاء هُنا ، بخطاهم الأولى .. وأحرفهم الرامية للأفضل .
قال أحد المجانين وهو جالس قرب النافذة يتأمل :
إرتِشــاف الأمــل يتطلب ثَغـراً تمكنت مِنْهُ الأبتســامة ، وَ الشِعــور بالأرتـــواء لا يَتَحقق إلا حين يَسبقهُ الظَمأ .
والسـيرُ قُدمـــاً يَحتــاج الىٰ أقدامٍ قَد حَمَلَت فَوقَهـــا رأساً أصابتـــه الأرادة فأستقرت بـه .
وقال آخر و كان جالسٌ ع الأرض :
الأكتفاء من الألم لا يتقيد بمعنى الأكتفاء ، والبوح لذوي قربى القلوب يكون كَـ تنفس ٍ بعد أختناق .
الرجوع للماضي ولو للحظة يستوجب إعداد الكثير من الصبر ، والسير في ذات الطريق المظلم مرتين أشبه بمن فقد أحدى عينيه ففقع الثانية .
كان هناك مجنون ثالث يسترق السمع فَـ دخل الحوار ، قائـــلاً :
إدراك الوجود بحقيقة موجوداتــه ِ ضرب ٌ من الخيـال ، والسَعي وراء المَجهول لمَعرفـة القادم خطوة جريئة لا يُقدم عليها سوى المغامر .
والأحتضان لايَدلُ على الشوق والرضا دائماً ، فأحتضان اللام للألف لا يُعطي نتيجة مرضية .
تشعب الحوار ! للـ مجانين .. فنهض رابع كان عليه الرغبة بالنوم ولكن الأنصات للحوار أضاع منه تلك الرغبة .. فقال وقد فضحت أحرفه سبب جنونه :
تتوارد الأفكار .. في أروقتي ، بعضُها يستهوي السؤال
وغيرهُ يستجدي الأجابة . فَـ رغم إن الأشياء في فراغي كثيرة إلا أنهـا لم تتمكن من سلب حتى مسمى الفراغ !
نفسٌ عميق ، وزفيـرٌ لا يحدثُ جلبـــة ، وسؤال متهري الأطراف .. عانت علامةُ أستفهامه من الوقوف طويلاً . لما أنـا هُنـا ! وفِي أقدامي .. رحيل ؟ ولما أتكائي على جدارٍ قد صُلبت عليه .. يوما ؟
رغم نسبية الشـــر .. إلا أنه يكاد يَكُون مُطلقاً في خطواتُك نحوي ! البكــاء ُ مِراراً .. لذات ِ الألـــم ، هل يوعز الى البلاهةِ أم الى الغرابة ؟
و المعنى حين يعجز عنه الوصف .. يُطلقون حريتـه ليسمو الى المجاز .. ليتك مجازاً ، فحقيقتك لا تُحتمل .
كان خامسهم برأي آخر .. أو فلنقل بمعاناة أخرى .. فجاء قائلاً والأغتراب الذي يعانيه بين جدران وطنه ، يقتلـــه :
أيُ عُيونٍ تٓراه ُ وَ قَد باتَ أقربُ للخَيال !
وأيُ يدٍ تَلمس حَقيقته بَعدما سُرقت ، فَكَانَ الوَهم هُوَ البَديل المُتوفر لَهَا ، رُغم بَشاعته !
يُحاول جَمعٌ مِنَ النْاس .. كَذبـــاً و أدعائـــاً
رَسمَهُ بألوان ٍ زيتية تَفتقرُ الىٰ الأصالة تَحْت َ سَماء مُمطرة .. لِـ يَسرقون حَرفهُ الأخير .
فَـ سَقَط ذَلِكَ الحَرف .. مَعَ الضَحايـــا ! وما أكثَرهم
فَلَم يبقىٰ من رَسمه إلا العـراء ..
بَعْد ما سَرقوا سورة الـ ق .. من قرآنـــه ِ .
.
من صديق