أصول قبيلة الطاطران
تناولت كتابات بعض المؤرخين موضوع أصول قبيلة (الطاطران) الذين يسكنون المناطق الشمالية والشرقية من العراق وخاصة محافظة ديالى.
فبعض الكتابات ارجعت اصول قبيلة الطاطران الى أنهم ينتمون الى التركمان كون أن الكثير من ابناء تلك القبيلة يتكلمون اللغة التركمانية بطلاقة، ولربما استندت تلك الكتابات الى شهادات اُناس غير ملمين بالأصول الحقيقية لتلك القبيلة.
بل ذهبت كتابات اخرين الى ابعد من ذلك، وذكروا بأن قبيلة الطاطرات هم من بقايا ( التتر ) أي المغول الذين قاموا بغزوا بغداد سنة 656ه. ولم يستندوا في ذلك الى حقائق وشواهد قاطعة، وانما استندوا الى تسمية (طاطران) وحولوها الى تاتران وبالتالي تصبح قريبة من تسمية ( تتر).
كما ذكرت كتابات أخرى الى ان قبيلة الطاطران هم من بقايا مواطني الدولة العثمانية التي حكمت العراق بولاياتهِ الثلاثة ( الموصل وبغداد والبصرة ) للفترة من عام 1532 الى 1918م.
فضلاً عن كتابات أخرى تناولت اصل قبيلة الطاطران وارجعتها الى هذا الطرف أو ذلك وبطريقة بعيدة عن الواقع.
ويرى ابناء قبيلة الطاطران أن جميع الآراء الآنفة الذكر، لم تستند على حقائق ووثائق علمية أو شواهد تاريخية، وانما استندت الى حقائق ظاهرية أو شكلية بعيدة عن الواقع.
فقبائل الطاطرات المنتشرة في المناطق الشمالية والشرقية من العراق ومنها منطقة تلعفر في نينوى، ومناطق قره تبة والعظيم وعين ليله وكوكه جان في ديالى وغيرها. هم من القبائل العربية التي انضوى معظم افرادها تحت راية قبائل العزة، وخاصة في مناطق ديالى، التي وقف فيها ابناء الطاطران الى جانب قبيلة العزة في حادثة تاريخية مشهورة. ويبدو أن إنضواء وانتماء الطاطران الى قبائل العزة منذ زمن بعيد، هو السبب في عدم تثبيت اصولهم ولقبهم. ويذكر أن للطاطران في بغداد محلة مسماة باسمهم وهي (محلة الطاطران).
وبحسب ما يؤكد ابناء قبيلة الطاطران، أنهم من القبائل العربية التي تنتمي في اصولها ونسبها الى العشائر العباسية في العراق، فمن المعروف تاريخياً أن العباسيين قَدِموا الى العراق واستوطنوا فيه منذ تولي الصحابي الجليل ( عبدالله بن العباس بن عبد المطلب ) رضي الله عنه (امارة البصرة) في عهد أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام.
وتعزز وجود العباسيين في العراق بشكل كبير ولاسيما بعد اقامة الدولة العباسية في سنة (132ه) على يد (عبد الله أبو العباس السفاح) في الكوفة، ومن بعده اخيه الخليفة ابو جعفر المنصور وهو ثاني خلفاء بني العباس، الذي اسس مدينة بغداد سنة (145ه) لتكون العاصمة الجديدة للدولة الاسلامية العباسية حيث اكتظت بغداد وباقي مدن العراق بأبناء الاسرة العباسية، التي اخذت تنتشر وتنساح من العراق الى باقي المدن والاقاليم ولاسيما تلك التي تعتبر جزء من اراضي الدولة الاسلامية العباسية.
أصل التسمية ( طاطران ):.
عندما قام المغول بغزو بغداد عاصمة الدولة العباسية سنة (656ه) وسيطرتهم عليها، قامت السلطات المغولية الجديدة بمطاردة واعتقال وقتل ابناء العباسيين، خوفاً من قيامهم بتحشيد الناس ضد الغزو المغولي، أو لكونهم ينتمون الى سلالة بني العباس التي اُسقِطت دولتهم على يد المغول. وتذكر الروايات بأن الكثير من العائلات العباسية قد هاجرت بغداد باتجاه المناطق الاخرى والدول المجاورة للعراق خوفاً من بطش السلطات المغولية. إذ تذكر الروايات بأن عدد من العائلات العباسية قد هاجرت باتجاه الاراضي التركية وتحديداً في مناطق جنوب شرق تركيا الحالية كمناطق ديار بكر وغيرها، واستوطنت تلك العائلات هناك واستقرت لعشرات السنين.
وبعد ظهور الدولة العثمانية، ومن ثم قيامها بالاستيلاء على العراق للفترة من (1532-1918)م، عادت معظم تلك العائلات العباسية الى مناطقها في العراق، كما عمل عدد من افرادها كموظفين لدى السلطات العثمانية في العراق، لكونهم كانوا يتقنون اللغة التركية.
وتذكر الروايات أن السلطات العثمانية في العراق كانت تعتمد في تأمين ونقل البريد الرسمي بين الولايات العثمانية على افراد يتكلمون التركية ويمتازون بالشجاعة والأمانة والصدق، وكانت تلك الصفات تتوافر بأفراد تلك العائلات الذين اطلق عليهم تسمية (طاطران). فكلمة طاطران في اللهجة العثمانية كانت تعني (اُمناء البريد) أو (مسؤولي البريد).
فتسمية طاطران كانت قد اطلقت على أولئك الافراد الذين يقومون بإيصال وتأمين البريد بين الولايات العثمانية، ومن ثم انتقلت تلك التسمية على ابناءهم وأحفادهم والى يومنا هذا.
بقلم الباحث. حسن داود