هل نفضّلين تدليل طفلك أم إهماله؟

  • تفعل الأم "المستحيل" من أجل أطفالها، كما تبذل ما تستطيع لتلبية طلباتهم ورغباتهم وكل ما تتوق إليه قلوبهم حتى يكونوا سعداء، ولكنّ الأهل الذين يُفرطون في العطاء أو بالأحرى الذين يُفرطون في الدلال والتساهل في العقوبات، غالباً ما يُفسدون أطفالهم. فالأطفال المدلّلون خطر على أنفسهم وأطباعهم ونموّهم، بحيث لا يعتبرون أنفسهم مضطرين للتفكير والتعلّم من أجل إيجاد الحلول لمشاكلهم.

    ونتيجة هذا التراخي واتكالهم على أهلهم في أدنى التفاصيل، تفوتهم مهارات الحياة الأساسية. ويُمسون غير مسؤولين ومتمرّدين، لا يعترفون بجميلٍ ولا يأبهون لمشاعر الآخرين وحاجاتهم... وتغلب عليهم الأنانية وقلّة الاحترام بحيث يعجزون عن إرساء روابط اجتماعية وإنسانية صادقة ومتينة، وينتهي بهم الأمر وحيدين. وكما أنّ الإفراط في تدليل الأطفال والمبالغة في حمايتهم، يهدّم شخصيتهم ويؤثر سلباً في هويتهم، كذلك إهمالهم وعدم الاكتراث لحاجاتهم.

    وتؤكّد الدراسات مراراً وتكراراً أنّ إهمال الأطفال تماماً كالتعرّض لهم بالضرب، يؤثر سلباً في نموّهم النفسي والمعرفي والسلوكي. ويُمكن لهذه التاثيرات السلبية أن تترواح بين قلّة الثقة بالنفس واضطرابات الانتباه والمشاكل التعلمية والاضطرابات الاجتماعية والتصرفات العدوانية والعنيفة التي يُمكن أن تصل أحياناً إلى حدّ الإنحراف والإجرام. باختصار، يُمكن للإهمال أن يؤثر عميقاً في الأطفال والمجتمع الذي يعيشون فيه.

    وفي الختام، يُمكن القول إنّ إهمال الأطفال وتدليلهم لا يؤتيان ثماراً طيبة. والأفضل إيجاد طريقة تربوية وسطية ما بين الاثنين توفّر للأطفال كل ما يحتاجون إليه من حب وحنان ورعاية وتربية وأخلاق، من دون أن تمسّهم جسدياً أو لفظياً، تماماً كالتربية اليابانية التي خرّجت ولا تزال تُخرّج أجيالاً من المواطنين المُنضبطين والوطنيين والمسؤوليين من خلال تلقين صغارها أصول التهذيب والحياة الجماعية وقواعد التصرّف والاحترام بأسلوبٍ إيجابي يعتمد على الحنان المستفيض من الأب والأم معاً والصبر والتجلّد والحفاظ على الهدوء والتعبير عن الامتعاض بالنظرات ونبرات الصوت لا بالكلام الجارح والضرب.