ما أنتَ في هذي الحياةِ فُضولُ || بلْ أنتَ رُكْــنٌ ثابـِتٌ وَأصـيلُ
زَرَعتْكَ في هذا الوُجودِ مَشيئَةٌ || لا الظلْمُ يوقِـفُها ولا التَّعْـطيل
أعْـطَتْكَ حَـقاً أنْ تعيشَ بِعِــزَّةٍ || ما كانَ للـباغـي عَلـيْكَ سَبيل
حُــرّيَةٌ مَكـْفـولـةٌ مَنْ غــالَهــا || لا العُــذْرُ يُنْـقـِذُهُ ولا التَّعـلـيلُ
مَـلعــونَةٌ أفْـعــالُهُ مَـرْفــوضَةٌ || لا شيْءَ فــيهـا طَـيِّبٌ مَقْـبول
مَنْ ذا سَيُقْنِعُنا لِنَعْـذُرَ مُجْـرِمـاً || أوْ مَـنْ يُبَـرِّرُ ما جَـنى ضِلّـيلُ
حُرِّيّةٌ هيَ في القلوبِ عَــقــيدَةٌ || نـادتْ بِذاكَ شَرائِعٌ وَعُـقــول
حــريَّةٌ هيَ للـحَـياةِ كَــرامَـــةٌ || لمْ يُخْـفِـهـا التَّعْـتـيمُ وَالتَّــأويل
ليسَ الطُّغاةُ بِمالكينَ مَصيرَهـا || مَهْـمـا يَكُنْ في أمْـرِهِمْ تَهْويل
بلْ هُمْ عُداةٌ جاوَزوا أقْدارَهُــمْ || لمْ يَمْلـِكوا أنْ يَمْـنَعـوا وَيُنـيلوا
**********
وَهَلِ الطُّـيورُ سَعيدَةٌ وَحُدودُها || أقْـفـاصُها وَالحَـبْسُ وَالتّكْـبـيل
أمْ كيْفَ تَحـيا دونَ رَفِّ جَـناحِـــــهاالمَبْسوطِ في كلِّ المُيولِ يَميلُ
مِــنْ حَـوْلِـهِ الآفـاقُ كـالأمِّ الّتي || تَرْعاهُ حُــرّاً أيْنَ شـاءَ يَجــول
كُلُّ النُّسورِ تُعَـلّـِمُ الأفْـــراخَ أنْ || تَرقى إلى رَحْبِ الفَضا وَتَصولُ
أمّا الطُّغــاةُ فَيَكْسِرونَ جَـناحَها || لِيَعـيشَ فَـرْخٌ رَفَّ وَهْـوَ ذَليل
يا أيُّهــا الإنْسانُ أوْ يا مَــنْ لــهُ || سَـجَدَ المَـلائِكُ وَالإلـهُ كَـفيـل
هَلَكَ الطُّغاةُ وَما لَهُمْ أثرٌ جَــمــيــــلٌ، أوْ مِـنَ الذِّكْرِ الجَميلِ فَـتيلُ
وَبَقيتَ أنتَ على الزَّمانِ مُخَلَّداً || تَسْمـو عَلى ذاكَ الخَنا وَتَطول
يا أيُّهـــا النَّـسْرُ الذي يَأبى الـهَــوانَ ولمْ يُخِفْهُ السِّجْنُ والتَّـنْكيل
عَــلِّمْ فِـراخَـكَ ما الإِباءُ فَإنَّهــا || سَتَطـيرُ فـي حُـرِّيّــةٍ وَتَـشول
لا تَنْحَــني لِعِــبادَةِ الأصْنامِ بلْ ||عَـبْرَ السَّماءِ لها صَدىً وَصَهيل
وَتُسَبِّحُ الخَلاّقَ في الآفـاقِ لـنْ || يَصْطـادَها مُسْـتَعْمِـرٌ وَعَـميل
تَهـفـو إلى الجَـوِّ النّقيِّ ضياؤُهُ || وَتَعـيـشُ فـيـهِ وَالنَّسيمُ عَليـل
**********
يا أيُّها الإنْسانُ لا يحــيا سوى الــــــمِقْدامِ، لا خَــوْفٌ ولا تَخْـذيل
حـريةٌ حـمْراءُ كمْ نَذَروا لَهـا || مَهْــرأً، ومـا في دَفْـعِـهِ تَأْجيـل
كلُّ الشُّعـوبِ تَهُـبُّ دونَ تَرَدُّدٍ || وجَميعُها شَرِسُ الطِّباعِ عَـجول
لبّوا النّداءَ معَ الصَّباحِ كَأَنَّهـمْ || وَكــأنَّهــا لِـلـمُـؤْمِـنـيـنَ رَسولُ
فانْهَضْ لجَلاّديكَ لا تَرْكَعْ لهُمْ || وَارْفَـعْ جَـبـيـنَـكَ فَـوْقَــهُ إكْـليلُ
خَلّصْ حُـقوقاً لا تُهادن ظالِماً || أو تنـتظـرْ خَـيْراً وَخَصْمُكَ غول
إنَّ الذي وَهَبَ الحَياةَ يَصونُها || وَإذا قَضَيْـتَ إلـيهِ سَوْف تَئـول
خَــيْرٌ مـنَ الــدُّنْيـا إذا كانَ الهَــوانُ سَـبيلَهـا والغُــرْمُ فـيـهِ وَبـيل
فَـإلى مَــعادٍ عــنْدَ رَبٍّ قــادِرٍ || فـيهِ الخُـلـودُ وأنتَ فـيه نَـزيـل
حسن منصور