البورصة أو سوق الاوراق المالية
البورصة أو سوق الأوراق المالية "Stock exchange"، أوالِمصْفق "من صفقة" كما ترى بعض المعاجم اللغويّة العربية، سوق ولكنها تختلف عن غيرها من الأسواق، فهي لا تعرض ولا تملك في معظم الأحوال البضائع والسلع، لكنها تعرض بيانات عن أسعارها، وغالبا ما تكون هذه البضائع أسهم وسندات. وتعرف البورصة أو المصفق بالسوق المقفلة، والبورصة سوق خادعة فالبائع فيها كما المشتري قد يتعرض لخسارة كبرى في أي عملية من العمليات لأنه استند في استنتاجاته في البيع أو الشراء إلى بيانات خاطئة أو غير دقيقة أو أنه أساء تقدير تلك البيانات.
وبالنظر إلى جو المنافسة الحرة في البورصة فإن ذلك قاد في كثير من الأحيان إلى عمليات مضاربة شديدة انهارت فيها مؤسسات مالية وشركات كبرى، كما حصل في الإثنين الأسود في بورصة نيويورك، أو الاثنين الأسود الآخر الشهير في الكويت عام 1983 عندما بلغت الخسائر في سوق المناخ للاوراق المالية قرابة 22 مليار دولار. أو كارثة فبراير في سوق الأسهم السعودية حيث فقد المؤشر 50% من قيمته كما فقدت معظم المتداولين السعوديين 75% من رؤوس أموالهم وأيضا الثلاثاء الأسود يوم 14-3-2006، بالإضافة إلى أيام سوداء عدة في مختلف أسواق الخليج.
ويشار إلى مستوى سوق الاسهم بما يسمى نقطة, ويتم إحصاء النقاط للخسارة والارتفاع بما يسمى سعر الإغلاق للسوق في اليوم.
ويعتمد المتداولون عموماً على أسلوبين في اختيار الأسهم، التحليل الفني والتحليل الأساسي. ويتغير سعر السهم في سوق الاسهم كنتيجة مباشرة لتغير نسب العرض والطلب على هذا السهم أو ذاك، ففي حالة الإقبال الشديد على الشراء فإن طلبات البيع رخيصة الثمن سوف تنفذ, وتبدء الطلبات الأكثر سعرا بالظهور ويبدأ معها السعر بالارتفاع, وهذا على عكس مايجري في حال الإقبال على البيع.
أصل كلمة بورصة
يعود أصل كلمة "بورصة" إلى اسم عائلة فان در بورصن (Van der Bürsen) البلجيكية التي كانت تعمل في مجال البنوك، واتفق على أن يكون الفندق الذي تملكه هذه العائلة بمدينة بروج (بالإنجليزية: Bruges) مكاناً لالتقاء التجار المحليين في فترة القرن الخامس عشر، فأصبح بمرور الزمن رمزا لسوق رؤوس الأموال وبورصة للسلع. جاء أول نشر لما يشبه قائمة بأسعار البورصة طيلة فترة التداول لأول مرة عام 1592 بمدينة انفرز (Anvers).
دورها في نظر الاقتصاديين الليبراليين
تأمين سيولة لتبادل الأسهم المطروحة في السوق الأولية
فالمكتتب على السهم, يستطيع بيع سهمه في سوق البورصة التي تسمى السوق الثانوية على أساس العرض والطلب, وقبل نشوء البورصة, كان أي شخص يريد بيع حصة له في شركة ما, يعلن عن ذلك عبر السماسرة والأصدقاء, بينما أصبح الآن قادرا على بيع أي حصة له –التي تدعى الآن أسهما- عبر تقنيات البورصة المعروفة.
تسهيل جمع السيولة النقدية لنمو الشركات
إن طريقة اصدر الأسهم هي أسهل الطرق وأكثرها شيوعا لتمويل نشاطات الشركة التوسعية ومن الأمثلة على نشاطات الشركة التوسعية الاستحواذ على شركات أخرى وتوسيع الخطوط الانتاجية وزيادة الحصة السوقية والاندماجات الخ....
تحفيز المدخرات نحو الاستثمار
بدلا من أن يضع المدخر نقوده في المصارف بعوائد منخفضة نسبيا فإن سهولة الاستثمار في السوق المالية يحفز المدخر لوضعها فيه وبالقطاعات الاقتصادية المختلفة. ولكى يتم تشجيع افراد المجتمع على الاستثمار فيجب أولا أن يتم خفض سعر الفائدة في المصارف وفتح مجالات للاستثمار في المجتمع وتشجيع صغار المستثمرين باعفائهم من الضرائب لمدة معينة ومساعدتهم على تسويق منتجاتهم وتدريب من يحتاج منهم للتدريب مع العمل على فتح اسواق جديدة لهولاء المستثمرين.
توفير فرص استثمارية لصغار المستثمرين
ان الاستثمار بالأسهم مفتوح لكل من كبار وصغار المستثمرين على حد سواء لأن المستثمر يستطيع شراء الكمية التي يرغبها من الأسهم وحسب قدرته, فلا يجب على المستثمر أن يملك أموالا طائلة للقيام بإنشاء شركة ما, بل يمكنه أن يملك جزءا يسيرا جدا من أي شركة, عبر شرائه أسهما فيها, ما يمكن صغار المدخرين من استثمار أموالهم.
مساعدة الحكومة والشركات على جمع النقود للمشاريع الإنمائية
من الممكن أن تفكر الحكومة باقتراض الأموال وذلك لتغطية تكاليف مشاريع البنى التحتية و تسهل السوق المالية الأمر من خلال طرح سندات في هذه السوق.
إعادة توزيع الثروة
نظرا لاتساع الشريحة المتعاملة في الأسواق المالية فإن المكاسب تساعد في تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأمور قد تسير بالاتجاه المعاكس.
تحفز حكومة الشركات
لأن السوق المالية تساهم في توسيع قاعدة المساهمين فإن الشركات تسعى إلى استقطاب مساهمين أكثر لخدمة أهدافها التوسعية هذه و من أهم معايير استقطاب هؤلاء المستثمرين كفاءة الإدارة في تحقيق غايات المساهمين لذلك فإن الاتجاه العام أن شركات المساهمة العامة أكفأ من ناحية الإدارة من شركات المساهمة الخاصة.
تعد مؤشرات الأسهم مقياس للأداء الاقتصادي
ان الأسواق المالية تعمل كمرآة للاقتصاد ((في غالب الأحيان)) وذلك من خلال تفاعل قوى العرض والطلب وتأثر هذه القوى بالحالة الاقتصادية.
فالمؤشر العام لأسعار الأسهم في السوق المالي يعد من المؤشرات السابقة للأحداث بإعتبار أن أسعار الأسهم هي إنعكاس لتوقعات الأحداث الاقتصادية التي ستسود مستقبلا وعليه فإن التحرك في مستوى المؤشرسوف يعكس الوضع الاقتصادي الذي سيسود وبالتالي يساعد راسمي السياسة الاقتصادية من اتخاذ التدابير الصحيحة تؤدي البورصة دورا هاما في الحياة الاقتصادية، وإذا ما حاولنا عرض أهم الوظائف التي يمكن أن تؤديها، فيمكن حصرها فيما يلي:
(1) تنمية الادخار عن طريق تشجيع الاستثمار في الأوراق المالية، وتوجيه المدخرات لخدمة الاقتصاد القومي. حيث تشجع سوق الأوراق المالية على تنمية عادة الادخار الاستثماري، خاصة بالنسبة لصغار المدخرين الذين لا يستطيعون القيام بمشاريع مستقلة بأموالهم القليلة، ومن ثم فإنهم يفضلون شراء أوراق مالية على قدر أموالهم، وهذا يساعد على خدمة أغراض التنمية والحد من التضخم، كما أنها تساعد على توجيه المدخرات نحو الاستثمارات الملائمة (سواء في الأسهم أو السندات) وذلك وفقا لاتجاهات الأسعار.
(2) المساعدة في تحويل الأموال من الفئات التي لديها فائض (المقرضين) إلى الفئات التي لديها عجز (المقترضين). فالمقرضون يقومون بتخفيض نفقاتهم الاستهلاكية الحالية مقابل الحصول على دخول أعلى في المستقبل عند حلول آجال استحقاق تلك القروض، وعندما يقوم المقترضون باستخدام تلك الأموال المقترضة في شراء وتأجير عناصر الإنتاج، فإنهم سوف ينتجون دخولا أعلى، وبالتالي زيادة مستوى المعيشة ليس فقط للمقترضين بل لكل فئات المجتمع.
(3) المساهمة في تمويل خطط التنمية عن طريق طرح أوراق مالية حكومية في تلك السوق. حيث رافق بروز أهمية الأوراق المالية التي تصدرها شركات المساهمة ازدياد التجاء الحكومات إلى الاقتراض العام من أفراد الشعب، لسد نفقاتها المتزايدة وتمويل مشروعات التنمية، وذلك عن طريق إصدار السندات والأذون التي تصدرها الخزانة العامة ذات الآجال المختلفة، ومن هنا صارت هذه الصكوك مجالا لتوظيف الأموال لا يقل أهمية عن أوجه التوظيف الأخرى.
(4) المساهمة في دعم الائتمان الداخلي والخارجي. حيث إن عملات البيع والشراء في بورصة الأوراق المالية تعد مظهرا من مظاهر الائتمان الداخلي، فإذا ما ازدادت مظاهر هذا الائتمان ليشمل الأوراق المالية المتداولة في البورصات العالمية أصبح من الممكن قبول هذه الأوراق كغطاء لعقد القروض المالية.
(5) المساهمة في تحقيق كفاءة عالية في توجيه الموارد إلى المجالات الأكثر ربحية؛ وهو ما يصاحبه نمو وازدهار اقتصادي. وهذا الأمر يتطلب توافر عدة سمات في سوق الأوراق المالية، يمكن إيجازها فيما يلي:
(أ) كفاءة التسعير: بمعنى أن تعكس الأسعار كافة المعلومات المتاحة.
(ب) كفاءة التشغيل: بمعنى أن تتضاءل تكلفة المعاملات إلى أقصى حد، مقارنة بالعائد الذي يمكن أن تسفر عنه تلك المعاملات.
(ج) عدالة السوق: بمعنى أن تتيح السوق فرصة متساوية لكل من يرغب في إبرام الصفقات.
(د) الأمان: ويقصد به ضرورة توافر وسائل للحماية ضد المخاطر التي تنجم عن العلاقات بين الأطراف المتعاملة في السوق، مثل مخاطر الغش والتدليس وغيرها من الممارسات اللاأخلاقية التي يعمد إليها بعض الأطراف.
(6) تحديد أسعار الأوراق المالية بصورة واقعية على أساس من المعرفة الكافية ودرجة عالية من العدالة. حيث يتم تحديد أسعار الأوراق المالية عبر المفاوضة أو المزايدة (المزاد العلني) والتي تعكس بصورة أقرب إلى الدقة رأي المتعاملين في السعر المناسب للورقة المالية وفقا لظروف السوق السائدة، بالإضافة إلى ما تقوم به الشركات والجهات الاقتصادية من نشر كافة البيانات المتعلقة بالشركات وصكوكها وأرباحها ومراكزها المالية؛ وهو ما يحول دون خلق سعر غير واقعي للورقة المالية. ويمثل هذا السعر أفضل الأسعار بالنسبة للبائع (أعلى سعر طلبHighest Bid) وللمشتري (أدنى سعر عرض Lowest Offer).
(7) إن سوق الأوراق المالية تعتبر أداة هامة لتقويم الشركات والمشروعات. حيث تساهم في زيادة وعي المستثمرين وتبصيرهم بواقع الشركات والمشروعات، ويتم الحكم عليها بالنجاح أو الفشل. فانخفاض أسعار الأسهم بالنسبة لشركة من الشركات دليل قاطع على عدم نجاحها أو على ضعف مركزها المالي؛ وهو ما قد يؤدي إلى إجراء بعض التعديلات في قيادتها أو في سياستها أملا في تحسين مركزها.
سلبيات أسواق المال
تحليل نظري للمضاربة
يجدر التمييز بين الاستثمار في الشركات عن طريق السوق المالي بهدف الحصول على نسبة من أرباح تلك الشركات وهو بكل تأكيد مفيد لتلك الشركات ويساهم في نشاط الاقتصاد، عن طريق الاستثمار في السوق المالي وشركاته بهدف المضاربة، وهو الحافز الرئيسي للمستثمرين في السوق. وبالنسبة لهؤلاء، أفراداً أو مؤسسات، لا يعتبر السوق المالي منتجاً للثروة كما هي التجارة، بل ساحة لتبادل الثروة فقط، إذ يحتمل ولو نظرياً أن تتمكن كل الشركات في أي نشاط تجاري عادي من تحقيق الأرباح أو عدم التعرض للخسائر على الأقل، لكن ذلك غير ممكن عن طريق المضاربة في الأسواق المالية حتى نظرياً، فكل ربح عن طريق المضاربة في السوق المالي لا بد من أن تقابله خسارة طرف آخر. ولو بعد حين.
الطرف الاستثماري الحقيقي في السوق هو إدارة السوق بالإضافة إلى الوسطاء الذين يتقاضون عمولات مفروضة على كل عملية تداول. وبالتالي فهم يضمنون ربحهم سواء خسر المتداول أم ربح.
غياب السيولة عن الاقتصاد "الحقيقي"
ويساهم السوق المالي في غياب السيولة عن الاقتصاد، إذا يتسبب ضخ السيولة في السوق المالي خصوصاً أثناء فترات صعود السوق وارتفاع الأسعار في تشجيع الناس على استثمار مدخراتهم ودخلهم ورؤوس أموالهم للمضاربة في السوق المالي. وبالتالي يلاحظ تباطؤ في نشاطهم الاقتصادي خلال تلك الفترات.
الأسواق منقطعة عن الواقع
اعتبر الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز في كتابه النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود (الباب الثاني عشر) أن البورصة أشبه بمباراة جمال أي أنّ الربح في البورصة يقتضي ألا تشتري أسناد الشركة الأكثر ربحا بل أسناد الشركة التي يعتقد الجميع أنها تحقق أكثر ربح.
ويؤدي هذا الفارق اللطيف إلى استعمال مبالغ فيه للدعاية والإعلام إذ أنّ الشركة لا تحتاج أن تكون رابحة بل أن تُوهِم أغلبيةَ الفاعلين بهذا ثمّ أن تعلم القاصي والداني بأن الأكثرية تعتقد بأنها رابحة، مما سيزيد من ثقة الفاعلين بها وإن على أسس وهمية.
وتشهد على ذلك فضائح مالية من قبيل قضيتي إنرون وورلدكوم اللتين خرّبت حياة الألوف من الناس.
اعراض المضاربين عن الاقتصاد الحقيقي
يتسبب دخول مستثمرين كثر غير متعودين على المضاربة في السوق بضياع مدخراتهم ورؤوس أموالهم، كما يشجع الكثيرين على الكسل والتراخي، فالتداول في السوق لا يتطلب من وجهة نظر الكثيرين، إي جهد، ولا يتطلب فتح شركة، ولا توظيف موظفين، ولا استخراج موافقات وتراخيص وحسابات ورواتب، مما يعني وعوداً بأرباح كبيرة، دون جهود مقابلة، لكن السوق لا يفي دائماً بتلك الأحلام.
انهيار السوق المالي
مقال تفصيلي : انهيار السوق المالي.
تتحرك كل الأسواق المالية في شكل موجة تكون في محصلتها النهائية متصاعدة، لكنها تتعرض لانخفاضات متفاوتة المدة والشدة خلال الزمن. وتتحول عملية التداول في السوق المالي إلى ظاهرة اجتماعية في مراحل معنية، مما يعني ضخ سيولة إضافية في السوق، وارتفاع أسعار الأسهم فوق كل الحدود المنطقية، وتتحول بالتالي قضية المضاربة في السوق إلى الشغل الشاغل للناس، وأمام هذه الأرباح الخيالية التي يشعر البعض بأنها في متناول يديه، أو يكون البعض الآخر قد حققها في الواقع، يبادر الكثيرون إلى ضخ المزيد أيضاً من السيولة في السوق المالية، مما يزيد في تصاعد الأسعار إلى حدودها القصوى والنهائية، حين يتم ضخ كل السيولة المتاحة في السوق، وعند ذلك لا يبقى سوى وقت قليل لحدوث الانهيار ومعه تنهار أحلام الكثيرين.
منقول للفائدة