من أشهر شعراء الجاهليّة "الحطيئة"، والذي عرف بهجائه لكّل من عرفه حتّى نفسه. فمن هو هذا الشاعر؟ وبماذا اشتهر؟ ولماذا سميّ الشاعر الحطيئة بهذا الإسم؟
الاسم الكامل للشاعر الحطيئة هو "جرول بن أوس العبسيّ، كنيته "أبو مليكة" نسبة لمليكة ابنته. الحطئية هو شاعر مخضرم عاش في العصر الجاهليّ والإسلاميّ، والشاعر "المخضرم" هو الذي يعيش في عصرين مختلفين. أسلم أبو مليكة الحطيئة في عهد الخليفة الراشديّ "أبي بكر الصديق"، وتوفي في السنة الرابعة والخمسين للهجرة. ولد أبو مليكة الحطيئة بلا نسب دون أن يعرف أمه أو أباه، وقد عاش بين بني "عبس" وكان محروماً من الأهل والسند، وظلم بين قومه، وقد يكون هذا السبب في كونه عرف بالهجاء واشتهر به، ولم يسلم أي أحد من لسانه اللاذع وهجائه الصليت.
أمّا سبب تسمية الحطيئة بهذا الإسم فذلك يعود إلى هيئته الجسديّة، ففي الغالب هو كان معروفاً بأنّه قصير القامة قريباً من الأرض، وكان جسمه ضئيل الحجم صغيراً. وقد كان يعاني من قبح وجهه ومنظره، ففد كان "أفقم" أي أنّ فكّه السفليّ كان بارزاً وكان وجهه قبيحاً ومعالمه كذلك. وقد رأى الكثير من العلماء أنّ مظهره هذا كان سبباً في عقده النفسيّة، والتي دفعته إلى هجاء كلّ من حوله للتعويض عن النقص الذي كان يشعر به. وقد عرف الحطيئة بفساد دينه وأن عقيدته وإيمانه سطحيّ، وقد أسلم وارتد في عهد أبي بكر الصديق وعاد لإسلامه بعد ذلك.
أمّا شعره فقد كتب الحطيئة مئة وست عشرة قصيدة جمعت كلّها في ديوان واحد يسمّى "ديوان الحطيئة"، وأغلب شعره في الهجاء. كما أنّ الحطيئة يعرف بأنّه من روّاد الشعر القصصي الأوائل، ونجد في شعره أنّه أول من بدأ كتابة القصة على شكل الشعر. كما أنّه نجد لديه بعض القصائد القلال التي تناولت موضوع "المدح والثناء" والتي تمتاز بالجزالة وقوّة الألفاظ والتراكيب، كما نجد الحكمة في أبياته.
ومن أشعاره في المدح:
زوامل للأخبار لا علم عندها***بمثقلها إلاّ كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا***بأوساقه أو راح ما في الغرائر
ومن أشهر أبياته في الهجاء، والتي هجا نفسه بها:
أرى لي اليوم وجهاً قبّح الله شكله***فقبّح من وجـهٍ وقبّـح حاملـه
الشعر صعب وطويل سلمّه***إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل***بتيهاء لم يعرف بها ساكن رسما