ربما لن تشعر المرأة البريطانية التي تعود من عملها لتبدأ على الفور في القيام بالأعمال المنزلية، حتى وإن كان شريك حياتها في المنزل طوال اليوم، بأي ارتياح عندما تخبرها أن الشيء نفسه يحدث في أجزاء أخرى من أوروبا.
لكنها ربما تثور عليك إن أخبرتها ما يقترحه بعض الأكاديميين، وهو أن النساء “يظهرن أنوثتهن” من خلال القيام بالأعمال المنزلية، حتى إذا كان لديهن القليل من وقت الفراغ، في حين أن الرجال “يظهرون رجولتهم” بالتملص منها.
فحص مشروع مشترك بين الأكاديميين في جامعتي أوتريخت وكاليفورنيا بيانات ما يقرب من 30 ألف شخص من 27 دولة أوروبية، وفي إسرائيل، لدراسة تأثير الركود على الأعمال المنزلية. وقد أظهرت الأبحاث أن النساء في المملكة المتحدة يقضين أكثر من ضعف الوقت في إنجاز الأعمال المنزلية بالمقارنة للرجال: 15.7 ساعة في الأسبوع للمرأة و6.3 ساعة للرجل. تقل الفجوة إذا كانت المرأة تعمل وشريك حياتها عاطل عن العمل، ولكن بشكل طفيف.
أما إن كانت المرأة عاطلة عن العمل، يزيد الوقت الذي تقضيه في العمل المنزلي أكثر من ذلك، بينما يعمل الرجال في بيوتهم إن كانت الزوجة عاملة نفس القدر من الأعمال المنزلية الذي يقوم به الرجال في الأسر التي تكون فيها المرأة عاطلة عن العمل.
الباحثان، تانيا فان دير ليبه ولوكاس نوربوتاس في جامعة أوتريخت وجوديث ترياس في جامعة كاليفورنيا في ايرفين، نشرا النتائج التي توصلا إليها في مقال نشر في مجلة Work, Employment and Society، التي تنشرها رابطة علم الاجتماع البريطانية.
ويقولان إن السبب وراء تلك الأرقام قد يكون أن البطالة تساعد في تحييد “الاختلافات بين الجنسين” بحيث “يسعى الرجال العاطلون عن العمل، الذين يشعرون بالتقصير في إعالة أسرهم، إلى تأكيد ذكورتهم عن طريق تجنب الأعمال المنوطة بالمرأة نمطياً، بينما تسعى زوجاتهم إلى التعويض عن طريق بذل المزيد من الجهد. في الواقع، وجد أن النساء اللاتي يكسبن مالاً أكثر من أزواجهن يقمن بالأعمال المنزلية أكثر من غيرهن”.
وهكذا، مع تنامي مشاعر الإحباط لدى الرجال بسبب البطالة، فإنهم يقومون بقدر أقل من الأعمال المنزلية، في حين أن النساء يلجأن للتعويض الزائد، وهو ما يعني أنه في مواجهة البطالة يكون تقسيم الأعمال المنزلية أقل مساواة بين الجنسين.
إجمالي عدد الساعات التي تقضى في الأعمال المنزلية تختلف من بلد إلى آخر، في البلاد التي شملتها الدراسة، ووجد أن أوكرانيا لديها أعلى معدل من الساعات الأسبوعية التي ُتقضى في الأعمال المنزلية لكل من النساء (31.2 ساعة في الأسبوع) والرجال (16.6). وكان أقل عدد ساعات ذكر من قبل النساء في الدنمارك (12.4)، في حين أن الرجال في البرتغال استطاعوا القيام بالأعمال المنزلية فقط ل4.7 ساعات.
وتختلف حصة النساء من الأعمال المنزلية من بلد إلى آخر: في اليونان، على سبيل المثال، فإن النساء يقمن بنسبة 82٪ من الأعمال المنزلية، مقارنة مع 61٪ في السويد.
وخلص الباحثون إلى أن “الرجال والنساء يقومون بالمزيد من الأعمال المنزلية إذا كانوا عاطلين عن العمل. ومع ذلك، فإن العمل المنزلي الإضافي أكثر بالنسبة للنساء العاطلات عن الرجال العاطلين عن العمل. إذ أن ردة فعل النساء للبطالة أقوى من الرجال. وتقوم المرأة بالأعمال المنزلية أكثر من الرجل ليس فقط في حالة تعطلها عن العمل، ولكن أيضاً في حالة تعطل زوجها عن العمل!
ولكنهم أضافوا “أياً كان التفسير، فإن مفاهيم المحايدة بين الجنسين وتوفر الوقت غير كافية لتفسير قيام المرأة بالمزيد من الأعمال المنزلية عندما يكون زوجها عاطلاً عن العمل.
“إذا كان الرجال العاطلين عن العمل لا يزيدون من مساهمتهم في الأعمال المنزلية بما يكفي لتعويض العبء الإضافي الذي يخلقونه من خلال قضاء المزيد من الوقت في المنزل، فسيكون عبء العمل المنزلي للمرأة أعلى مما هو الحال بالنسبة للرجل إن كانت زوجته لا تعمل”.
ووجد الباحثون أن هذه النتائج تنطبق على جميع البلدان الثمانية والعشرين التي درسوها، وأنه في البلدان التي فيها معدلات أعلى من البطالة، تضطر النساء العاطلات عن العمل إلى قضاء المزيد من الوقت في الأعمال المنزلية.
ولكن لا ينطبق على جميع بلاد أوروبا: فالمرأة الفرنسية العاطلة عن العمل أكثر قابلية لقضاء وقتها الإضافي في رعاية الأطفال، في حين يعتبر موقف المرأة الهولندية، بالمقارنة مع الرجال، أكثر إيجابية نحو الأعمال المنزلية: فهي تستمتع بها أكثر، وتشعر بالمسؤولية تجاهها أكثر، وتتبنى معايير أعلى في حسن التدبير المنزلي”.