المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد ابو الدهب
العلمانية هى:
_ العلمانية عبارة عن مفهوم يقصد به ؛ الاهتمام والاختصاص بجميع الأمور الدنيوية والعمل على فصل الأمور الدينية عن الاتجاهات والآراء السياسية ، فكل واحدة مستقلة عن الأخرى . _ العلمانية تعمل على القيام بالتخلص من جميع الأوامر التي تلزمها الحكومة لأفرادها كإجبارهم على اعتناق دين معين ، أو الإلتزام بعادات وتقاليد معينة لا تروق لهم ، أي أنها لا تلزمهم بشيء فليس للدولة دين أو عرف أو تقاليد محددة لكل فرد الحرية في اختيارها . _ أصول العلمانية متجذرة في آرائها القائلة بأن أي نشاط خاص بالأفراد في مجال كان ، وقراراتهم في أمر كان لا يحق لأحد القيام بالتأثير أو التدخل فيها فهذا حق شخصي لجميع الأفراد من ذواتهم . _ تعد العلمانية من المعتقدات المرنة في معتقداتاها ، إذ ليس لها شروط أو أسس تلتزم بها إنما هي قابلة للتعديل والتطوير والزيادة وتتكيف في أي بيئة توجد فيها وفي أي مجتمع تظهر به وبين أي من الأفراد كانوا . _ العلمانية هي في حد ذاتها لا تعتبر نفسها معارضة لأمور الدين بل هي لا تتدخل به و تقف محيادة دوماً تجاهه ، بل يعدها الكثيرون أنها هي التي حافظت على الدين من تدخلات الحكومات والدول فيها . _ العلمانية الحديثة انبثقت في عصر التنوير في البلاد الأوروبية ، وكان لعدد من المفكرين الأوروبيين اليد في إخراجها ونشرها ؛ ك توماس وفولتير و جيفرسون . _ لقد كانت عملية فصل الدين عن السياسة التي قام بها العلمانيون ناتجة عن ما تعرّض له العديد من الفقراء والمظلومون الذين كانوا ضحايا للقساوسة الذين عملوا على الاستيلاء على الأراضي والأموال باسم الدين ، فكان الدين وسيلة لتحقيق مصالحهم . _ العلمانية تؤمن بأن بالإيمان المادي المطلق في كل شيء ، فهي تؤمن إيمان تام بكل شيء محسوس وملموس ، وتنكر كافة الأمور الغيبية . _ العلمانية تنظر إلى كافة الأمور الاقتصادية والسياسية وحتى الدينية من ناحية عقلية فقط وتقوم بإيجاد الحلول لها أيضاً بذات التفكير ، فهي تجردها من القداسة أو الدين وكل شيء وتحولها إلى قضية ملموسة بحتة. _ تهدف العلمانية إلى توجيه اهتمام جميع الأفراد في الحياة الدنيا وفي النظر إلى المستقبل دوماً و إيقافهم عن التفكير في الآخرة وفي الأمور الغيبية وتحويل نظهرتهم من نظرة دينية إلى نظرة مادية . الأسس التي تقوم عليها العلمانية _ أما بالنسبة للأسس التي تقوم عليها اللمانية فنوردها كالآتي : _ تعتبر العلمانية أساس الانتماء لأي بيئة أو مجتمع هو المواطنة ، ولا تنظر للدين على أنه أساس مهم لتحقيق الانتماء _ العلمانية تؤمن بأن أساس التشريع في الدولة يجب أن يعتمد على المصلحة العامة والمصلحة الخاصة فقط . _ نظام حكم أي دولة عادل تكون شرعيته معتمدة على الدستور في ذلك هكذا يرون العلمانيون و يجب تطبيق القوانين الملزمة بتحقيق حقوق الإنسان . _ أن الأمور الدينية عند العلمانيين تعتمد على الإعتقاد بصحتها أو لا أو الإيمان بها أو لا ولا تحتاج لأدلة أو براهين . _ يعتمد العلمانيون في أسس تربيتهم لأولادهم على التربية الدنيوية وتحقيق الذات والطموح للوصول إلى أعلى شيء في هذه الحياة دون النظر إلى الأسس الدينية ، أي التربية اللادينية . _ يسعى العلمانيون دوماً للوصول إلى تحقيق حكومة تزعم البلاد ، وتكون أهم ميزة لهذه الحكومة أن شرعياتها وأحكامها ونظرتها لجميع الأمور بأنها إنسانية لا دينية . الفرق بين الدول العلمانية والدول المدنية ؟؟ الدولة العلمانية هي الدولة التي تعتبر مرجعيتها في أحكامها مستنده الى العلم والماديات والديمقراطية حيث ان الديمقراطية هي نابعة من العلم الإنساني فهي ايضاً احد الوسائل والطرق التي توصل اليها فلاسفة الإغريق وقام بتطويرها العلماء والمفكرين عبر التاريخ الأوروبي وتكون بعيدة عن الاستناد الى الحكم طبق المعتقدات الدينية سواء كان عرفياً غير مكتوب او معتمد على الامور القضائية السابقة مثل دول الانجلوسكسونيه او قانون مكتوب مثل دول اخرى حيث انه يشرع عبر المجالس التشريعية أي السلطة التشريعية . اما الدولة المدنية فهي من التمدن وذلك يدل على التحضر والتطور وتعتبر اليوم هي الدولة التي تتكون من مؤسسات المجتمع المدني بسلطاتها الثلاث ويكون عندها الاعتبار للمواطنة حيث تطبيق القانون على جميع المواطنين بلا تفرقة وبدون اي أساس في الدين او عرق وذلك عبر السلطات الموكل بها تنفيذه فالجميع متساوي امام القانون وفي الواجبات وايضاً الحقوق حيث ان الميزان الوحيد للتفرقة بين الاشخاص كافة هي النصوص القانونية والمواطنة أي دستور الدولة حيث ان المواطن الصالح لا يخالف القانون.
*************************************************
العلمانية تخدم الأديان ولاتختلف معها :
العلمانية هي فصل المؤسسات الدينية عن السلطة السياسية في الدولة. ومن مفاعيل عملية الفصل هذه:
– منع رجال الدين من التدخل في سياسة الدولة. ومعروف أن تدخل رجال الدين يعني تقويض العدل وامتناع إحلال المساواة بين المواطنين.
– منع الدولة من التدخل في معتقدات المواطنين. أي لايحق للدولة فرض دين معين على مواطنيها، أو فرض وصاية على معتقداتهم. فالدين هو شيئ من خصوصيات البشر التي ليس من حق أحد أن يتدخل فيها.
– الدولة العلمانية تحمي المواطنين من تطاول رجال الدين ومن إرهاب المتطرفين (لدين أو مذهب)، ويتساوى فيها الجميع أمام القانون.
ولايمكن بحال من الأحوال اعتبار العلمانية (كفر) أو أنها (ضد الدين) .. بل على العكس .. العلمانية تقف على الحياد من الأديان .. وهي في هذا الحياد تقدم للأديان خدمة جليلة .. وعلى سبيل المثال لقد استطاع المسلمون بناء الجوامع وممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية في أوروبا وأمريكا بفضل العلمانية السائدة في تلك البلاد.
ونحن لو أمعنا النظر في الأديان السماوية الثلاثة لوجدنا أن العلمانية تنعكس فيها بصورة واضحة ..
فجاء في التوراة:
– كل ما تكره أن يفعله غيرك بك فإياك أن تفعله أنت بغيرك.
وجاء في الإنجيل:
– إذا كان الله يحتمل العالم بصبر فلماذا تحزنون أنتم ياتراب وطين الأرض؟
أما الإسلام فقد ركز كثيراً على موضوع احترام أديان الآخرين وعدم التدخل في عقائدهم ..
(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت 46)
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة 256)
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (هود 118)
﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات 13)
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) (يونس:99)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (الحج:17) صدق الله العظيم.
احترام عقائد الآخرين، الذي هو فرض من رب العالمين كما تبين الآيات أعلاه، أطلق عليه بعض شيوخ الإسلام مايسمى (التسامح الديني) متناسين أنه فرض من الله تعالى وحق من حقوق الآخرين، وليس منحة أو هبة يجودون بها عليهم.
وحتى لو رضينا بفكرة التسامح الديني فإن المشكلة الكبيرة التي تواجه مجتمعاتنا معها هو أن هذه الفكرة لم تتجاوز شكلها البروتوكولي المؤتمراتي وبقيت دائماً حبر على ورق.
وطبعاً لايبقى في المسألة سر إذا عرفنا أن غالبية شيوخ الإسلام والمسيحية الذين يقيمون هكذا مؤتمرات هم يتخذون من الدين سبوبة للإستطالة على الناس والتحكم بهم والكثير منهم يقتاتون على جثث ضحايا الفتن الدينية والمذهبية.
يمكننا هنا قول الكثير، لكن أياً كانت وجهة البحث في هذه المسألة، فإننا بالنهاية لن نجد حلاً للتعصب والتطرف والمناحرات الدينية والمذهبية التي تعيق تقدم بلادنا وترهق الدماء وتزهق الأرواح فيها إلا من خلال الأنظمة العلمانية التي تلغي ثقافة الرعية وتنشر ثقافة المواطنة والتعددية والحرية الفكرية بين المواطنين، والتي تفرض على محبوا ثقافة الرعية ورافضوا ثقافة المواطنة والتعددية والحرية الفكرية أن يحترموا عقائد الآخرين (ولو من خلال تجاهلهم لها) بقوة القانون.
قد يسأل أحد المتدينين جداً: وماذا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وحديث من رأى منكراً فليغيره؟
نجيب بالقول ..
بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نذكّرك بأننا الآن في القرن الواحد والعشرين وأننا نعيش في دول فيها مؤسسات تسهر على تطبيق القانون وحل مشكلات الناس. وبالتالي يمكنك أن ترفع مهمة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) عن كاهلك، خاصة وأنك لن تدخل النار بسبب أخطاء غيرك.
أما حديث من رأى منكراً فليغيره .. فقد أتى النهي على ثلاث .. بالقلب واللسان واليد ..
النظام العلماني لايتدخل بقلبك … فانكر فيه ماتشاء ..
أيضاً النظام العلماني يتيح لك أن تتحدث عما تريد وتنشر كتب “الهداية” كما تريد .. والناس أحرار في أن يتبعوك أم لا.
لكن بالنظام العلماني لايمكنك أن تنهي الآخرين عما يفعلوه لا باليد ولا باللسان .. لو فعلتها باليد يعتبرها القانون جريمة .. ولو فعلتها باللسان يعتبرها القانون تدخل في شؤون الآخرين. وإذا وجدت فيما يفعله احدهم إساءة لك فيمكنك ببساطة محاكمته أمام القضاء (الذي تتوفر فيه النزاهة التامة في الدولة العلمانية).
بالنتيجة .. إما أن نقبل بالنظام العلماني معتبرين إياه ضرورة تبيح محظوراً (وهذا موجه للمتدينين جداً) أو أن نبقى شعوب متخلفة، جاهلة، متفرقة، متناحرة، يتحكم بأدق تفاصيل حياتنا شيوخ دجالين جهلة، ونستيقظ في كل صباح على مشكلة جديدة بسبب الخلافات الدينية والمذهبية .. ناهيك عن الجرائم والتفجير وقتل الأبرياء ..!!
شكرا لك اخى الكريم موضوع مهم وبارك الله فيك
تحياتى لحضرتك اخى سامرSamer