تطير المرأة الطموحة بجناحين من حلم، وتحبّ أن تصل في رحلة تحليقها نحو هدفها إلى أبعد نقطة يمكن للمرء أن يراها، وذلك لتحقيق ذاتها وترك بصماتها، وإثبات قدراتها التي لطالما نظر إليها الرجل الشرقي بعين النقص..


إنه لا يكل ولا يملّ من العمل على التقليل من شأنها، والقول بأن البيت هو المكان الطبيعي لوجودها، وبالمقابل تحاول هي جاهدة إقناعه بالعكس، ولكنه ما يفتأ أن يهاجمها لتقصيف أجنحتها خشية التمرد عليه، فهل حقا يغار منها كما تعتقد هي؟ أم أن خطورة طموحها تجبره على مراقبتها كما يبرر هو؟ أم ترى الخوف من نجاحها يهدد عرشه المتعالي من أزمان؟؟

الزواج جمّد طموحي ومصرة على العودة بقوة
مسؤولية البيت والأولاد تكبح جموح الطموح لدى المرأة، وتحدّ من نشاطها كثيرا.. هذا ما ينطبق على حنين التي قالت بحسرة: "أنا صحفية وطموحي كان أن أذهب بعيدا في عملي وأصل مرتبة متقدمة وأحقق النجاح والتميز لكنني ارتبطت في بداية مشواري المهني.. تزوجت وحاولت أن أوفق بين عملي وبيتي لكن بقدوم الأطفال أصبح ذلك صعبا للغاية.."
عن هذه الحالة تقول الأخصائية النفسانية "ربيعي إلهام" أن المرأة عاطفية بطبعها، وشعورها بالأمومة والمسؤولية اتجاه فلذات أكبادها يدفعها للتضحية والتخلي عن طموحها، فهذه العاطفة قوية ولا يمكن مجاراتها مهما كانت المغريات، إلا إن كانت الأنثى غير سوية ومتمردة ففي تلك الحالة تتخلى عن كل شيء وتسير إلى حتفها..
بخصوص رد فعل الرجل في مثل هذه المواقف الهامة في الحياة الخاصة والعامة، تقول الأخصائية أنه يلعب دورا كبيرا في الضغط على شريكة حياته كي تتفرغ لعائلتها، لأن أي نجاح في الدنيا من وجهة نظره لا يعادل نجاحها في رعاية أطفالها والمحافظة على استقرار بيتها، هذا فضلا عن خوفه من خسارتها في النهاية، لا سيما وأن بعض المجتمعات التي عرفت الانفتاح الكبير تشهد انحرافا في الفطرة وهروب النساء من عائلاتهن ركضا خلف أحلامهن.
الرجل يغار من نجاح المرأة
نساء كثيرات سألناهن عن الحواجز التي تعيق تفوقهن وتحد من طموحاتهن فكان جوابهن جميعا دون استثناء أنه الرجل.. لقد اتفقن على غيرة أزواجهن من وصولهن لمراتب لم يصلوها هم خاصة إن كانوا أقل مستوى منهن..
ريمة تقول أنها طلبت الطلاق لأنها اصطدمت بمعارضة زوجها لعملها بعد أن وافق عليه في البداية، وفريدة تقول أن أجنحة طموحها تكسرت بعد أن تزوجت والسبب غيرة شريكها الزائدة وعدم ثقته بها، خاصة وأن طبيعة عملها تفرض عليها السفر المستمر للخارج، أما سهام فتقول أنها خربت بيتها كي تصل إلى ما وصلت إليه اليوم، ولو خضعت لزوجها واستسلمت للأمر الواقع لما كانت الآن سيدة أعمال بل مجرد خادمة في المنزل..
هذه الأقوال علقت عليها الأخصائية إلهام أنها واقع لا مفر من نكرانه، فالرجل حقيقة يغار من نجاح المرأة إن كان أقل مستوى منها، أما إن كان يفوقها مستوى ففي الغالب يحاول جاهدا الرفع من مكانتها كي يفتخر بها في محيطه.
المرأة عرفت جيدا كيف تتخلص من قيودها
عن بصمات المرأة المعاصرة، ترى الأخصائية الاجتماعية فاطمة الزهراء والي أن المجتمع تغير كثيرا وهو يشهد مشاركة قوية وفعالة للعنصر النسوي، ذلك أن المرأة ـ حسبها ـ عرفت جيدا كيف تتخلص من قيودها النفسية والاجتماعية، في الوقت الذي تعمل أياد كثيرة على خنق طموحها ووضع العراقيل في طريقها..
نصف المجتمع كان مشلولا حسب ذات الأخصائية وبتفعيل دور المرأة وإشراكها في عديد المجالات تحركت عجلة التنمية فأصبحت مساهمة في الإنتاج وصنع القرار وبلغت أعلى الرتب وشغلت أكثر المناصب حساسية، وهذا بالرغم من بعض الأصوات الذكورية المنادية بضرورة عودتها للمنزل..
المرأة حسب الأخصائية لم تأخذ مكان أحد والذين يقولون أنها شغلت جميع المناصب ولم تترك للرجل ما يعمل هم للأسف من يحملون في داخلهم جينات الفشل، وما تهجمهم عليها ورغبتهم إحالتها للمنزل إلا غيرة ناجمة عن عقد النقص التي تسكنهم.
طموح المرأة مقيد ومحدد
السيد سفيان والمراقب عن كثب لتحركات المرأة، والذي لطالما انتقد سلوكاتها الغريبة ـ من وجهة نظره طبعا ـ يقول: "طموح المرأة مقيد ومحدد لاعتبارات عدة، ليس من حيث سقفه ودرجته وإنما من حيث سبل الوصول إليه وتحقيقه، ومن حيث تعارضه في الكثير من الأحيان مع خصوصيات المرأة وكينونتها، فلا يجب إغفال حدود الشرع في رحلتها المحمومة لتحقيق طموحاتها وأهدافها والانفلات وعدم التقيد بآدابه، من التبرج الصارخ والسفور والاختلاط المذموم والخلوة، وكذا السفر من غير محرم.."
هذا ويعطي أمثلة كثيرة عن الطموح غير المشروع حيث يقول: "هناك طموحات تسعى إليها المرأة ذات طبيعة تتعارض كليا أو جزئيا مع تكوينها النفسي والروحي والجسدي إذ تكون بتحقيقها لذاك الطموح كمن حكم على نفسه بالإعدام، كبطلات الرياضات القتالية: كمال الأجسام، الملاكمة، والكراتيه.. وأيضا ضابطات الشرطة: الكومبة والرونجاص والكلاش، وهن يطاردن الخارجين عن القانون "زعمة" _وهن الخارجات عن الفطرة_ وأيضا "شافة شونطي"!!!
مثل هذه النماذج يرى السيد سفيان أننا لا نستطيع الحكم عليهن بالنجاح أو نغبطهن على ما بلغنه وحققنه لأنهن خاسرات بالأساس وحق عليهن أن يبكين أنفسهن بل "يندبنها".