لا يغادر الكويتي مؤنس العنزي، المكنى بأبو ممدوح، متحفه الصغير الفريد من نوعه إلا للتوجه إلى المسجد الذي يبعد عنه بخطوات لأداء صلواته الخمس كل حين.

العنزي، الذي يقترب عمره من السبعين بابتسامة لا تفارقه، شرع منذ عام 1964 في جمع دلال القهوة العربية بأشكالها وأحجامها المختلفة حتى استطاع جمع أكثر من 45 ألف دلة من ماله الخاص، ليدشن بذلك أول متحف من نوعه يحتوي على تلال من هذه الدلال التي تحمل عبق التاريخ والعادات العربية.

ويرى هذا الشيخ الطاعن في السن والذي قضى حياته بين هذه التلال من الدلال، في حديث مع “هافينغتون بوست عربي” خلال زيارة لمتحفه، أن القديمة منها أفضل كثيراً من المصنوعة حديثاً.

وبخصوص أسعارها، قال العزي إن الشخص العادي قد لا يدفع أكثر من 10 دولارات في الدلة، “لكني أتذكر أني دفعت في دلة واحدة أكثر من 1600 دولار”.

عرب وأجانب

ورغم أن العنزي لم يسافر قط خارج الكويت، فإن أغلب تلك الدلال مصدرها العراق وسوريا، حيث اشتراها داخل بلاده من أشخاص قدموا إليه بعد أن سمعوا بشغفه، ليعرضوا عليه أشكالاً وأنواعاً وأحجاماً مختلفة من تلك الدلال العربية التي ارتبطت في التراث البدوي بالكرم والضيافة.
زيارتنا لصاحب المتحف تصادفت مع وجود وفد سعودي جاء لرؤية ما سمع عنه من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حول هذه الهواية الفريدة وكرمِ صاحبها الذي يصر على أن يتناول زواره القهوة العربية بأنواعها المختلفة قبل البدء بأي حديث، وهو ليس أول وفد يشد الرحال طلباً لرؤية تلك التلال من دلال القهوة، فقد سبقته أخرى عربية وأجنبية كثيرة، فضلاً عن مواطنيه الكويتيين أنفسهم.



مخزن الدلال الذي تحول إلى مزار، يُشرع بابه طيلة أيام الأسبوع منذ الصباح الباكر حتى بعد العشاء ولا يغلق إلا في أثناء أوقات الصلاة ، لكن صاحبه لم يحبذ فكرة أن تتبنى الحكومة توسيع هذا الجهد، قائلاً بلهجة بدوية محببة: “أنا على كيفي أفتح أو أسكر”.
وعن القيمة المالية لكل هذه الدلال التي أفنى عمره في جمعها، أجاب بالقول: “من الصعب حساب القيمة الإجمالية، لكنها تقارب 3 ملايين دولار”.

الأولاد

هذا الجهد الهائل لم يعزُه العنزي إلى نفسه فقط؛ بل أثنى على أولاده الذين ساعدوه في هوايته، لدرجة أنهم يعطونه من رواتبهم لشراء الدلال التي يريدها.
وحول وسائل الترويج لنفسه، أجاب: “الأمر لا يحتاج لذلك، ففي البداية كنت أنا من يسعى وراء الدلال، أما الآن فهى من تسعى ورائي، حيث يأتيني من يريد بيعها ويعرضها عليَّ، بعد أن يكون قد أخبر بذلك أقرانه وأقاربه؛ لأني أشتري الدلال بأضعاف ثمنها الحقيقي”.



أبو ممدوح ، الذي بلغ من الكبر عتياً، أكد أن الدلال أيضاً لها أعمار قد تزيد على 100 عام، لافتاً إلى أنه من الصعب تحديد عمر كل دلة على وجه الدقة.