وأنا متعبٌ يا أمي
مجهدٌ كثيراً من وطأةِ الأيام
وقلِقٌ مِمّا سيؤولُ إليهِ مصيري
أريدُ أن أبكي كي أتنفسَ أكثر
فالغصّةُ تملأ قلبي إلى فمهِ النازف
وحلقي جافٌ كصحراء خامدةٍ في الداخل ..!
أنا متعبٌ يا أمي
أنظرُ إليّ بوجهٍ لا أعرفهُ في المرآة
وأنا بخير ٍ إلا من ذاكرة ..!
الأشياءُ البسيطةُ يا أمي باتت أصعب
والصعبة ُ انقضى زمنها منذ أمدٍ ليسَ ببعيد ..!
ولم أخبركِ يا أمي عن ألمي
وعن الليل الذي لا أنامُ بهِ دونَ أن أتذكر
قدري أن أمتلكَ ذاكرة ً لا تُمحى
وقلباً يئنّ كمُقعَدٍ تماماً ..!
أمي ؛ يا وجهَ السماءِ في شكلها الأول
يا صوتَ المرأةِ الأولى لديّ
المرأة ُ الكاملةُ التي لا تنقصُ كلّما أخذْتُ منها
والتي لا تزيدُ كلما أثقلْتُ عليها بهمومي ..!
أمي ؛ من أيّ ترابٍ يأتيني الوجع ..؟
أيّ طيني ٍ أنا أو أيّ مائيّ ..؟
وحلقي جافٌ كجرادةٍ ميتة
متحطبٌ كشجرةٍ سقطَتْ منذ ألفِ عام
أخافُ أن أشربَ ماءً فتَخْضَرّ ..!
وأنا لا أشعرُ بالهدوء
ولا أشعرُ بالطمأنينة
أريدُ أن أنام
ولو في ثلاجةِ موتىً باردة
أريدُ أن أغفو بلا ذاكرة
بلا وجعٍ بلا ألمٍ بلا جفاف
أريدُ أن يتبخرَ حزني من جلدي لتنخفضَ حرارتي
أن ينبضَ قلبي دونَ إحباط
رأسي ممتلئٌ بحكايا اليتامى والمشردين
بقاطعي طريقٍ مظلم
ممتلئٌ بكلّ خطأٍ تشجبهُ الإنسانية ..!
أنا أتألمُ يا أمي ولا يظهرُ ذلكَ في عينَيّ
ولا أستفرغُ شيئاً منهُ على طاولةِ حديثنا
أخشى أن أضمكِ فتلمسي هذا الخوف داخلي
أخشى أن أضمكِ فتُفجعي بمقدار التعب
أن أكونَ ثقيلاً بينَ يديكِ كصخرةِ كِلس
أنا مجهدٌ ومرهقٌ ومُنهك
وصوتكِ يتخللُ أوردتي فيمشطها من الحزن
ويستوطنُ داخلي ليلاً كاملاً كجنديٍ نبيل ..!
أخشى عليكِ مني
ومنكِ عليّ
أخشى على كلينا منا
آآه ؛ ماذا حلّ بي ..؟
ماجد عبد الرحمن