الأحلام
تُعتبر الأحلام مؤشِّراً على حياةِ الشخص، فكثير من الأحلام التي يراها بعض الأشخاص تتصل بالواقع أو ما سيحدث، كما أنَّ الأحلام تُعتبر مِنفساً لرغبات وتطلّعات الشخص المكبوتة، حيث يفرِّغ العقل هذه المشاعر المكبوتة من خلال الأحلام، ويجب عدم تفسير الأحلام إلّا بما هو خير، لذلك ظهر بعض مفسري الأحلام الذين أعطاهم الله تعالى القدرة على تفسير الأحلام بالشكل الصحيح، ولا يجب على الشخص الذي يرى الحلم أن يقوله لكل الناس، بل يجب عليه أن يكتمه ولا يتحدَّث به إلّا لمن يملك القدرة على التفسير، أو من يحب له الخير فلا يحاوِل تفسيره له إلّا بخير، ومن الذين أعطاهم الله قدرة تفسير الأحلام ابن سيرين.
ابن سيرين عالم اشتُهر بتفسير الأحلام
اسم ونسب ابن سيرين
هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري، مولى أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد كان ابن سيرين معروفاً بالورع والتقوى، حتى قال عنه ابن شوذب أنّه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، كما كان عالِماً في التفسير والحديث والفقه وتفسير الرؤيا، وكان بارّاً بوالديه، وكان فقيهاً ومحدِّثاً وإماماً غزير العِلم، صاحِب دين وخلق.
زواج سيرين
وكان سيرين عبداً مملوكاً لأنس بن مالك رضي الله عنه الذي أعتقه فيما بعد، وعندما أراد سيرين الزواج وقع اختياره على صفيّة وهي مولاة لأمير المؤمنين أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه، فأخذ أبو بكر الصِّديق يبحث جيداً عن أخلاق سيرين وعن دينه، وممن سألهم الصّديق كان أنس بن مالك الذي مدح سيرين وأخبر الصَّديق بأن يزوّجه صفية من دون ترددٍ ومن دون أن يخاف منه، وفعلاً زوَّج أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه صفيّة إلى سيرين وأحسن إليهما.
حياة ابن سيرين
رزق الله تعالى سيرين وصفيّة ابنهما محمد في آخر خلافة عثمان بن عفان، وتربّى سيرين في بيتٍ كلّه ايمان وورعٌ ودينٌ، وتلقى العِلم من كِبار الصّحابة أمثال زيد بن ثابت رضي الله عنه، وأنس بن مالك رضي الله عنه.
قسَّم محمد بن سيرين حياته في البصرةِ إلى قسمين؛ فقسم كان يهتم فيه بالعلم والعبادة، والقِسم الآخر كان ينصرف فيه للعمل والتجارة، فلم يهمِل جانباً على حِساب الجانب الآخر وهذا هو العالِم المسلم.
وقد كان ممّا يميّز ابن سيرين طهارة مجلسه والذِّكر الطيّب فيه، فإذا ذُكِر أحد عنده بسوءٍ فإنه يذكره بخيرٍ أكثر ممّا يعرفه، كما أنّه كان لا يخاف في الحق لومة لائمٍ، يقول الحق ولو كان مهدداً بالموت.
ابن سيرين وتفسير الأحلام
لقد أعطى الله ابن سيرين القدرة على تفسير الأحلام، وله كتاب لتفسير الأحلام، وقد كان يرد عندما يسأله أحد عن تفسير الأحلام بأن يتقي الله في اليقظة ولن يضرّه ما يراه في المنام.
وفاة ابن سيرين
توفّي محمد بن سيرين في سنة 110 من الهجرة، وقد حدّثت حفصة بنت راشد، وكانت من العابدات، قالت: (كان مروان بن المحملي لنا جاراً، وكان ناصباً في العبادة، مجتهداً في الطاعة، فلما مات حزنّا عليه حزناً شديداً، فرأيته في المنام، قلت: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: أدخلني الجنة، قلت: ثم ماذا؟ قال: رُفعت إلى أصحاب اليمين، قلت: ثم ماذا؟ قال: رُفعت إلى المقربين، قلت: فمن رأيت هناك؟ قال: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، من المقربين).