تحدث الزلازل عندما تُطلِق قشرة الأرض الخارجية دفقة مفاجئة من الطاقة، تتسبب في اهتزاز السطح. وتُقاس هذه الهزة بمقياس ريختر، الذي يُسجّل بدقة ما يكفي لهزِّ كوب على الطاولة، أو ما يكفي لتدمير المبنى بأكمله.
وتبقى مراقبة الزلازل أصعب بكثير من الانفجارات البركانية، لكن في الوقت الحالي يستخدم العلماء بعض التقنيات مثل أشعة الليزر لتتبع حركة الصفائح، أو مقياس الزلازل “seismometer” لالتقاط الذبذبات في قشرة الأرض.
ومؤخراً توصل علماء في جامعة بنسلفانيا إلى اكتشاف جديد قد يساعدهم في التنبؤ بأماكن وقوعها المحتمل، ونشروا بحثهم في دوريةPhysical Review Letters العلمية.
الشيخوخة
ويتعلّق الأمر بظاهرة تُسمَّى “الشيخوخة”، التي ترقُب المدة التي بقيت فيها عناصر الأرض متصلة ببعضها. والقاعدة التي اعتمدوها، هي أنّه كلّما طالت مدة التلامس كانت الطاقة اللازمة لتحريكها أكبر.
ويحصل ما يسمى بـ”مقاومة التحريك”، أو “الاحتكاك الاستاتيكي”، ويمكن لهذه المقاومة أن تنجح في صدع الخط الذي يقع عنده الزلزال، إن بقيت في هذا المكان لوقتٍ طويل.
وأوضح رئيس قسم الهندسة الميكانيكية والميكانيكا التطبيقية بكلية الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة بنسلفانيا، وأحد مؤلفي الدراسة روبرت كابريك، أن “آلية الشيخوخة مهمّة في توقع السلوك غير المستقر للتصدعات التي تؤدي إلى الزلازل.
أما التصدعات فهي مناطق رفيعة من الصخور المهشّمة التي تفصل قطاعات قشرة الأرض. وعندما تحدث الرجة، تنزلق الصخور على جانبٍ واحدٍ من الصدع رأسياً، أو أفقياً، أو بزاوية معينة مع الجانب الآخر.
ومع الوقت تُصبح التصدُّعات أقوى، ويُمكن أن يتراكم فيها الضغط ليصل إلى مستويات هائلة، ما يعني أنه عندما تتحرك ستُطلق كمية هائلة من الطاقة، وبالتالي يحدث الزلزال.
ويقول كابريك، إن لم تكن هناك شيخوخة حينها سيتحرك الصدع بسهولة تامة، وستجد زلازل أقل قوة بشكل متزايد، وربما حتى مجرد حركة سلسة.
وضع الأشياء في حجمها
وفي بحثهم الجديد، أراد الفريق دراسة احتكاك الصخور من زاوية فيزيائية على نطاقٍ أصغر من أي وقتٍ سبق.
إذ كان العلماء يدرسون التصدُّعات والشيخوخة لعقود، لكن نظرياتهم كانت ناقصة لأنها بحثت المقياس الكبير وليس المقياس النانوي للصخور، وفقاً لأحد المشاركين بالدراسة.
ولتوضيح الأمر، فإن المقياس الكبير ينظر إلى عينة من المادة، مثل قطعة من الصخر، بينما المقياس النانوي ينظر إلى بضع ذرات. ووفق الحقيقة العلمية المعروفة، فإن بقيت المواد متلامسة لوقت طويل، فإن قوة الاحتكاك المطلوبة لتحريكها تتضاعف.
وفي هذه الدراسة الجديدة، استخدم الفريق مقادير مختلفة من القوة على المواد، عن طريق مجهر القوة الذرية، لرؤية التأثيرات على مستوى روابط الذرات نفسها.
ووضع كابريك رئيس قسم الهندسة الميكانيكية والميكانيكا التطبيقية، بدايةً، قالباً على الأرض لفترة معينة ثم زحزحه، وقاس كمية الطاقة اللازمة لتحريكه، علماً أن قوة الاحتكاك تتزايد مع الوقت، لأن الروابط الكيميائية تحظى بفرصة للتكون.
وأوضح كابريك أننا “عندما ندفع بقوة أكبر، فما نفعله هو زيادة منطقة الاتصال بين الحافة والعينة، ما يسبب زيادة الاحتكاك بقوة طبيعية”.
ثم درس الفريق هذه التجربة في نطاقات زمنية أقصر من عُشر الثانية، ليفهموا بشكل أفضل كيفية تكوُّن بعض الروابط بسهولة، بينما تتطلب أنواع أخرى وقتاً أطول.
وأشار كابريك إلى أن هذه التجارب “تعطي لمحة أكثر جوهرية عن الآلية المسؤولة عن الشيخوخة، وعلى المدى الطويل نظنُّ أن هذا النوع من الدراسات يُمكن أن يساعدنا في التنبؤ بالزلازل والظواهر الاحتكاكية الأخرى بشكلٍ أفضل”.