TODAY - July 24, 2010
باحث عراقي: المالكي يستفيد من تعسر البديل الشيعي وإيران لن تضحي بالعراق لأنه ساحة المواجهة الأولىبغداد – سرمد الطائيقال باحث عراقي بارز ان رئيس الوزراء نوري المالكي لا يزال قادرا على "شل خصومه" نسبيا بسبب موقعه المهيمن داخل "الدولة"، رغم الانحسار الذي أصاب نفوذه السياسي، مبينا ان زعيم ائتلاف دولة القانون يظهر درجة عالية من البراغماتية ويعمل على استغلال "تعسر" البديل الشيعي، في صفقة الحكومة المقبلة، ومعالجة "الضرر" الذي لحق بصورته مؤخرا.
وظل إصرار المالكي على ان يكون المرشح الوحيد لرئاسة الوزراء عن الكتلة الشيعية، العامل الابرز في تلكؤ مفاوضات تشكيل الحكومة، بسبب معارضة قوية من داخل البيت الشيعي لتجديد ولايته.
وفي مقابلة مع "العالم" ذكر هشام داوود الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، وهو احد ابرز المؤسسات الأكاديمية في أوروبا، انه ورغم كل ما قيل عن انحسار واضح لنفوذ المالكي "لكنه بقي محتفظا نسبيا بالمبادرة أو على اقل تقدير استطاع شلّ خصومه السياسيين".
ويضرب داوود مثالا على ذلك بـ"عجز الائتلاف الوطني العراقي حتى الآن، عن طرح مرشح بديل" مشيرا الى ان على المراقبين ان لا يتجاهلوا "أن المالكية، تمثل كتلة برلمانية وسياسية مهمة ولا يمكن الاستهانة بها، هذا عدا أشكال الضغط الأخرى التي يمتلكها رئيس الوزراء المنتهية ولايته".
ويعرب الانثروبولوجي العراقي عن اعتقاده بأن "تراجع قدرات المجلس الأعلى بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، عقّد من صورة البديل الشيعي أكثر مما يسرها، وبذلك حاول البعض إظهاره كجزء من المشكلة وليس من الحل". ويتابع ان المجلس الأعلى "يتساءل اليوم عن الإستراتيجية التي يمكن ان يتبعها في حالة فشله في إقناع حلفائه السياسيين لإيجاد بديل عن المالكي، فهل يدخل ضعيفا في حكومة شراكة وطنية، أم يلعب دور المعارضة الفعالة على مدى السنوات الأربع القادمة؟".
ويضيف داوود ان المالكي يستخدم ببراعة ليس فقط صراع طهران مع واشنطن بل ويستفيد في الوقت نفسه من الاثنين. فإلى جانب "قبول إيران به على مضض، لا نرى معارضة أميركية لشخص المالكي، وكل ذلك يعطيه مساحة مقبولة للحركة".
ويعزو داوود ذلك الى ان المالكي "يظهر للعديدين داخل العراق وخارجه بأنه سيد الدولة ومالك المبادرة، وعلى حد قول أحد السياسيين العراقين البارزين، فإن المالكي يمسك بالقدرة والمهابة. وفي مجتمعاتنا المتشظية، تعمل السلطة بنفسها بإعادة ترتيب البنى السياسية والاجتماعية إلى حد ما". وعن سبب اصرار المالكي على تجديد ولايته، يستشهد داوود بمقولة عالم الانثروبولوجيا الكبير ارنست غلنير الذي يقول بأن "القومية هي التي تنتج الأقوام"، وعلى غرار ذلك يقول داوود "إن سلطة الدولة في العراق هي التي تساهم في خلق أو التعجيل بتفكيك الواقع السياسي، فالعديد من القوى التي تترك أو تفقد آلية السيطرة على السلطة، نراها تنزوي بل وتختفي، وهذا ما يذكرني ببيت للشاعر الفرنسي أراغون، يقول: من يمت يُنسى" مؤكدا ان عراق اليوم "ينتج معادلة قاسية مفادها ان من يرمى به خارج السلطة، يموت... ثم ينسى".
وتابع "من هنا قد نفهم إصرار المالكي، ومن خلفه حزب الدعوة، للبقاء في قلب السلطة، فخصوصية هذا الحزب انه شديد المركزية والانغلاق والتماسك التنظيمي، وهذا ما يساعده في فترات ما على التمسك بالسلطة وفق المفهوم الخلدوني (العصبية)، لكن التماسك الذي يساعده على البقاء، يستبب ايضا في أن يفقد الحزب السلطة كمجموعة ما أن يوضع خارجها".
اما بشأن حظوظ إياد علاوي زعيم القائمة العراقية، فيرى داوود انها "مرتبطة بوهن وضعف خصومه، وقبول إيران به وفق ضمانة سورية-عربية، لكن المشكلة هي أن الخيار السوري-العربي لم يمر حتى هذه اللحظة".
ويدعو داوود القائمة العراقية والدول العربية الى ان تتذكر دوما "أنه لم يعد ممكنا منذ 2003 حكم العراق بالضد من الأحزاب الشيعية، هذا إلى جانب التعقيد الإقليمي وتداخلاته الشديدة بالمشهد العراقي. ومها تكن حصيلة الأزمة السياسية الراهنة فإن العراق بالنسبة لطهران، هو الساحة الأولى للمواجهة والأقل تكلفة، لأنها مواجهة تجري بأيد عراقية".
ويذكر داوود ان هناك "انغلاقا وعجزا شبه مطبقين في بغداد بين الطبقة السياسية، وهذا ما يستدعي مبادرات نوعية وليس مجرد اطفاء الحرائق بين هذه الكتلة وتلك، لأن ظاهر الأزمة السياسية الحالية في البلد تدور حول نقطة واحدة هي شخص رئيس الوزراء، ولكنها تتعلق في الجوهر بمستقبل المسيرة الديمقراطية برمتها".
وزاد "هناك ملل ورفض شديدان داخل الشارع العراقي لممارسات الطبقة السياسية، سبب فشل الحكومة في الجانب الخدمي والصورة التي احتفظ بها المواطن من أن "تشبث" البعض بالسلطة أساءت لصورة الحكومة ولرموزها الأساسية، هذا في وقت كانت فيه ذات هذه الرموز قبل أشهر معدودة الأوفر حظا بتمثيل الأغلبية السياسية الشيعية".
ويكرر داوود دعوته في حال استمرار فشل الجهود المبذولة حاليا "للعودة الى مرجع الشرعية وهو المواطن والناخب، لحسم الخلافات الكبرى حول تشكيل الحكومة، ويتساءل : ما العمل أمام فشل القوى المحلية والإقليمية والدولية لحسم الخلافات وتشكيل حكومة شرعية ؟ لم يبق سوى خيار تحكيم المواطن وفق القانون للخروج من الأزمة، وهو العرف المتداول في كل التجارب الحضارية".
alalem
إقرأ المزيـــد: عجز إيران يمنعها من معارضة التقارب بين الحكيم وعلاوي