أدرك طيارو الرحلة VS43، بعد إقلاعها بفترة قليلة من مطار غاتويك البريطاني في 14 ديسمبر/كانون الأول 2014، أن هناك مشكلة تتلخص في عدم انقباض معدات الهبوط بشكل سليم. فقد صارت إحدى مجموعات العجلات محشورة، مما سيضطرهم آنذاك إلى العودة.
وبغض النظر عن أن العجلات المطاطية اللازمة للهبوط كانت أقل من المطلوب، واجه الطيارون مشكلة أخرى: فالطائرة المُحمَّلة بالوقود كانت ثقيلة للغاية لأن تهبط بسلام. إنها ثقيلة لأن تهبط في الظروف العادية، ناهيك عن ذكر الخلل الذي أصاب معدات الهبوط، بحسب صحيفة The Telegraph البريطانية.
يشرح باتريك سميث، وهو طيار ومؤلف كتاب أسرار قمرة القيادة، قائلاً “إن أقصى وزن للإقلاع يكون أكبر بكثير من أقصى وزن للهبوط”.
ويضيف سميث “وهكذا يكون الحال لقليل من الأسباب. إذ تكمن الأسباب الواضحة منها في أن الهبوط يضع ضغطاً على هيكل الطائرة أكثر من الإقلاع، وحالات هبوط الوزن الثقيل تتطلب هبوطاً ذا سرعة عالية للغاية، مما يجعل التوقف أكثر إشكالياً”.
فما الحل إذن؟ الحل هو إغراق الوقود، وهو ما نفذه بالفعل طيارو الرحلة VS43، ليطلقوا آلاف الجالونات من الكيروسين فوق شرق إنكلترا قبل العودة إلى مطار غاتويك، حيث هبطوا بأمان.
يقول سميث “يحدث الإغراق في العموم على ارتفاع كافٍ مما يجعله يتناثر، فلا يصل إلى الأرض في هيئته السائلة أو يُمطَر على الناس”. يبدو الأمر مريعاً، ولكن بطريقة أو بأخرى ينتشر هذا الوقود في الغلاف الجوي”.
يُخزَّن الوقود في جناحي الطائرة، ويُتخلَص منه عبر فوهات صغيرة موجودة في الأجنحة أيضاً. يمر الطيار عبر عملية تتكون من ثلاث أو أربع خطوات ليشغل عملية الصرف ويبدأ في إغراق الوقود.
وقد واجه سميث نفسه موقفاً كان مضطراً فيه للتخلص من الوقود.
يتذكر سميث قائلاً “منذ 20 عاماً، عندما كنت أطير بطائرة شحن، فشل نظام الأكسجين لطاقم الطائرة. لم تكن حالة طوارئ، ولكن كان يعني أننا لا نملك أكسجيناً إضافياً، لذا إن حدثت إزالة للضغط لم نكن سنستطيع التنفس”.
أُجبر سميث على الهبوط في أقرب مطار -في مدينة بانجور بولاية مين- ولكنه لم يفعل هذا قبل إغراق آلاف الجالونات من الوقود.
بعض الطائرات لا يمكنها إغراق الوقود
قد يستغرق التخلص من كل الكيروسين بعضاً من الوقت، إذ إن الرحلة VS43 ظلت في الهواء لساعات عديدة قبل أن تتمكن من الهبوط في جاتويك. على الرغم من هذا، ليس هناك ببساطة وقت كاف لإغراق الوقود في ظل حالة الطوارئ، مما يعني أن الطيار سيضطر للهبوط بوزنه الزائد. وهذا ما حدث أيضاً لسميث.
قال سميث “أقلعنا من نيويورك، وعندما كان لدينا مشكلة طبية على متن الطائرة، التي كانت تسوء بمرور الوقت، قررنا العودة. كما فضلنا الهبوط بوزننا الزائد؛ لأن الموقف كان يزداد خطورة، إذ لم نستغرق وقتاً لتنفيذ الإغراق”.
اتصل سميث بفريق الدعم الفني في شركة الطيران ليتأكد من آمَن هبوط ممكن. وبعد أن هبط، فُحصت الطائرة وتم التأكيد على جدارتها للطيران”. أضاف سميث “لقد طرنا مرة ثانية في غضون ساعات قليلة”.
لا تستطيع جميع الطائرات تنفيذ إغراق الوقود. إذ تستطيع الطائرتان بوينغ 747 و 777 التخلص من الكيروسين، كما تستطيع الطائرتان إيرباص إيه 380 وإيه 330 أيضاً القيام بذلك. غير أن طائرات الرحلات الإقليمية، مثل بوينغ 737 وإيرباص إيه 320، لا تستطيع القيام بذلك.
يقول سميث “ينبغي على هذه الطائرات الأصغر أن تدور، أو أن تهبط بوزنها الزائد إن تطلب الأمر. تتشابه محددات الهبوط والإقلاع لدى بعض الطائرات، بغض النظر عن الحالة التي تواجهها”.