TODAY - July 24, 2010
أيام الميركاتو (3): ميلان بيرلسكوني .... شراكة رائعة ولحظات صعبة
أيام الميركاتو ... مقال شبه يومي عن أبرز أخبار الميركاتو والأندية الأوروبية الكبيرة يرصدها ويُحللها تامر أبو سيدو
لم تتغير الكثير من الأمور منذ نهاية المقال السابق (2) أيام الميركاتو مسلسلات الصيف المملة وصفقات اليوفنتوس العادية وهجوم البارشا، فالسوق تلك الأيام يشهد نشاطًا كبيرًا على صعيد التصريحات والمفاوضات لكنه خامل للغاية على صعيد التعاقدات وحسم الصفقات بشكلٍ رسمي وذلك يعود للكثير من الأمور أبرزها الخلافات المالية بين الأندية المتفاوضة وانتظار الجميع للحظات الأخيرة لعل وعسى تحدث الانفراجة ويستسلم أحد الأطراف لطلبات الآخر.
ميلان بيرلسكوني ..... شراكة رائعة تمر بلحظات صعبة
ربما لا يعرف الكثيرون من أبناء الأجيال الحديثة في كرة القدم الفضل الكبير لسيلفيو بيرلسكوني على الميلان الإيطالي وأنه لولا ذلك الرجل لأصبح الروسونيري جزءًا من تاريخ كرة القدم لا أكثر أي مثله مثل بولونيا وجنوى وألبينوليفي في الكرة الإيطالية ..... هي شراكة بدأت في وسط الثمانينات حين هبط الميلان للسيريا بي بسبب فضيحة التوتونيرو الشهيرة ثم هبط في الموسم التالي نتيجة الأزمات الإدارية والمالية التي حلت به وقد انتهى ذلك العصر الكارثي بسرقة أموال النادي من رئيسه السابق "كولومبو" وبعدها بيعه الى بيرلسكوني الذي كان أحد الوجوه الصاعدة في الاقتصاد والاعلام وقتها.
سيلفيو اشترى الميلان عام 1986 وكانت جملته الشهيرة في أول مقابلة صحفية له حين قال "سأجعل العالم يعرف إيطاليا على أنها الدولة التي ينتمي لها الميلان"، وترجم جملته تلك عمليًا بأفضل طريقة ممكنة وكانت البداية بتطوير الميلانيو وجعله أحد أفضل المراكز التدريبية في العالم ثم التعاقد مع أريجو ساكي وكتيبة من النجوم الكبار ليبدأ العصر الذهبي ويعتلي الروسونيري منصة التتويجات المحلية والقارية وقد استمر ذلك مع فابيو كابيلو حتى وسط التسعينات تقريبًا، بعدها دخل النادي في مرحلة تخبط جديدة لكنه عاد مع بداية الألفية حين أنفق بيرلسكوني ما يقترب من 200 مليون يورو خلال موسمين فقط كان منها 149 موسم 2001-2002 وقد أبرم وقتها صفقات تاريخية أبرزها إنزاجي وبيرلو وروي كوستا وأضاف عليها في الموسم التالي نيستا وسيدورف وكانت تلك هي الأساس لجيل جديد حصد عديد الألقاب في الألفية الجديدة وجعل الميلان أحد أفضل أندية أوروبا خاصة في دوري الأبطال.
تلك الشراكة المتميزة أحيطت بظروف صعبة للغاية بداية من عام 2006 حين بدأ معدل الإنفاق على النادي يتراجع كثيرًا وقد تفاقم الوضع بشكل صعب خلال السنوات التالية وخاصة آخر عامين حيث دخل النادي في مشاكل مالية وتكاثرت عليه الديون مما جعله يتخلى عن نجمه الأبرز "ريكاردو كاكا" دون دعم الفريق بأي بديل على نفس المستوى ..... ذلك الأمر جعل الجماهير تطالب برحيل بيرلسكوني وبيع النادي لمن يدفع أكثر لكن بيرلسكوني دائمًا ما كان يرفض ويؤكد أنه لن يترك الميلان أبدًا وأنه سيعود به للبطولات من جديد.
المتابع لمسيرة بيرلسكوني يلاحظ أن عدد من الظروف جعلته يتراجع في معدل انفاقه على النادي وأبرزها:
- بداية سيطرة العائلة على العمل وخاصة ابنته الكبرى "مارينا" التي ترى أن نشاط كرة القدم في شركة فينيفست وهي الشركة الأم لبيرلسكوني هو نشاط خاسر ولا يجلب أي نجاح مالي للميزانية وبالتالي يجب التخلص منه أو على الأقل خفض معدل الإنفاق عليه.
- تواجد بيرلسكوني على مقعد رئيس وزراء إيطاليا وما يضعه ذلك من التزامات كبيرة من الرجل تجاه شعبه وبلاده، فلا يمكن أن يعاني الشعب من الأزمات المالية ويجد المسؤول عنه يُنفق 50 مليون يورو على لاعب كرة قدم.
- الوضع العام للكرة في إيطاليا ومقارنته بأوروبا والحديث هنا عن حقوق البث التلفزيوني وحقوق الملكية الفكرية وملكية الملاعب والاستفادة من خدماتها العديدة.
- الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها أوروبا والتي أثرت على مداخيل النادي وجعلته غير قادر على الربح الذي يكفل له الانفاق الجيد على الفريق.
- فوز الروسونيري بدوري الأبطال 2007 وهو الأمر الذي جعل بيرلسكني يقتنع بأن الفريق قوي بما فيه الكفاية ولا يحتاج للكثير من الصفقات الكبيرة.
- الكالتشيوبولي وأثرها على ميركاتو الفريق صيف 2006 حيث كان وقتها قريبًا من التعاقد مع أكثر من لاعب مهم خاصة أن الحالة المالية كانت أفضل كثيرًا لكن تأثير الفضيحة السلبي حال دون اتمام تلك الصفقات خاصة مع القرار المبدئي لابعاد الفريق عن دوري الأبطال التالي.
- شيء من الغرور أصاب سيلفيو وجعله يرى نفسه قادرًا على ادارة الفريق كما يحلو له وجعله يرى قراراته دائمًا سليمة وصائبة ومصدر ذلك الشعور هو حجم الانجازات التي جلبها للفريق وكذلك نجاح صفقة ريكاردو كاكا التي دائمًا ما وصفها بأنها مغامرته الشخصية وقبلها نجاح ساكي وكابيلو وخاصة الثاني الذي اكتشفه بيرلسكوني وأهداه للكرة العالمية ... هذا الأمر جعل الرجل يتدخل في كل شيء خاصة الجانب الفني والميركاتو ولا أحد ينسى حين نزل وسط مباراة الديربي وأشرك توماسون ليلعب بمهاجمين في الأمام وكانت النتيجة قلب خسارة الميلان 2-0 الى فوز 3-2 على الإنتر، وقد ساهم في ذلك التدخل سلبية المدرب كارلو أنشيلوتي في التعامل مع ذلك الأمر ووقوفه موقف المشاهد لما يحدث وقد تأكد ذلك حين رأينا ردود ليوناردو القاسية على مدربه وإن كانت نتيجة عمل الأول هي بقاءه لسنوات رغم الفشل في الكثير من المواقف ورحيل الثاني بعد عامه الأول رغم أنه كان موسمًا ناجحًا بكل المقاييس.
- ما قيل في الفقرة السابقة تُرجم على أرض الملعب خلال الصفقات العديدة التي أبرمها بيرلسكوني برغبة شخصية منه وبناءًا على حسابات شخصية تتعلق بالحب والكره، منها رونالدينهو وإيمرسون وزامبروتا وشيفشينكو (المرة الثانية) وباتو ويكفي أن نقول أن هذا الرجل المتهم بالبخل جلب لاعب لم يتجاوز الـ18 بـ22 مليون يورو تقريبًا وكل هذا لأنه أعجب به ورآه تكرار لمشروع كاكا الناجح للغاية.
هناك نقطة مهمة نذكرها في سياسة بيرلسكوني مع الميلان وهي أنه يعمل على بناء فريق خلال موسم أو موسمين ثم الحفاظ عليه لسنوات طويلة مع دعمه بالقليل من اللاعبين ويكون مثل القيام بعملية ترميم ترتبط بظروف استثنائية مثل رحيل لاعب أو اعتزاله ..... المتابع للفريق يرى أن الصيف القادم قد يشهد دخول مرحلة جديدة بالفعل يتم خلالها التخلص من ركائز الجيل الحالي والاعتماد على بعض الشباب أمثال باتو وسيلفا مع الدعم القوي بلاعبين أصحاب مستوى مميز لقيادة الفريق خلال المرحلة القادمة خاصة أن عقود الكثير من النجوم تنتهي خلال تلك الفترة، ولكن على جانب آخر تمامًا يرى البعض أن ذلك لن يحدث نتيجة استمرار الظروف السابق ذكرها وأن الحل يكمن في بيع النادي لأحد المستمثرين الراغبين في الانفاق عليه ومعه ستحدث الثورة المنتظرة وإلا فالأمر سيزداد سوءًا مع بيرلسكوني .... شخصيًا أميل للرأي الأول وأتوقع عودة قوية لعاشق الميلان الأكبر خاصة مع عقود الرعاية التي تم توقيعها تلك الفترة والتي ستدخل على النادي الكثير من الأموال وكذلك بداية تطبيق قانون العدالة الرياضية الذي سيقلل أسعار اللاعبين بشكل ملحوظ، وأؤكد أنه ورغم كل ما يُقال عن بيرلسكوني إلا أنه يبقى العاشق الأول والأكبر للميلان وكل ما يفعله حاليًا من أمور لا تعجب الجماهير لا ينفي أبدًا كونه الرجل الذي أنقذ الروسونيري ونقله من الأسفل للقمة.
الآن ننتقل للسؤال المهم، ما الذي سيحدث في الموسم القادم؟ وما الذي قد يحدث خلال الميركاتو الحالي !!
مما لا شك فيه أن الميلان يحتاج للدعم في الكثير من المراكز ليستطيع المنافسة على بطولات الموسم القادم خاصة مع تطور وزيادة قوة المنافسين محليًا وقاريًا، ولكن ذلك لم ولن يحدث سوى بتوفير المال اللازم والذي سيكون عن طريق بيع بعض اللاعبين خاصة أصحاب الرواتب العالية والانتاج الفني المتواضع وأبرزهم الثنائي يانكولوفسكي وكالادزة ولكن رفض هؤلاء الرحيل حتى نهاية عقودهم يضع الإدارة في مأزق كبير ويجعلها غير قادرة على التحرك بجدية في الميركاتو.
الأزمة المالية التي يمر بها الفريق تجعلنا نتوقع شكل صفقاته وأنها ستكون إما مجانية أو صفقات إعارة وسيتم استخدام نجوم البريمافيرا خلالها بشكل كبير خاصة أن الميلان يمتلك عدد كبير من الشباب الموهوبين والمرغوب بهم في عديد الأندية الإيطالية وقد رأينا ذلك الأمر واقعًا في صفقات النادي المتمثلة في الثلاثي يبيس وأميليا وسوكراتيس وغالبًا سيتواصل في الصفقات من داخل إيطاليا ... إضافة لنقطة مهمة هي انتظار الفريق حتى أغسطس القادم حين تبدأ الأندية الأخرى في تصفية لاعبيها والحديث هنا تحديدًا عن ريال مدريد واليوفنتوس والثنائي لديهما عدد من اللاعبين قد يُفيد الروسونيري مثل ميلو وأماوري ودييجو وفان دار فارت ودرينثي وديارا، والعلاقة الممتازة بين الميلان والناديين ستُسهل من عملية التفاوض.
بالحديث عن خطوط الفريق نجد تحسن كبير في حراسة المرمى ودعم جيد للخط الخلفي وإن كان لازال بحاجة لظهير قوي قادر على تقديم الإضافة التي نراها من لاعبين مثل كول ومايكون وكولاروف وأعتقد أن تلك الصفقة لن تتم هذا الصيف لأن كل الأندية الكبيرة لديها نقص في ذلك المركز مما يرفع من حجم المنافسة المالية على لاعبيه ..... لهذا قد يُبرم الفريق صفقة إضافية بجانب سوكراتيس وقد يكتفي بالموجود خاصة بعد تجديد عقد زامبروتا وأودو وهو الأغلب.
خط الوسط هو المشكلة الكبرى لأنه يضم لاعبين تراجعوا كثيرًا في مستواهم وبالتالي لن يكون جيدًا الاعتماد عليهم خلال منافسات الموسم القادم خاصة في الشق الهجومي من الوسط، ماسيمليانو أليجري سيلعب بثلاثي في الوسط وبالتأكيد سيكون الثنائي بيرلو وأمبروزيني جزءًا منه لكن يبقى الثالث هو اللغز وأعتقد أن الياباني هوندا هو الأقرب له خاصة أن الصفقة لها فوائد تسويقية كبيرة للغاية .... بجانب هوندا قد يصل لادزاري لاعب كالياري خاصة أنه يسير مع سياسة الميلان المالية حيث لا يزيد سعره عن 6 مليون يورو وقد يصل كذلك لاعب مفاجأة من داخل إيطاليا مثلما كانت المفاجأة في التعاقد مع سوكراتيس أما إن قرر النادي الانفاق بشكل جيد فقد يستهدف البرازيلي هيرنانيز أو الصربي كراسيتش وكلاهما قادر على الإضافة والأخير خاصة قد يكون ميلاني بالفعل لكن خلال أغسطس القادم.
الخط الأمامي يُعاني كذلك وكان سبب فشل الفريق خلال الموسم الماضي، الحديث يدور الآن عن بيع أكيد للهولندي هونتيلار وهو شيء لم أكن أتمناه صراحة لأنه لاعب جيد جدًا ويستحق الفرصة فقط وهو أفضل بمراحل من زميله الإيطالي بورييلو صاحب الأهداف السهلة أو الاستعراضية والذي يسهل تسويقه داخل إيطاليا ...... أموال هونتيلار ستستخدم في جلب مهاجم آخر والقائمة لا تشمل سوى الثلاثي فابيانو وإبراهيموفيتش ودجيكو وجميعهم قادرون على تقديم الإضافة خاصة بالتواجد بجانب باتو ورونالدينهو وهناك اسم رابع بعيد نسبيًا لكنه في الصورة وهو البرازيلي إيدير هداف السيريا بي مع إمبولي وربما يكون هو الأقرب من الناحية المالية لكن الأبعد من الناحية الفنية والخبرة والنضوج .... فابيانو هو الأقرب من الثلاثي لأن سعره مناسب للغاية ولكن فرضية زلاتان ليست بالبعيدة أبدًا وقد تتم خلال أغسطس القادم وقد يلجأ جالياني لخيار آخر هو الصبر على الصفقة كي تتم في يناير أو الصيف القادم بعدما يتأكد فشل إبرا مع البارشا أو تنتهي الأحلام بنجاح كبير للسويدي .... بالنسبة للاعب الحلم "دجيكو" فهو حتى الأن يتمسك بالروسونيري وفي نفس الوقت يتمسك ناديه به وأعتقد أن هذا ما تعتمد عليه الإدارة وأن الاستراتيجية ستكون تأخير التعاقد مع اللاعب للصيف القادم كذلك خاصة أن عقده سينتهي في 2013 وبالتالي سيُجبر ناديه الألماني على بيعه خاصة إن لم يحقق المطلوب في الموسم القادم.
وجهة نظر خاصة أكتبها لكم هنا أعزائي وتتعلق بميركاتو الميلان والذي أرى أن الوحيد القادر على تحريكه في ظل الظروف الحالية هو البرازيلي باتو وذلك طبعًا عبر بيعه لأحد الأندية المهتمة واستثمار المال في عدد من الصفقات الناجحة.
باتو لاعب يمتلك قدرات كبيرة ولكنه حتى الآن لم ينضج بالشكل الذي يجعله قادرًا على احداث الفارق وقادرًا على قيادة الميلان مثلما فعل شيفشينكو وكاكا من قبله، ولهذا بيعه هو الأفضل خاصة أنه ورقة مهمة في السوق ولها معجبين كثر .... بيع الجوهرة البرازيلية سيأتي للميلان بـ60 مليون يورو تقريبًا ومع بيع الثلاثي جاتوزو وفلاميني وهونتيلار سيصل المجموع الى 100 مليون تقريبًا وهو مبلغ قادر على دعم النادي بأكثر من صفقة ودعونا نقول أنها كراسيتش (15) ولادزاري (6) ودجيكو (30) وهيرنانيز (15) وفارجاس (18) ومعهم قلب دفاع جيد أو لاعب وسط صاحب قدرات دفاعية مثل ميلو .... تلك الصفقات قادرة على تقديم الإضافة للفريق فنيًا أكثر مما سيفعله وجود باتو في الوضع الحالي ولكن المشكلة الكبيرة تكمن في ضمان انفاق المال القادم من صفقة باتو على الميركاتو وعدم دخوله خزائن الشركة الأم لتسوية ديون الفريق التي تراجعت كثيرًا بفضل صفقة كاكا خلال الصيف الماضي.