تؤكد الدراسة تلو الأخرى أنَّ المتزوجين يتمتعون بصحةٍ أفضل ويعيشون لعمرٍ أطول من أقرانهم العُزَّاب والمطلقين.
ولكن، هل هذا صحيح؟
أحدث دراسة بخصوص ذلك أجرتها جامعة “كارنيغي ميلون” بالولايات المتحدة الأميركية، ووجدت أنَّ نسب هرمون الكورتيزول الذي يُفرز نتيجة للإجهاد، لدى المتزوجين أقل منها لدى العُزَّاب والمطلقين.
وأشارت الدراسة، المُقرَّر نشرها في عدد أبريل/نيسان من دورية Psychoneuroendocrinology، إلا أنَّ الزواج ربما يكون قادراً بالفعل على تحسين الصحة العامة للإنسان بالعمل كدفاع ضد الضغط النفسي.
وقال بريان تشين، طالب الدراسات العليا بالجامعة والمشارك في البحث: “من الرائع أن نكتشف مساراً فسيولوجياً يفسر لنا كيف تؤثر العلاقات على الصحة والمرض”.
لأغراض الدراسة، أخذ الباحثون عيناتٍ من لعاب 572 متطوعاً بالغاً بصحة جيدة تتراوح أعمارهم بين 21 و 55 عاماً، منهم متزوجون، وعُزَّاب، ومطلقون. وأُخِذَت أكثر من عينة من كل شخص على مدار 24 ساعة لثلاثة أيام غير متتالية.
أظهرت النتائج أنَّ معدلات هرمون الكورتيزول لدى المتزوجين كانت أقل من العُزَّاب والمطلقين، وأيضاً كانت معدلات هبوط نسبة هرمون الكورتيزول خلال اليوم لدى المتزوجين أسرع، وهو نمطٌ هرموني يدل على تحسن الصحة العامة.
ومن المعروف أن الأشخاص ذوي المعدلات المنخفضة لهرمون الكورتيزول يتمتعون بصحةٍ أفضل. فمستويات الكورتيزول المرتفعة تعزز حدوث الالتهابات، والتي بدورها قد تزيد من خطر حدوث مشاكل صحية عديدة منها أمراض القلب، وأمراض المناعة الذاتية، والاكتئاب.
هذه الاكتشافات وغيرها ترجح وجود رابط بين الزواج والصحة الجيدة والسلامة النفسية. وتعكس النتائج الجديدة فوائد أنظمة الدعم الاجتماعي على الصحة العامة، ولكن هل يعني ذلك وجود فوائد فريدة خاصة بالزواج تحديداً؟
ليس بالضرورة، ولابد من أخذ تلك الاكتشافات بشيءٍ من الحذر. فالدراسة توضح وجود علاقة ارتباط، وليس علاقة سببية. وقد يكون امتلاك المتزوجين لصحةٍ أفضل سببه أنَّ الأشخاص الأفضل صحة أكثر عرضة للزواج من الأساس.
وعلاوةً على ذلك، لا تأخذ الدراسة بعين الاعتبار الفروق بين المتزوجين والمرتبطين لفترةٍ طويلة ويعيشون سوياً دون زواج.
وبالرغم من أن الزواج الناجح يدعم الصحة العامة، ليست كل الزيجات تسير على نفس المنوال. فالخلافات الزوجية شائعة للغاية، وترتبط بشدة بضعف الصحة العامة. إذ وجدت دراسةٌ أخرى عام 2010، نُشِرَت أيضاً بمجلة “Psychoneuroendocrinology”، أنَّ التوتر الناتج عن الخلافات الزوجية يساهم في إضعاف وظائف المناعة، وارتفاع ضغط الدم، مما جعل القائمين على البحث يقترحون أن ضغوط الخلافات الزوجية قد تكون أكثر خطراً على الصحة من ضغط العمل. ووجدت دراسةٌ أخرى أنَّ تأثير الخلافات الزوجية على الصحة قد يضاهي عوامل الخطر التقليدية، مثل التدخين وعدم ممارسة أي جهد بدني.
خلاصة الأمر هي أنَّ الزواج الصحي هو شيءٌ جيد، ولكنَّ حقيقة أنَّ المتزوجين يتمتعون بصحةٍ أفضل، والتي تُروِّج لها وسائل الإعلام عادةً، ليست صحيحة.
ومجرد زواجك لن يضمن لك حياةً بلا ضغوط وصحةً رائعة. وبفحص بيانات هذه الدراسات بشكلٍ أدق، ستجد أن المهم فعلاً هو حالة علاقتك سواءً كنتَ متزوجاً أم لا.