الأرواح العظيمة متواجدة في الإنسانية منذ الأزل، فهي التي ناضلت وعانت وذاقت الويلات والنكبات في سبيل الفكرة التي تسيطر على عقولها، والتي ربما تتعارض مع مصالح المتنفذين وأصحاب السلطة والأموال، هؤلاء الذين تجبروا في الأرض واحتقروا مخلوقات الله، وعذبوها والأدهى والأمر عندما يتكبر الإنسان على أخيه الإنسان بأفعال مشينة فالاستعباد والتمميز على أساس العرق واللون والدين واللغة هي من هذه الأفعال، والقتل والتنكيل والتدمير والسحل والصلب والتعذيب والجلد هي من تجبر الإنسان بأخيه الإنسان. لقد مات الإنساني في هؤلاء الأشخاص، فما جرى على ساحات الدول في الحروب العالمية وما جرى في القرون الوسطى، وكمية الناس الذين ذهبوا ضحية صراعات سلطوية بين الحكام والمتزعمين، ما هو إلا دليل على موت الرحمة والرأفة أيضاً في القلوب. إضافة إلى ما جرى من حركات استعمارية وتسلط بعض الدول على الشعوب الفقيرة طمعاً في خيرات بلادها ونهبها، فقد أظهرت هذه الحركات صمود الشعوب والأمم وظهور حركات التحرر التي تولت أمرها الأرواح العظيمة.
ولد نيلسون مادنيلا الزعيم الجنوب إفريقي العظيم في العام 1918 ميلادية في قرية مفتزو في جنوب إفريقيا، لأسرة عريقة في التزعم والملك، رعى مانديلا قطعان الماشية في صغره، وكأن هذه المهنة هي مهنة العظماء التي ترمز إلى الحنان على الرعية، فما من زعيم قديم أو حديث رعى الغنم في صباه إلا وكان له الأثر الكبير على أمته وعلى العالم أجمع. انخرط مانديلا في العمل السياسي، ودرس القانون وأقام في جوهانسبرج، واتبع الحزب الوطني الإفريقي، إلى أن انطلقت حملة وسياسة الفصل العنصري إلى و بدأت ملاحقته واعتقاله وسجنة لمدة سبعة وعشرين عاماً، وظل مناهضاً لهذه السياسة العنصرية المذمومة حتى بعد خروجه من السجن، إلى أن تم انتخابه رئيسا لجنوب إفريقيا في العام 1994 ميلادية حيث تم تنصيبه رئيساً على جنوب إفريقيا في هذا العام، واستمرت رئاسته حتى العام 1999 ميلادية.
للزعيم والروح العظيمة نيلسون مانديلا آثار على كافة القضايا التي يعاني فيها المظلومين في كافة أنحاء العالم من سياسات عنصرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فقد كان مانديلا مناصراً للقضية الفلسطينية وعلى علاقة مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وكان يعتبر أن على الكيان الصهيوني التراجع فوراً عن جرائمه بحق هذا الشعب الأعزل والانسحاب من الأراضي المحتلة، وعليه أيضاً واجب فك الحصار عن قطاع غزة المحاصر.
توفي الزعيم نيلسون مانديلا في العام 2013 ميلادية، وسط حداد عام وحزن ساد جميع الأحرار على امتداد هذا العالم.
رد مع اقتباس
