الحضارة

الحضارة عبارة عن نظام يعبر عن طريقة حياة الإنسان ويتكون من أربعة عناصر وهي: النظام السياسي، والموارد الاقتصادية، والعادات والمبادء الخُلقية، ومستوى العلوم والفنون، وتبدأ الحضارة بالتشكل عندما يتخلّص الإنسان من القلق والاضطراب في حياته، فالحضارة بحاجة إلى جو آمن يدعم عوامل الإبداع، والتطوّر والتميّز، وأمّا في اللغة فهي مشتقة من الفعل حضر، وتشير إلى تشييد القرى والمدن والمساكن، وتشير إلى المجتمعات المعقّدة التي يعيش فيها أعداد كبيرة من الناس يمتهنون أعمالاً مختلفة، وليس مثل البادية يعتمدون على أساليب غير مرتبطة ببقعة جغرافية محددة، كالاعتماد على الصيد في تأمين المأكل والملبس.


مقوّمات الحضارة

بالنظر إلى التاريخ نجد أنّ الحضارة مثل الكائن الحي، تولد ثمّ تكبر وتزدهر، ثم تموت، وهذا كان حال جميع الحضارات القديمة التي مرت على وجه الكرة الأرضية، وأمّا المقومات الداعمة لقيام الحضارة فهي تتباين من حضارة إلى أخرى، ولكن لا بدّ من وجود عوامل مشتركة تجمعها، وبالنظر إلى أكثر الحضارات عراقة وتوسعاً في التاريخ وهي الحضارة الإسلامية نجد أن مقوماتها هي:

العقيدة: العقيد تنظم صلة الإنسان بربه وخالقه، وهي من تعطيه القيم والشرائع التي يعيش في ظلها، ويجعله مطمئناً بوجود الله وشعوره به، فالله خلق الإنسان وفطره على التفكر والبحث عن الخالق، فما إن يستدل عليه تستكين روحه، ويطمئن قلبه.
السمو الإنساني: كيّ يستطيع الإنسان بناء حضارة عليه بالاستعلاء عن شهواته ورغباته التي تجعله يقع في الزلات، أو تطيعه نفسه لعمل الشر، فلا يتبع هواه، وإنما يتبع الشرائع التي أسنها الله تعالى، مما ينعكس على تفكيره فلا يكون أسيراً لرواسب الماضي فيدأب دأب الجاهلين.
معرفة قيمة الأشياء وحجمها الطبيعي: على الإنسان أن يعي قيمة الأشياء، ويعلم بأنّ أمره بيد الله، وليس بيد العبد، وبالتالي يبني تصوراً صحيحاً عن كيفية التعامل مع الأمور.
الإحاطة والشمول: يجب على النظام الحاكم أن يشتمل جميع نواحي الحياة دون إغفال أي جزئية، فكلّ جانب يؤثر على الجوانب الأخرى بشكل أو بآخر.
العدل المطلق: لقيام حضارة لا بدّ من العدل بين الناس بحيث ينعدم التمييز بين الناس بسبب الجنس، أو اللون، أو العرق، أو المستوى المادي أو الاجتماعي، والعدل يختلف عن المساواة، والمطلوب هنا العدل، فالعدل يقدّم لكلّ فرد متطلباته، ويطلب منه القيام بواجبات تتناسب وقدراته.
الحرية الفكرية، والحرية في التعبير: تظهر الحضارة بشكل جلي عندما يجد الإنسان متسعاً للتعبير عن رأيه وأفكاره بحرية وبدون قيود، فتختلف الآراء وتتوسع الأفكار ممّا يؤدّي إلى النمو والازدهار