يعود تاريخ مدينة تدمر المعروفة بـ”لؤلؤة الصحراء” (وسط سوريا)، إلى أكثر من 2000 سنة، وهي مدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي للبشرية.
وبعدما سيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” على المدينة بين مايو/أيار 2015 ومارس/آذار 2016، عاد واستولى عليها في ديسمبر/كانون الأول 2016. لكن نتيجة هجوم تشنه قوات النظام السوري بدعم جوي روسي، انسحب الجهاديون الخميس 2 مارس 2017 من قسم كبير من المدينة، تاركين خلفهم الكثير من الألغام.
وقبل بدء النزاع في سوريا عام 2011، كان أكثر من 150 ألف سائح يقصدون “عروس البادية” كما تلقب أيضاً تدمر، الواقعة على بعد 210 كيلومترات شمال شرقي دمشق.
اشتهرت هذه الواحة، الواقعة في قلب بادية الشام، بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية الشاهدة على عظمة تاريخها.
مدينة التوابل والحرير
ورد اسم مدينة تدمر، للمرة الأولى، في مخطوطات مملكة ماري في الأالفية الثانية قبل الميلاد، بحسب موقع اليونيسكو، عندما كانت واحة لعبور القوافل وإحدى محطات طريق الحرير، بعد سقوطها تحت سيطرة الرومان في النصف الأول من القرن الأول الميلادي وإعلانها ولاية رومانية.
وأصبحت تدمر مدينة مزدهرة على الطريق التي تربط بلاد فارس بالهند والصين والإمبراطورية الرومانية؛ بفضل تجارة التوابل والعطور والحرير والعاج من الشرق والتماثيل وصناعة الزجاج الفينيقية.
العصر الذهبي
في عام 129، منح الإمبراطور الروماني أدريان، تدمر وضع “المدينة الحرة” وعرفت آنذاك باسمه “أدريانا بالميرا”، وعاشت عصرها الذهبي في القرن الثاني بعد الميلاد.
وكان سكان المدينة قبل وصول المسيحية في القرن الثاني بعد الميلاد، يعبدون الثالوث المؤلف من الإله بعل ويرحبول (الشمس) وعجلبول (القمر).
وقالت مارييل بيك التي تدير قسم الآثار الشرقية في متحف اللوفر بباريس في مايو 2015، إن المدينة “بُنيت وفق هندسة غربية، مع ساحة أغورا (سوق) وشوارع كبيرة ومسرح ومعابد حتى أُمكن مقارنتها بروما”. ولفتت إلى أن تدمر “تتميز بأبراج مدافنها الكبيرة ذات الطبقات التي كانت توضع فيها النواويس”.
الملكة زنوبيا
عرفت المدينة أوج ازدهارها خلال القرن الثالث في ظل حكم الملكة زنوبيا التي تحدّت الإمبراطورية الرومانية.
في عام 267 بعد الميلاد، اغتيل الملك العربي أذينة في ظروف غامضة وتولت الحكم بعده زوجته زنوبيا، التي بسطت سيطرتها، مدفوعةً بحبها للحرية وتوقها إلى المجد، على بلاد الشام في عام 270 واجتاحت مصر وأرسلت قواتها وصولاً إلى البوسفور، قبل أن يطيح بها في عام 272 الإمبراطور الروماني أوريليان الذي استعاد تدمر واقتاد زنوبيا إلى روما، فيما انحسر نفوذ المدينة.
سجن تدمر رمز القمع
في ثمانينات القرن الماضي، وفي ظل حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد والد الرئيس الحالي بشار الأسد، قُتل مئات المعتقلين في سجن تدمر الذي شكّل أحد رموز القمع الذي مارسه النظام السوري.
وقبل سقوط تدمر في يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، نقل النظام المعتقلين إلى سجون أخرى في سوريا. وفي الفترة الأولى من سيطرته على المدينة، قام التنظيم المتطرف بتفجير السجن.
التخريب والدمار
ومن يوليو/تموز حتى أكتوبر/تشرين الأول 2015، قام تنظيم “الدولة الإسلامية”، المعروف بسوابقه في تدمير وجرف الآثار في مواقع أخرى استولى عليها، بعدة أعمال تخريب؛ فدمر تمثال أسد أثينا الشهير عند مدخل متحف تدمر، كما دمر معبدي بعل شمين وبل بالمتفجرات.
ولم تقتصر جرائم التنظيم في تدمر على التعدي على الآثار؛ بل عمدت عناصره إلى قطع رأاس مدير الآثار السابق للمتاحف في المدينة خالد الأسعد (82 عاماً).
وفي سبتمبر، دمر عدداً من المدافن البرجية في المدينة قبل أن يحول قوس النصر الشهير إلى رماد.