«البنت بأبيها معجبة والولد حبيب أمه!»
تُرى... هل هي مقولة صادقة يدعمها خبراء التربية، وعلماء الطب النفسي؟ أم هي طبيعة خلق بها؟ وأكثر ما تتجلى في سنوات المراهقة! والأهم: هل هي ظاهرة صحية لا ضرر منها، أم هي سلبية، ومن الممكن أن تعيق التطور الطبيعي لمستقبل الولد والبنت على السواء؟!
عن هذه الحيرة وكم القلق الذي ينتاب بعض الأسر بسبب هذه الحالة استضافت «الأم والطفل» الدكتورة فؤادة هدية أستاذة علم نفس الطفل بمعهد الطفولة بجامعة عين شمس.
في البداية تؤكد الدكتورة فؤادة أنها ليست ضد ميل كل طفل للوالد من الجنس المخالف، لكنها ترى أن الابن بعامة يحتاج إلى كلا الوالدين منذ نعومة أظفاره، وفي مختلف مراحل عمره؛ وهو يبدأ في إدراك الفروق بين الجنسين عند سن الثالثة، ويعي أن الوالدين ليسا من نفس الجنس، فللأم صفات وملامح، وللأب صفات ووظائف، بعدها يتجه ميله بعض الشيء للجنس المخالف له والمتمثل في الأب والأم، وهي طبيعة خلقنا بها.
*وهل يعد هذا الميل جنسياً؟
تجيب: هو ليس ميلاً جنسياً، إنما ميل للجنس المخالف بشكل مخالف، وكل ما يحتاجه الطفل أن يرى في عين والده من الجنسين الحب والدفء والقبول والإعجاب، فهي النواة التي تشكل اتجاهاته أمام الجنس الآخر، كما أن حب الوالد من الجنس المخالف لابنه يساهم في رسم صورة الذات عند الابن، ويقوى مفهومها الإيجابي لديه لدرجة تجعله يتقبلها.
*وماذا عن أثر هذا الحب على الابن ذاته؟
تجيب: حب الأب وتقديره وفكرته الجميلة عن ابنته يُشعرها بأنها فتاة لطيفة وذكية ومقبولة ومحترمة من الجنس الآخر، وهذا يجعلها تقبل نفسها وتحبها، وتبني على أساسه شخصيتها، إضافة إلى إحساسها بأنها محبوبة من كل صديقات أمها، والكلام ينطبق على الولد المحب لأمه التي تبادله الحب والاحترام والتقدير لشخصه.
*وماهو تحليل هذه الظاهرة؟
تجيب: الله سبحانه وتعالى خلقنا من ذكر وأنثى، وما يحدث في بعض الأسر أن الأب يفضل نوعاً معيناً، أو لا يقبل البنات مثلاً! وهذا يخلق مشكلة بالنسبة للأم؛ لأنها غير قادرة وحدها على أعطاء الحب والدفء الكافيين للجنسين، ومشكلة بالنسبة للأبناء فهم لن يحصلوا على حب متساو من الطرفين.
وهناك حالة عدم تواجد الأم لانشغالها بالعمل، أو حين تكون رافضة لأحد الجنسين لأسباب خاصة بها؛ لديها مشكلة قديمة مع أبيها، أو مع أمها في حين أن دورها يحتم عليها كأم إظهار الحب مادياً ومعنوياً للطرفين، بالدعم والمواقف بداية من سن ثلاث سنوات.
9 نصائح لمراهقة أفضل
1- على الوالدين بعد قرار الإنجاب أن يهيئ كلاهما نفسه على إظهار الحب والعطف والحنان لأطفالهما من كلا الجنسين، وأن يكونا على وعي ودراية بأن هذا سيشكل شخصية أبنائهما، واتجاهاتهما نحو الجنس الآخر.
2- لابد من وعي الآباء بأن أولادهما يحتاجون للحب والعطاء؛ لتنشئتهم واثقين من أنفسهم محبين لها، متقبليها، قادرين على تحقيق مكانة في المجتمع والعيش سعداء، وهذا حق لا يرتبط بسن معين.
3- تبدأ مشاعر ميل الأبناء إلى الجنس الآخر-ليس الأب- حيث تُوقظ هذه الغريزة مع بداية سن المراهقة.
4- مع سن المراهقة تبدأ الرغبة في الاستقلال وتكوين الهوية، فيحاول الانفصال وجدانياً عن الوالدين، وأن يقدم نفسه للعالم الخارجي، وبقدر الميراث الذي حصل عليه من خلال علاقته بوالديه في سنوات الطفولة يكون نجاحه في تحقيق مطالب هذه المرحلة، وتكوين هوية صحية وسوية.
5- كل الحذر من منع تقديم الحب والاحترام والقبول للابن والابنة، واللجوء إلى القسوة والسيطرة والمراقبة المباشرة. بذلك تكونين أغلقت على أبنائك المنابع الطبيعية.
6- على كل أب وأم تقبل توجه الابن إلى العالم الخارجي عند سن المراهقة واستقلاله وجدانياً عنهما؛ وهذا يتجلى في وجود الأصحاب من الجنسين، والتعامل مع المدرسين، مع قدرة على حل المشاكل وحده.
7- اعرفي أن وظيفة الآباء تقديم الحب والتقدير والدعم لأبنائهما، لهذا انصح بالتقليل من التعليقات على جسم الأبناء: رفيع، سمين، قصير، طويل؛ حتى لا ينشأ الابن متردداً قلقاً غير واثق من حب الآخرين له؛ بسبب عيوبه الظاهرة.
8- على الوالدين الحرص على التواجد بالبيت وسط الأبناء لفترة طويلة، وإعطائهم الفرصة معنوياً ومادياً للتشبع بهما.
9- تقبل اختلافات البناء في الطباع والسلوك، مع عدم التفرقة في المعاملة بين البنت والولد، أو بين الأبناء بصفة عامة؛ من أجل مراهقة صحية وسوية.