المدى/ذي قار/ حسين العامل:لم يكن وسام يتصور أن قبول دعوة صديقه لتناول جرعة صغيرة من الحشيشة ستفتح عليه ابواب التعاطي والإدمان، الذي لم يستطع التخلص منه بسهولة لينتهي الأمر بزجه في السجن، لعدم وجود مراكز تأهيل ومعالجة حالات الإدمان على المخدرات التي تشهد ارتفاعاً خطيراً وملحوظاً بواقع 14 بالمئة خلال عام 2016 مقارنة بمعدلاتها خلال عام 2015، الأمر الذي ينذر بمخاطر هدم أركان المجتمع وأسسه وتدمير جيل الشباب، دول الجوار ساهمت كثيراً في هذا الارتفاع، اذ تعد المصدر الرئيس لتوريد المخدرات الى العراق من خلال المهرّبين والسائحين وشركاتها العاملة، إضافة لذلك منع بعض المحافظات دخول وتداول المشروبات الحكولية.
نشر مفارز أمنية
تشير الإحصاءات الأمنية، الى أن عدد المعتقلين بجرائم المخدرات بلغ (247) متهماً يتوزعون بواقع (103) مهربين ومتاجرين بالأقراص المخدرة، و(88) حائز أقراص مخدرة و(56) متعاطياً، في حين يبلغ حجم المواد المخدرة المضبوطة (35) ألفاً و (914) قرصاً مخدراً، فضلا عن كميات أخرى من مادتي الحشيشة والكرستال المخدرة .ويقول مدير شعبة مكافحة المخدرات في ذي قار العقيد ناظم لويز لـ(المدى) إن عمليات مكافحة المخدرات لا تقتصر على شعبة مكافحة المخدرات في المحافظة، وانما تشترك فيها جميع التشكيلات الأمنية في قيادة شرطة ذي قار كدوريات النجدة والمفارز وأفواج الطوارئ. لافتاً: الى أن شعبة مكافحة المخدرات تنشر مفارزها في نقاط السيطرات والطرق النيسمية ومتابعة المقاهي والاستفادة من المصادر المعلوماتية للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات والترويج لها وحماية الشباب من الانجرار لها. مؤكداً: ضبط (35914) قرصاً مخدراً وكميات من مادتي الحشيشة والكرستال المخدرة خلال عام 2016 .
وذكر لويز أن الذين حكم عليهم بتهمة حيازة المخدرات في ذي قار خلال العام 2016، بلغ 96 مداناً بأحكام مختلفة وفق قانون مكافحة المخدرات. متابعاً: في حين تم الإفراج عن (40) إلى (50) متعاطياً للمخدرات وفقاً لقانون العفو العام.
إمكانات غير كافية
وعن دور المؤسسات الصحية والاجراءات التي تتخذها للحدِّ من الادمان والتعاطي، قال مدير عام دائرة صحة ذي قار جاسم الخالدي لـ(المدى) إن المؤسسات الصحية في ذي قار تمكنت خلال عام 2016 من تسجيل (188) حالة تعاطي مخدرات خلال عام 2016 معظمها بين أوساط الشباب. منوهاً: الى أن الحالات المذكورة تراجع الى وحدة الصحة النفسية في دائرة صحة ذي قار لغرض العلاج الذي يتطلب المزيد من الوقت لإتمام مراحل العلاج النفسي والطبي .
وأضاف الخالدي: أن تعاطي وادمان المخدرات مشكلة كبيرة، وهناك عوامل كثيرة تسهم في اتساعها، منها الضغوط النفسية والمشاكل الاجتماعية والبطالة، مبيناً: أن الادمان على المخدرات مشكلة صحية تتطلب الاهتمام بها ومعالجتها بالطرق الطبية والعلاجية الصحيحة. موضحاً: أن الامكانات المتاحة لدى دائرة صحة ذي قار لمعالجة مشكلة الادمان على المخدرات غير كافية بالوقت الحاضر، وتحتاج الى تعزيزات اضافية وكوادر طبية وتمريضية كافية لمواجهة المشكلة.
واشار مدير عام صحة ذي قار: إلى أن دائرة الصحة تعتزم انشاء مركز تخصصي لتشخيص وعلاج حالات تعاطي المخدرات والإدمان بالتعاون مع جامعة ذي قار. مشدداً: أن المركز سيتم رفده بكوادر طبية متخصصة بمعالجة الادمان على المخدرات وباحثين نفسيين، فضلاً عن كوادر طبية سيتم تدريبها لاحقاً في المراكز التخصصية في بغداد. مردفاً: سوف نقوم بتعزيز المركز بالأدوية والمستلزمات المطلوبة لمعالجة الادمان على المخدرات.
اكتشاف مزارع للمخدرات
من جانبه بيّن رئيس المعهد الكندي للعلوم والصحة كريم سهر لـ(المدى) أن ظاهرة تعاطي وإدمان المخدرات، أخذت تنتشر قي المناطق الجنوبية عموماً وباتت تستهدف الرجال والنساء، وهذا ما يشكّل خطورة اجتماعية على الأسرة العراقية. موضحاً: أن دول الجوار تعد المصدر الرئيس لتوريد المخدرات الى العراق من خلال المهربين والسائحين والشركات العاملة في العراق. لافتاً: الى اكتشاف مصانع ومزارع للمخدرات في بعض المناطق في جنوب العراق، فضلاً عن شبكات ومروّجين كبار للمخدرات، داعياً الى تفعيل الاجراءات الأمنية والقضائية للحدِّ من ظاهرة تهريب وترويج المخدرات .
وأكد سهر أن التصدي لآفة المخدرات، مسؤولية وطنية تتطلب مشاركة الجميع. مبيناً: أن العراق يحارب الارهاب حالياً وسوف تندحر المجاميع الإرهابية، لكن مشكلة المخدرات إن تركت بدون تصدي، فإنها سوف تستشري في جميع مفاصل المجتمع. مشدداً: على اهمية الوقوف بحزم، للحدِّ من هذه الظاهرة الخطيرة التي تستهدف الشباب. مطالباً: الحكومتين المحلية والاتحادية، بتوظيف طاقات وقدرات الشباب في برامج ومشاريع تخدم المجتمع وتنقذهم من البطالة.
انعكاس التحولات والمتغيرات
قائد شرطة ذي قار اللواء حسن سلمان، دعا الى وقفة جادة من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمؤسسات التعليمية والتربوية والمؤسسات الإعلامية والمجتمعية والأسرة العراقية، الى الوقوف بوجه التوجهات المشبوهة التي تستهدف الفتيان والشباب وتعمل على جرّهم الى ارتكاب الجريمة .مشدداً على ضرورة عقد ورش عمل توعوية وتكثيف الجهود للحد من انتشار الجريمة، معرباً عن أمله بأن يكون عام 2017 عام مكافحة الجريمة في ذي قار .
وأشار الزيدي إلى تسجيل ارتفاع ملحوظ في معدلات جرائم الانتحار بنسبة 8 بالمئة والمخدرات بنسبة 14 بالمئة خلال عام 2016 .لافتاً الى أن الجريمة، ظاهرة اجتماعية تتأثر بالبيئة والمعطيات المحيطة بها. منوهاً: الى أن التحولات والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية التي حصلت خلال الأعوام الماضية انعكست على كم ونوع الجرائم.
رفع الحظر عن المشروبات الكحولية
ومن جهته يرى المواطن احمد عباس (موظف حكومي) قصوراً في أداء الجهات المعنية بالتعامل مع مدمني المخدرات. مضيفاً: أن مشكلة الادمان على المخدرات لا يتم التعاطي معها بالطرق الطبية الصحيحة لمعالجتها وإنما من خلال زج المدمن أو المتعاطي للمخدرات في السجن بدلاً من نقله الى مصحة أو مركز للعلاج وهو ما يفاقم المشاكل الصحية لدى المدمن ويجعلها أكثر تجذراً.
وأضاف عباس: أن المدمن بحاجة الى علاج وليس الى عقاب، مشدداً: على ضرورة معالجة الأسباب التي تدفع شريحة الشباب نحو تعاطي المخدرات وادمانها. محذراً: من وجود توجهات مشبوهة لدى دول الجوار تهدف لجر الشباب الى المخدرات وجعل العراق أكثر ضعفاً.
في حين يعزو المواطن حسين كريم (موظف حكومي) أحد اسباب ارتفاع معدلات تعاطي وادمان المخدرات الى حظر المشروبات الكحولية. موضحاً: أن المحافظات الجنوبية ولاسيما محافظة ذي قار، كانت شبه خالية من المتعاطين للمخدرات، وإن حالات التعاطي والادمان على المخدرات ارتفعت بالتزامن مع حظر المشروبات الكحولية بعد عام 2003. داعياً: الى رفع الحظر عن المشروبات الكحولية كون معالجة آثار الادمان عليها أخف وطأة من معالجة آثار الادمان على المخدرات، لاسيما ان المحافظة تفتقر الى مركز تخصصي لمعالجة وتأهيل المتعاطين والمدمنين على المخدرات .متابعاً: أن آفة المخدرات باتت مصدر قلق للمجتمعات الانسانية نظراً لآثارها السلبية وما تلحقه من اضرار بشرية واجتماعية وصحية ومادية تهدد سلامة المجتمع.
تشديد الرقابة الحدودية
وعن الإجراءات التي يمكن بموجبها الحد من ظاهرة تعاطي وادمان المخدرات أكد الباحث الاجتماعي مهدي حسين على التسريع بسنِّ قانون فاعل لمكافحة المخدرات أو إدخال تعديلات على قانون المخدرات العراقي رقم 68 لسنة 1965 الذي أصبح لا يتناسب مع التغييرات المرحلية التي يمر بها البلد. منوهاً: الى ضرورة اعتماد ستراتيجية وطنية فاعلة لمكافحة المخدرات تسهم بصورة فاعلة في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي تواجه المجتمع. مشدداً: على تفعيل دور المجتمع في التصدي لمشكلة المخدرات، إذ تعد مشاركة الأسر في العمليات الوقائية وتحصين أفرادها، ذات اهمية كبرى، لاسيما اذ اقترنت بتظافر جهود المؤسسات التربوية والصحية والأمنية والقانونية والإعلامية، فضلاً عن الارشاد والوعظ الديني الذي تتولاه المؤسسة الدينية ورجال الدين.
ودعا حسين: الى تبني المزيد من البرامج التربوية والتوعوية والصحية والاقتصادية وتعزيز التدابير الأمنية والتشريعات العقابية الخاصة بمكافحة المخدرات كون مشكلة المخدرات باتت تهدد الانسان في عقله وجسده وقدرته وطاقته وتهدد أمن وقيم المجتمع .مطالباً: بتفعيل الدور الرقابي لمنع تداول العقاقير المخدرة في الصيدليات الأهلية والتعامل الحذر في تداول المواد المخدرة والمؤثرات العقلية داخل المؤسسات الصحية الحكومية. والتنسيق بين نقابتي الأطباء والصيدلة للسيطرة على الأدوية والمواد المخدرة واتخاذ إلاجراءات الحازمة بحق المخالفين. مشيراً: الى اهمية تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية لاسيما مع ايران التي تعتبر احدى مصادر تهريب المخدرات للعراق.
نتائج الإجراءات العقابية
كما أكد الباحث الاجتماعي، على اهمية متابعة المستجدات الدولية في مجال المخدرات والتي تشمل مراكز الإنتاج وأساليب التهريب وأنماط الاستهلاك، وطرق المكافحة والتصدي لها، مع التركيز على العلاقة بين تعاطي المخدرات ومرض الإيدز، ومعالجة المدمنين وتأهيلهم ورعايتهم عبر برنامج شامل خاص بمتابعة المتعافين من الإدمان ومساعدتهم على العودة لممارسة حياتهم الطبيعية. لافتاً: الى رفع الحظر عن بيع المشروبات الكحولية كون معالجة آثار الادمان على الكحول أخف وطأة واقل كلفة من معالجة آثار الادمان على المخدرات، لاسيما أن المحافظة تفتقر للمصحّات الخاصة بمعالجة المدمنين على المخدرات، فذي قار والعراق عموماً، كانا شبه خاليين من إدمان المخدرات نتيجة توفر المشروبات الكحولية. منوهاً: الى استحداث مصحّات ومراكز متطورة لمعالجة المدمنين والمتعاطين للمخدرات وعدم الاكتفاء بالإجراءات العقابية للحدِّ من ظاهرة تعاطي المخدرات، فالمدمن على المخدرات أحوج ما يكون للرعاية الصحيّة منه الى الإجراءات العقابية التي قد تؤدي الى نتائج سيّئة على صحة الشخص المدمن.