مؤخراً، دفع شخص مجهول الهوية، مبلغاً يقدر بحوالي 243 ألف دولار مقابل اقتناء هاتف هتلر، إلا أن عدداً من الخبراء زعموا أن هذا الهاتف مزيف، نظراً لأن سماعته لا تتناسب مع بقية الهاتف.
جاء ذلك، بعدما جرى بيع الهاتف في مزاد علني في دار “ألكسندر” للمزادات، بالولايات المتحدة الأميريكية، قبل نحو أسبوع، وقد بدأ المزاد بسعر أولي قدره 100 دولار، فيما قيل إن الهاتف عثر عليه الجنود السوفييت عام 1945 في المخبأ الذي انتحر به هتلر.
إذ صرح مسؤولون بدار”ألكسندر” للمزادات، أن جنود روس عثروا على هذا الهاتف في المخبأ الذي كان يتحصن فيه هتلر في ٱخر أيامه بعد سقوط ألمانيا النازية، فيما أهدوه بعد ذلك لأحد الضباط البريطانيين، ثم ورثه ابن هذا الجندي، ليقوم بعد ذلك ببيعه في المزاد.
عقب ذلك، صرح رئيس قسم تجميع الهواتف التاريخية بمتحف الاتصالات بمدينة فرانكفورت الألمانية، فرانك غنيغل إن “هذا الهاتف مزيف”، بحسب ما نقلته صحيفة Faz الألمانية.
فيما أكدت إدارة متحف الاتصالات بمدينة فرانكفورت أن حوالي 200 هاتف تقليدي يعود تاريخها إلى سنة 1881، أي عهد الإمبراطورية الألمانية القديمة، جرى استبدالها بهواتف جديدة نظراً لأنها كانت قديمة جدًا ولم تعد مستعملة.
وتجدر الإشارة إلى أن أول هاتف قرص، الذي تمت صناعته سنة 1887 يعد من بين تلك الهواتف التي لم يعد أحد يستخدمها في الوقت الراهن.
كيف توصل غنيغل إلى هذا الاستنتاج؟
وفي هذا الصدد، أفاد غنيغل بأن: “جهاز الهاتف الأصلي صنع في شركة “سيمنس وهالسكه” الألمانية، في حين تبدو سماعة الهاتف بريطانية الصنع، كما أن شركة سيمنس لا يمكنها أن تصنع هاتفاً بهذه المواصفات”.
في المقابل، أقر بعض المسؤولين في دار “ألكسندر” للمزادات، بأن السماعة قد تظهر للعيان بشكل غير متناسب مع بقية الهاتف، ولكن ذلك مستحيل، نظراً لأن الهاتف صمم بشكل دقيق، كما أن السماعة مثبتة مع الهاتف بشكل جيد، ومن الصعب أن تسقط عند نقل الهاتف من مكان لآخر.
كما بين المسؤولون في دار المزادات أن سماعة الهاتف مصنوعة من طرف شركة بريطانية تعمل بالشراكة مع شركة سيمنس.
وفي هذا الصدد، تساءل غنيغل: “لمَ قد تصنع شركة بريطانية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، سماعة لهاتف هتلر الشخصي؟ وأنه من الأجدر أن تتكفل شركة سيمنس بصناعتها بنفسها”.
اللون الأحمر يفتقر للحرفية
كما أعرب غنيغل عن استغرابه من لون الهاتف الأحمر الذي يفتقر للحرفية، إذ قال إنه كان من الأجدر أن يتم طلاء الهاتف منذ البداية باللون الأحمر، بدلاً من طلي هاتف أسود باللون الأحمر وبشكل غير دقيق.
وأضاف غنيغل إن: “اسم هتلر منقوش بطريقة تفتقر للإتقان، رغم أن هتلر كان حريصاً على أن تكون كل ممتلكاته مصنوعة بشكل مثالي”.
يحمله معه أينما ذهب
أكدت دار “ألكسندر” أن هتلر أصدر أغلب قراراته، خلال الحرب العالمية الثانية، باستخدام هذا الهاتف الذي جرى بيعه، إذ قالت في منشور عرض البيع: “إن هذا الهاتف أشد الأسلحة تدميراً على الإطلاق، إذ تسبب في مقتل الملايين. لقد كان هتلر يحمل معه سلاحه الفتاك في كل مكان”.
كما أوردت دار ألكسندر في موقعها على الإنترنت نص فاكس قديم للضابط الأول بكتيبة “أس أس ليبشتاندارت” لحراسة هتلر، روشوس ميش، ورد فيه اعتراف ميش بأن هتلر كان يحمل معه هذا الهاتف في كل مكان خلال السنتين الأخيرتين من الحرب العالمية الثانية.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا توجد أي صور توثق استخدام الزعيم النازي لهذا الهاتف الأحمر. وفي هذا الصدد، قال غنيغل ساخراً: “الهاتف الوحيد الذي يمكن حمله لأي مكان هو الهاتف المحمول”.
وفي رده على الادعاء القائل بأن هتلر كان يملك هاتفاً يحمله معه أينما ذهب، أفاد غنيغل بالقول: “راجت العديد من الصور التي توثق هتلر وهو يمسك بهاتفه الخاص، والتي قد توحي بأنه يحمله معه أينما ذهب، لكن هذا محض هراء. فأينما ذهب هتلر، كانت توجد هواتف، لماذا سيحمل معه هاتفه الخاص؟”.
وأضاف غنيغل: “في الماضي، لم تكن توجد هواتف لاسلكية، بل كانت كل الهواتف معلقة على الجدران، علماً بأن هذا النوع من الهواتف لا يمكن حمله. في الحقيقة، إن الهاتف المذكور في الإعلان عن المزاد من طراز W38 “.
ويُعرف هذا الطراز بكونه هاتفاً مثبتاً في علبة في الحائط، وبذلك يرى غنيغل أنه لا يمكن أن يكون هتلر قد استعمله كهاتف شخصي ونقله معه أينما ذهب.
مؤرخون: الهاتف مزيف لكنه مهم
كان سلوك هتلر موضع اهتمام عديد المؤرخين على غرار المؤرخة لدى جامعة فورتسبورغ، كارولين لانغه، التي قالت: “نبحث منذ سنوات عن وثائق تخص المحرقة اليهودية، ولكننا لم نعثر على الكثير من الوثائق، نظراً لأن الزعيم النازي لم يترك أي أثر لها”.
وأضافت لانغه: “الهاتف مزيف، ولكن هذا لا يهم لأنه لا بد من وجود هاتف معين استعمله هتلر في يوم ما لإصدار أوامره، وسيتم العثور عليه عاجلًا أم آجلًا، وعلى كل حال، وعلى الرغم من أننا لم نجد أدلة على جرائمه، إلا أن العثور على الهاتف الحقيقي قد يكون بمثابة طرف الخيط لاكتشاف المزيد”.
وتابعت المؤرخة الألمانية: “رغبتنا في الوصول إلى الحقيقة أكبر من هاتف مشكوك في أمره”.