تحظى العطور باهتمام الإنسان على اختلاف أعراقه وأجناسه وأذواقه، ومن أقدم العطور هو عطر المسك والعنبر، وبخلاف العطور الحديثة أو القديمة فالمسك والعنبر عطور لا تحتاج إلى تركيب من عدة عطور، فالمسك والعنبر عطور حيوانيّة، وحافظ على مكانته في قلوب النساء والرجال على اختلافهما، فمن أين من أين يستخرج المسك والعنبر؟
يتشكل المسك في داخل غدَّة كيسيّة في بطن ذكر الغزال تسمى بفأرة المسك أو (Musk in Pods)، ويسمى هذا النوع من الغزلان بغزال المسك أو (Moschus moschi ferus)، فليس كل الغزلان قادرة على انتاج المسك، بل يشكل غزال المسك فقط 1% من نسبة الغزلان في العالم، ويقال أنّ المسك في بلاد التبت هو الأطيب، وللعلم لون المسك أسود، وهو غالي الثمن حيث يمكن ان يصل سعره إلى ألفيّن دولار.
ذكرت الكاتبة الأردنية (سميحة خريس) في روايتها (القرمية)، المسك عندما جاعت بطلتها الطفلة (مِزنه) ولم تقبل أن ترضعها إلا الغزالة الحرة التي لم لم تترك رضيعتها وكانت باقية مع رضيعتها الإنسيّة ترضعها كلما جاعت، وصارت (مِزنه) ابنت الغزالة، وظل ريح المسك يفوح منها، حد وصف خريس المبهر. أماا لعنبر فيستخرج من باطن الحوت، وهو بالضبط قيء الحوت، وكما المسك يسمى الحوت الذي يكون العنبر بحوت العنبر أو باللاتيني (Bilaenopetramusculus) أو حسب الاسم العلمي (Physeter macrocephalus)، ولونه رمادية أو بيضاء أو صفراء أو سوداء، وعكس المسك فإنّ أقل أنواع العنبر جودة هو الأسود، وأجودها الأشهب (الرمادي)، ومن القصص والروايات التي قامت على فكرة صيد حوت العنبر، الرواية الأمريكية الشهيرة (موبي ديك) والتي كتبها (هيرمان ملفيل)، والذي عمل بحاراً في بداية حياته، وفي رواية (موبي ديك) يعرض (هيرمان ملفيل) بشكل فلسفي الصراح الناشيء بين الحوت والإنسان.
من المهم أن نعرف أن قتل ذكر غزال المسك لأخذ المسك ممنوع دولياً، فالصيد كاد يقضى على الأعداد المتبقية من غزال المسك، ويمكن الحصول على المسك من الزيوت العالقة على الحجار، فغزال المسك تصيبه حكة قوية عند امتلاء الغدة الكيسية، فيحكها بالصخور فتلتصق بها المادة العطرية ويجمعها الباحثون دون قتل الغزال.
قد ذكر المسك في القرآن الكريم ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ سورة المطففين الآية 26، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسِّي: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثُ وَلَا يَصْخَبُ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرِحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ). رواه البخاري.
هنالك اعتقاد ربما بسبب ذكر المسك بالقرآن بقدرته على صد السحر والجن خصوصاً، فيشاع أن الجن لا يقرب مِنْ مَنْ يتطيب بالمسك، فنرى الناس تتمسح به لتحمي نفسها من الجن مع قراءة القرآن والرقية الشرعية، مع أن التطيب بالمسك لهذه الغاية لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنه ثبت عنه التطيب به.