يعاني الشعب العراقي، منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، و الى الآن، من ظواهر تفتيت القيم الاجتماعية، و انهيار البنى التحتية، و استفحال الارهاب.
لقد فَشلت و اخفقت الحكومات العراقية المتعاقبة، و على مدى (14) سنة تقريباً، من تطوير العراق، و النهوض بمستوى شعبه، قيد انمله، و على جميع الأصعدة. بما يتلائم مع حجم الاموال، التي دخلت الى ميزانية الدّولة، المتحققة من انتاج و بيع النفط، المصدر الأول لواردات العراق.
لا بل على العكس، فبسبب هذه الحكومات و الادارات، هُدرت من الشعب العراقي دماء غزيرة، مثلما هُدرت اموالاً طائلة، بسبب سوء غالبية الادارات الحكومية المختلفة في الدولة، مع انعدام الكفاءة و المهنية و النزاهة، عند نسبة عالية من القائمين عليها.
و اذا ما ناقشنا موضوع الارهاب، الذي يفتك بعنف شديد، بالشعب العراقي. فان اسباب تردي الوضع الامني، يعود للاسباب التالية، سواء كان ذلك بسبب بعض او كل هذه الاسباب:
1. عدم وجود قوانين و تعليمات و ضوابط، تُنظّم عمل الدوائر الامنيّة، لتعمل مع بعضها البعض، بانسجام تام، و كأنها وحدة واحدة، لها هدف مركزي واحد، تتعاضد لتحقيقه.
2. انعدام وجود الجهاز التحقيقي الصارم. بسبب عدم توفر المهنية و الجديّة المطلوبة. اضافة الى وجود فرص كبيرة للفساد، الذي يتسلل في الكثير من مفاصل التحقيق، لتزييف الحقائق.
3. وجود الفساد في بعض مفاصل القضاء، الأمر الذي يؤدي، الى عدم تحقيق العدالة من جهة، و تشجيع النشاط الارهابي، بمواصلة عملة من جهة أخرى.
4. عدم وجود قيادات عليا كفوءة، تمتاز بعقلية احترافية، تتفهم العمل الأَمني و متطلباته، بشكل عملي معمّق. الأمر الذي ينعكس ايجاباً، بصورة مباشرة على الوضع الأمني بشكل تام.
5. تعاون بعض المحامين (الموَكَلين بالدفاع عن المتهمين بالارهاب)، مع بعض القضاة،لعرقلة اصدار الاحكام القضائية بحق المجرمين. و العمل على اطالة قضاياهم الى اطول مدّة ممكنة.
6. تعاون بعض القضاة (غير النزيهين)، مع المجرمين الارهابيين،حيث يقوم القضاة بالتشكيك و الطعن، بسيّر عملية التحقيق مع الارهابيين، عن طريق اتهام ضباط التحقيق، بانتزاع الاعترافات من الارهابين بالاكراه و القوة. مما يجعل القضاة يصدرون احكاماً قضائية، تجرّم ضباط التحقيق، الأمر الذي يجعل ضباط التحقيق، غير جديين بالتحقيقات الأخرى مع الارهابيين، خوفاً من الوقوع، تحت طائلة عقوبة القضاة الفاسدين.
7. نقطة مهمة تتعلق بالفقرة السابقة، يوجد من ضمن المنظومة التحقيقية و القضائية، (من المتعاونين مع الارهابيين)، من يمارس ألاعيب عجيبة، لتبرئة الارهابيين، و الايقاع بالمحقيين النزيهين .
فمثلاً: بعد الانتهاء من التحقيق مع الارهابي، و قبل ارساله الى المحكمة بـ(12 ساعة)، يقوم المتعاونين مع الارهابي في مركز التحقيق، بكَيّْ مناطق من جسم الارهابي، بنار السيكارة (الجكارة). او وضع مادة معجون تنظيف الاسنان، على جلد الارهابي في منطقة الظهر و البطن، و على شكل خطوط طولية غير منتظمة، و ترك مادة المعجون على تلك المناطق، لعدة ساعات. و بعد ازالة مادة المعجون، يظهر احمرار شديد، على جلد ظهر و بطن الارهابي، في الاماكن التي وضع عليها المعجون، فتبدو و كأن الارهابي قد تعرض للضرب و التعذيب، اثناء عملية التحقيق معه.
8. من المعروف ان القيادات الامنية العليا، تجهل جغرافية المناطق السكنية العراقية، و تركيبتها الاجتماعية، لذا لا يستطيعون وضع خطط لمعالجة الخروقات الأمنية.
وهذا من أحد اسباب تكرار العمليات الارهابية في نفس المناطق و لعدّة مرات.
9. منذ تأسيس أول حكومة ديمقراطية، في عام 2005 ولحد الآن، لم تنجح الحكومات المتعاقبة، من استيراد منظومات رقابة الكترونية، مع اجهزة كشف المتفجرات، من مصادر موثوقة و ذات سمعة عالمية جيدة.
10. فشل الحكومة العراقية، و (بمعارضة من الجهات السياسية الداعمة للاهاب)، من انشاء جدار صدّ، حول المحافظات التي تكثر فيها العلمليات الارهابية، لقربها من اصحاب (المضافات) الذين يؤون الارهابيين في بيوتهم.
11. امتناع حكومة اقليم كردستان، التعاون مع الحكومة المركزية، و قيامها باستضافة و ايواء، الكثير من الاشخاص المطلوبين للقضاء في بغداد، من الارهابيين او المتعاونين مع الارهاب.
12. التلكوء في تنفيذ عقوبات الاعدام، بحق المدانين بهذه العقوبة، وفق القانون. جعل صورة الحكومة، تظهر بمظهر العجز والضعف، الأمر الذي شجع على تنامي الارهاب في العراق، لعدم وجود الرادع.
13. اصدار قانون العفو العام، اعطى فرصة كبيرة للكثير من الارهابيين، الافلات من العدالة، و معاودة رجوعهم الى صفوف الارهابيين.
14. بسبب عدم تقدير الأمور بصورة صحيحة و دقيقة، من قبل الكثير من السياسيين، جعل الفرصة سانحة أمام العديد من المدلسين، المتعاونيين مع الارهاب، و المدعومين من دول جوار العراق، الانخراط في العملية السياسية، و بذلك أصبحوا باسم (المشاركة و الشراكة) السياسية، عناصراً للتغطية على الارهابين، داخل السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية.
الكاتب والباحث العراقي
محمد جواد سنبه