مشكلته أنّه يعيش الأشياء بدون مسمّيات، يُحب دون أن يعترف، يكاد يقتله الشّوق ولا يتحدّث، يتعايش مع حزنه وكأنّه نفسه، مشكلته أنّ المسمّيات تُرهقه وتتعب قلبه، تكبّله رغم أنّ الشّعور قد فعل.
إنني، من جهتي، أسير في طريقي هادئاً، مسالماً، أظلّ في ركني، لا أريد أن أعرف شيئاً عن الآخرين، أحبّ أن أكون بريئاً كل البراءة، لا أحفل بعدوي، لست بمن يدبّر المكائد والمؤامرات، وانا بهذا فخور.
الحياة صدمة مستمرة، يا عزيزتي. عزاؤنا فيها استحالة استمرارها.
عزيزتي : في الآونة الأخيرة لم تصلكِ مني أجوبة عن جميع رسائلكِ. حتى بعض ردودي الخجولة بين حينٍ وآخر، لم تكن مرضية بالمرة. أعلم ذلك. يبدو أنه يصعب على الإنسان الملول احتمال امتلاكه وقته كاملاً. كما يصعب عليه بالدرجة نفسها عدم امتلاكه كامل وقته.
نوبات الهلع التي طالما شكوتُ لكِ منها، الى ازدياد دائم، بخلاف ساعات نومي القليلة أساساً. وهي تقلّ بمعدلٍ يومي، الى درجة انعدامها أحياناً. حتى أنها أصبحت بخلاف أسئلتي الوجودية، المتزايدة المستمرة بلا انقطاع: أين أنا، مَن أنا؟ ماذا أفعل في مكاني هذا؟ ما الغاية من وجودي في هذا العالم؟ حتى أنني فقدتُ كليا، وعلى نحو سريع، القدرة على التكيف مع كل شيء.
عزيزتي : حينما تنقلب حياتكِ بهذه الشراسة من الجذرية، يستوي كل شي في نظركِ، يزداد هدوؤكِ وفوضاكِ معاً، تكبر رغبتكِ بالإنطواء، الى حد خشيتكِ من لقاء الناس، أو حتى سماع أصواتهم وحكاياهم. الحاجة إلى كتابة الرسائل تبلغ مرحلة النهم، وتغضبين في نهاية كل رسالة لأنكِ تعجزين عن تحديد وجهتها والشخص المناسب الذي ترسلينها اليه. تتذمرين من كل شيء. كل شيء، ما عدا عدم تلقيكِ جواباً عن رسائلكِ.
قدماي ثقيلتان، وجهي شاحبٌ طوال الوقت. أحياناً أعجز حتى عن تحريك أطرافي. الكآبة أشبه بالشلل. أعرف ذلك بالتجربة. رغبتي بفعل شيء ما، شبه معدومة. أنا خائفٌ دائماً. لا أعرف ممَّ. مضطربٌ، ولا أعرف سبباً لاضطرابي. منهمكٌ بالتفكير في المجهول السوداوي بلا انقطاع. صدري مثقلٌ بالأعباء والخيبة. لقد أمضيتُ حياتي كلها متردداً، فاقداً الجرأة على اتخاذ قرار.
أنشد السلام الداخلي، لكنني لا أجد إلا الفوضى. أنا أقرب إلى الميت مني إلى الحي. لا أستطيع احتمال كل هذا الصخب. أرغب بالهرب من هذا العالم، في أسرع وقت ممكن، ونهائياً. لكنني لست شجاعاً بما فيه الكفاية لأفعل.
هل ستتحملين العيش مع جثة مثلي، ياانت؟ هل حقاً ستتحملين ذلك؟
ليس الغموض، إنما الخوف وحده ما يمنعني من أن أشرح لك.
البعد يخلق صورة زائفة عن الأشياء والأماكن، وحتى الأشخاص، أصفى أصفياء المرء وأقرب خلاّنه. من المحزن يا عزيزتي أن هذه الصورة الزائفة دائماً وأبداً محبّبة. إن فكرة الإستمرار وحدي تبدو مستحيلة. أحبّكِ قدر ما أنا متعب من هذا العالم ومرتعب من عبثيته وضعيف أمام سطوته وخائف مما يخبّئه لي مجهوله. بل لعلّ هذه المشاعر العنيفة التي في داخلي والهواجس المضنية التي تختلج في رأسي، هي السبب الوحيد في أني أحبّكِ. إنني أضعف بكثير من أن أواجه كل هذا الخراب. أريد أن ينتهي العالم وأنا على صدركِ. كأنني ما زلت جنيناً ياعزيزتي. كأنكِ رحم أمّي.
شخص ذكي يمكن ان يكون رومانسيا احيانا ولكن لا يمكن ان يكون في الحب مع اي احد
أنام دائماً بوضعيات غريبة و ربما مضحكة و تسبب ذلك لي بكوابيس شبه يومية، لأنني أضطر أن أصحو من نومي غالباً بعد دقائق إما لأفرد ذراعي التي تجمع نصف دمي فيها من تحت صدري أو لأرفع رأسي قليلاً فلا أبدو كالممدد على مقصلة، و ذلك لأن نومي لا يحدث إلا صدفةً، إما و أنا أقرأ كتاباً أو أشاهد فيلماً أو أكتب نصاً أو أراسل أحداً أو أجري اتصالاً أو أبحث عن شيء ما في الإنترنت أو حتى و أنا أدخّن و كاد ذلك أن يضعني عدة مرات بعواقب وخمية. لا أعرف كيف يقول أحدهم: أنا ذاهب للنوم و بالفعل ينجح بذلك. لم يحدث معي هذا منذ سنوات طويلة حتى في أحلامي، بغض النظر عن الجهد العقلي أو العضلي الذي أبذله خلال اليوم، فمهما كان هائلاً و مهما كنت متعباً قد أصل يوماً بآخر و ربما أكثر و أنا مستيقظ تماماً، ولكن مهدود القوى و مع ذلك عاجز عن النوم. قد يكون في هذه القدرة العظيمة على التوقف عن التفكير بشكل كلي والسيطرة عليه وتحديد وقت النوم في ساعة معينة و دقيقة معينة و حتى الغرق فيه بعد دقائق من إلقاء الرأس على الوسادة! قد يكون فيها غباء غير محدود و لكنني لا أنكر أن فيها من الترف ما يجعلني أحسد كل من يمتلكها.
لَقد أسْكَرني الحنينُ , و إنّي ما ارتشفتُ الخَمرَ يوماً ,
أنا أحمق بقلب ولكن دون عقل، وأنتم حمقى بعقل ولكن دون قلب،
لَن تستطيع أن تَمنع طيور الهم أن تُحلق فوق رأسك
و لَكنك تستطيع أن تمنعها أن تُعشش في رأسك
#صباح_الخير ي ساده
ضع المُجاملات جَانباً,وقدَّس نفسُك ولا تنحنِي..!