” يبعث الله من يحتضنك في قلبه كَوطنٍ صغير بعيدًا عن تفاهة هذا العالم والسوء الذي يسكنه في كل زاوية “
” يبعث الله من يحتضنك في قلبه كَوطنٍ صغير بعيدًا عن تفاهة هذا العالم والسوء الذي يسكنه في كل زاوية “
قبل سنة تماماً رأيتكِ للمرة الأولى و بدأنا حديثنا الأول معاً. كنتِ تضحكين طوال الحديث تقريباً، ولا أخفيكِ بأن هذه العادة تزعجني و لا أخوض في النقاشات التي تجري على هذا النحو، و لكن لا أعرف ما الذي حدث في ذلك اليوم، كلما كنت تضحكين كنت أشعر ببهجة تغمر قلبي. لا أريد أن أقول بأنني أحببت الطريقة التي تضحكين فيها فقد يكون هذا مبتذلاً رغم أنني أردت عدة مرات أن أخبرك بذلك منذ لقاءنا الأول و لكنني لم أفعل. انجذبت لخفة ظلك تلقائياً أو بالأحرى لذكائك لأنني أعرف تماماً أنه من المستحيل أن يكون الإنسان خفيف الظل ما لم يكن ذكياً وغالباً بل دائماً ما كان الذكاء أكثر ما يجذبني للفتاة. لقد مضى عام كامل تغيرت فيه الكثير من الأشياء، أدرك ذلك و كنت سبباً في تعاستك عدة مرات، و حتى اللحظات التي تضحكين فيها و أنتظرها دائماً قلّت مع مرور الوقت. أخبرتكِ قبل الآن أنني أميل إلى فراقكِ في كثير من الأحيان لأنني أخشى أن تبتلعكِ تعاستي و لكنني أضعف من ذلك. ها أنا أواجه نفس المشكلة التي أواجهها كلما أردت إنهاء رسالة أكتبها إليكِ ، أحبكِ و لست جيداً في التعبير عن عواطفي ولكنني أردت أن أشرع بشكرك على وجودك الذي لولاه لمرت علي هذه السنة ثقيلة جداً.
لان الصباح ظائع . ضعي الكحل كي انير طريقي ..
هناك لحظات في الماضي لا تنسى مع العلم لا تحتوي حادث مهم!
هل اننا سعدنا حينها ؟
ام ماذا ؟
ان من الافضل للمرأة ان تأكل كسرة خبز يابسة .. وان تنهل قطرة ماء على ان تورط نفسها مع رجل لا يهتم الا بجسدها .. وتبيع روحها اليه ..وكيف يمكنها ان تتنازل عن حريتها في سبيل قضية تتعلق بالترف فقط ! ان حريتها لا يمكن استبدالها حتى ولا ببلاد "
مهما تنوعت العطور يا صديقي ، تبقى رائحة النقود هي التي تجذب النساء .
متى تذكرت أنه لا يمكننا أن نكون معاً لأسباب تافهة أعلمها أنا و أنتِ و نحتقرها، و مع ذلك علينا أن نحتكم بها، تهيج في نفسي كراهية أقوى من أن يحتملها إنسان واحد لهذا العالم و كل قوانينه.
نعم لست اجتماعياً و أنفر من الناس و أفضل البقاء بعيداً عنهم دائماً، أكررها للمرة الثانية ، ولكن من غير الممكن أن أرى من يحتاج المساعدة دون أن أقدم له ما في استطاعتي. اليوم على طرف الطريق صادفت رجلاً عاجزاً يكافح بيديه الصغيرتين، و هو يدير عجلتي كرسيه المتحرك في طريق منحدر و كانت وجهته للأعلى، يلقي في وجوه الناس نظرة تحمل استعطافهم على أمل مساعدته دون أن يطلبها بشكل مباشر.استغربت أنه كان قد قطع أمتار عديدة في هذا الطريق الصعب دون أن يساعده أحدهم برغم وجود مقهى بالجوار يرتاده غالباً المثقفون و وجود الكثير من الناس حوله و من عدة جنسيات بما في ذلك جنسيات عربية" حتى لا تقولوا لو كان في بلد عربي لما حدث ذلك" بل العكس تماماً، أصبح هؤلاء و خاصة مدعي الثقافة منهم يجدون في مثل هذه الأفعال أو مثلاً القيام لامرأة حامل في القطار أفعال سخيفة، من مبدأ " ليست مشكلتي، كان بإمكانها استخدام سيارة خاصة " لا أعرف من أخبر هؤلاء البهائم أن تجاهل من يحتاجون المساعدة حقاً يجعلهم متميزين، أعتقد أنهم قرأوا عن الفردانية يوماً ولم يفهموها، سحقاً للكتب التي قرأتموها إذا كانت ستجعلكم بهذه البرودة. أو كما قال زوربا اليوناني" كتبك تلك أبصق عليها، فليس كل ما هو موجود موجود في كتبك"
ساعدت الرجل على كل حال و أوصلته لوجهته و لم يخطر في بالي أثناء ذلك إلا كلام دوستويفسكي الإنسان الوحيد الذي من المستحيل أن يمر يوم دون أصادف شيئاً يذكرني بشيء كنت قد قرأته بإحدى رواياته، نعم دوستويفسكي الذي وصل هوسي فيه لدرجة جعلت حتى الفتاة التي أحبها تغار منه، لأنه دائماً في رأسي و على لساني،و فيه فقط أفهم و أجد كل تناقضاتي و سلبيتي الغير محدودة تجاه هذا العالم، تذكرت تحديداً كلامه " كلما ازاد حبي للإنسانية جملة، ازدت كرهاً للبشر أفرادا."
صباح الخير لي ول جدتي ول جارتي ول اصحاب الاعين الخضراء ولكم ايضا ..