ان فراغ رهيب اصاب قلبه، إحساساً غامضا بالوحدة، إحساساً مبهما بعزلة أليمة لا نهاية لها، قد اجتاح شعوره على حين فجأة، أنه لو حكم عليه بالحرق حياً في هذه اللحظة، لما قام بحركة واحدة، ولما زاد على أن يصغي إلى الحكم الذي صدر عليه، إذا هو أصغى، أن شيئاً جديداً كل الجدة قد تحقق الان في كيانه، شيئاً لم يعرفه حتى ذلك الحين، شيئاً هو حادث لا يتنبأ به ولا سابقة له، انه لم يدرك ذلك الشيء، لكنه كان يحس إحساساً واضحاً بأنه أصبح لا يستطيع ان يخاطب هؤلاء الناس، بل إنه أحس انه أصبح لا يستطيع ان يخاطب أقرب اقربائه ولو كانوا أخوة وأخوات، انه لم يكن قد شعر حتى تلك الدقيقة، في يوم من الأيام بإحساس يبلغ هذا المبلغ من الهول، والأمر الذي كان يؤلمه مزيداً من الألم، هو ان ما يشعر به كان إحساساً ولم يكن فكرة، نعم كان إحساساً مباشراً، كان إحساساً أشد ايلاماً من جميع الاحساسات التي شعر بها طول حياته.