بدأ ظهور الرأسمالية في العالم خلال القرنين الماضيين، وبدأ معها ظهور الشركات التجارية والصناعة وإصدارات الصكوك والأسهم والمعاملات البنكية، وأخذت تتطور حتى وصلت إلى حالة قد تصل فيها أحد تلكم الشركات إلى أقوى من تحالف دول مع بعضها، بسبب قدرتها على التجارة عبر الحدود والانتشار السريع في العالم.
من الأمثلة على هذه الشركات هي شركة البنك الصناعي والتجاري الصيني (ICBC)، التي تعد من أكبر وأقوى الشركات في العالم حيث تبلغ مبيعاتها ما قيمته 134.8 بليون دولار للسنة، وتبلغ أرباحه 37.8 بليون دولار للسنة الواحدة فقط، وتبلغ موجوداته ما قيمته 2813.5 بليون دولار، وقيمته السوقية ما مقداره 237.3 بليون دولار، ويعد الأول في التصنيف.
تم إنشاء هذا البنك في عام 2005م بتحويل اسم بنك هونغ كونغ إلى اسم (ICBC Asia)، والذي يعد من كبار البنوك في الصين، وانضم إلى مجموعة (Forties Bank)، وبدأ عمليات استثماره في عام 2006م؛ ليشكل فجوة عالمية كبير في الاستثمار والتسهيلات المعطاة من قبل الصين للاستثمار في أرضهم وتحت إطار بنكهم، فقامت عدد كبير من الشركات العالمية بتحويل مصانعها من دولها الأم إلى الصين؛ بسبب سهولة الاستثمار هناك وفتح أرصدة عملاقة في هذا البنك مع ضمانات عالية يقدمها البنك للمستثمرين، مما أعطاهم الراحة والثقة لتلكم الشركات، وساعد أيضًا العمالة الصينية الرخيصة، وتوفر الموارد بأسعار رخيصة ممّا زاد حجم استثمارات البنك إلى الضعف، حيث تؤول إلى مدخرات كل العمال في تلكم المصانع الجديدة من الدول الأجنبية وشراء الموارد لها وغير ذلك من العمليات التي أدت إلى انعاش الاقتصاد الصيني، وزيادة حجم التدفق المالي للبنك وقدرته على المنافسة في السوق العالمية بشكل كبير.
ففي عام 2008م أصبح البنك ثاني أضخم بنك في العالم بعد بنك نيويورك سيتي، وفي عام 2010م وبعد مشاركة البنك في الاستثمار العالي والمخيف في بناء سد النهضة في أثيوبيا، زادت استثمارات البنك بنسبة كبيرة جدًا بعد أن قامت بإقراض إثيوبيا 400 مليون دولار لبناء السد، وفي عام 2013م بعد انهيار بسيط في السوق الكوري، وطلب المعونة من البنك زادت استثماراته بشكل كبير في كوريا الجنوبية وزاد حجم حصته السوقية، ليصبح أكبر بنك في العالم بامتياز من ناحية الأرباح والقدرة الشرائية على المنافسة.
مما يميز هذا البنك أنّه يقدم القروض للعمليات الصناعية والتجارية في جميع أنحاء العالم لمشاريع كبيرة وضخمة، ويقدمها للشركات والدول حتى، مما جعله يمسك بزمام عدد من الدول ونطاق الاستثمار وإخراج المعادن منها والحصول على ثرواتها، مما يزيد من حجم حصته السوقية مع تطاول الزمن والمدة خصوصًا في دول أفريقيا التي بدأت الصين تشغل الحصة الأكبر من الديون لها بعد أن جاوزت أمريكيا بمراحل كبيرة.
تمتاز أيضًا سياسة البنك بأنّها تقع تحت حماية القانون الدولي للاستثمار ومؤسسة حفظ حقوق الملكية، مما يجعلها تستطيع احتكار الأفكار والسيطرة على الدول الضعيفة واخضاعها، فتستطيع أن تفرض على دولة تعاني الفرق الشروط الذي يريد دون أي اعتراض حتى من سياسة الدولة.