ملك الشعراء أحمد مطر، هو شاعر عراقي، بدأ بكتابة الأشعار التي تتحدث عن الغزل والرومانسية منذ أن كان صغيراً، ولكنه إتخذ الجانب السياسي لجميع أشعاره فيما بعد نظراً للظروف التي كان يعيشها، له العديد من القصائد والأشعار التي لها رونق خاص وتأثير كبير، وهنا إليكم البعض منها.


محتويات

١ ديوان الشاعر أحمد مطر
١.١ الصحو حتى الثمالة
١.٢ شعر الرقباء
١.٣ عاش يسقط
١.٤ مدخل
١.٥ حبيب الشعب
١.٦ الغريب
١.٧ القرصان
١.٨ رماد
١.٩ شطرنج
١.١٠ ما بعد النهاية
١.١١ عدالة
١.١٢ زمن الخراف
ديوان الشاعر أحمد مطر

الصحو حتى الثمالة

أكاد لشدّة القهر

أظنّ القهر في أوطاننا

يشكو من القهر

ولي عذري

لأنّي أتّقي خيري

لكي أنجو من الشّرّ

فأنكر خالق الناس

ليأمن خانق الناس

ولا يرتاب في أمري

لأنّ الكفر في أوطاننا

لا يورث الإعدام كالفكر

أحيي ميت إحساسي

بأقداح من الخمر

فألعن كلّ دسّاس ووسواس وخنّاس

ولا أخشى على نحري

من النحر

لأنّ الذنب مغتفر

وأنت بحالة السّكر

ومن حذري

أمارس دائماً حرّية التعبير

في سرّي

وأخشى أن يبوح السرّ

بالسّرّ

أشكّ بحرّ أنفاسي

فلا أدنيه من ثغري

أشكّ بصمت كرّاسي

أشكّ بنقطة الحبر

وكلّ مساحة بيضاء

بين السّطر والسّطر

ولست أعد مجنوناً

بعصر السحق والعصر

إذا أصبحت في يوم

أشكّ بأنّني غيري

وأنّي هارب منّي

وأنّي أقتفي أثري

ولا أدري

إذا ما عدّت الأعمار

بالنعمى وباليسر

فعمري ليس من عمري

لأنّي شاعر حرّ

وفي أوطاننا

يمتدّ عمر الشاعر الحرّ

إلى أقصاه بين الرّحم والقبر

على بيت من الشّعر


شعر الرقباء

فكرت بأن أكتب شعراً

لا يهدر وقت الرقباء

لا يتعب قلب الخلفاء

لا تخشى من أن تنشره

كل وكالات الأنباء

ويكون بلا أدنى خوف

في حوزة كل القراء

هيأت لذلك أقلامي

ووضعت الأوراق أمامي

وحشدت جميع الآراء

ثم بكل رباطة جأش

أودعت الصفحة إمضائي

وتركت الصفحة بيضاء

راجعت النص بإمعان

فبدت لي عدة أخطاء

قمت بحك بياض الصفحة

واستغنيت عن الإمضاء


عاش يسقط

يا قدس معذرةً ومثلي ليس يعتذر

ما لي يد في ما جرى فالأمر ما أمروا

وأنا ضعيف ليس لي أثر

عار عليّ السّمع والبصر

وأنا بسيف الحرف أنتحر

وأنا اللهيب.. وقادتي المطر

فمتى سأستعر

لو أنّ أرباب الحمى حجر

لحملت فأساً دونها القدر

هوجاء لا تبقي ولا تذر

لكنّما.. أصنامنا بشر

الغدر منهم خائف حذر

والمكر يشكو الضّعف إن مكروا

فالحرب أغنية يجنّ بلحنها الوتر

والسّلم مختصر

ساق على ساق

وأقداح يعرش فوقها الخدر

وموائد من حولها بقر

ويكون مؤتمر

هزّي إليك بجذع مؤتمر

يساقط حولك الهذر

عاش اللهيب

ويسقط المطر


مدخل

سبعون طعنة هنا موصولة النزف

تبدي ولا تخفي

تغتال خوف الموت في الخوف

سميتها قصائدي

وسمّها يا قارئي حتفي

وسمّني منتحراً بخنجر الحرف

لأنني في زمن الزيف

والعيش بالمزمار والدف

كشفت صدري دفتراً

وفوقه كتبت هذا الشعر بالسيف


حبيب الشعب

صورة الحاكم في كل إتجاه

أينما سرنا نراه

في المقاهي في الملاهي

في الوزارات وفي الحارات

والبارات والأسواق

والتلفاز والمسرح والمبغى

وفي ظاهر جدران المصحات

وفي داخل دورات المياه

أينما سرنا نراه

صورة الحاكم في كل إتجاه

باسم في بلد يبكي من القهر بكاه

مشرق في بلد تلهو الليالي في ضحاه

ناعم في بلد حتى بلاياه

بأنواع البلايا مبتلاه

صادح في بلد معتقل الصوت

ومنزوع الشفاه سالم

في بلد يعدم فيه الناس

بلآلاف يومياً

بدعوى الإشتباه

صورة الحاكم في كل إتجاه

نعمة منه علينا

إذ نرى حين نراه

أنه لما يزل حياً

وما زلنا على قيد الحياة


الغريب

كل ما في بلدتي

يملأ قلبي بالكمد

بلدتي غربة روح وجسد

غربة من غير حد

غربة فيها الملايين

وما فيها أحد

غربة موصولة

تبدأ في المهد

ولا عودة منها للأبد

شئت أن أغتال موتي

فتسلحت بصوتي

أيها الشعر لقد طال الأمد

أهلكتني غربتي أيها الشعر

فكن أنت البلد

نجني من بلدة لا صوت يغشاها

سوى صوت السكوت

أهلها موتى يخافون المنايا

والقبور إنتشرت فيها على شكل بيوت

مات حتى الموت

والحاكم فيها لا يموت

ذر صوتي أيها الشعر بروقا

في مفازات الرمد

صبه رعداً على الصمت

وناراً في شرايين البلد

ألقه أفعى

إلى أفئدة الحكام تسعى

وافلق البحر

وأطبقه على نحر الأساطيل

وأعناق المساطيل

وطهر من بقاياهم قذارات الزبد

إن فرعون طغى أيها الشعر

فأيقظ من رقد

قل هو الله أحد

قل هو الله أحد

قل هو الله أحد

قالها الشعر

ومد الصوت والصوت نفد

وأتى من بعد بعد

واهن الروح محاطا بالرصد

فوق أشداق دراويش

يمدون صدى صوتى على نحري

حبلاً من مسد

ويصيحون مدد


القرصان

بنينا من ضحايا أمسنا جسرا

وقدّمنا ضحايا يومنا نذرا

لنلقى في غد نصرا

ويمّمنا إلى المسرى

وكدنا نبلغ المسرى

ولكن قام عبد الذّات

يدعو قائلاً: صبرا

فألقينا بباب الصّبر قتلانا

وقلنا: إنّه أدرى

وبعد الصّبر

ألفينا العدى قد حطّموا الجسرا

فقمنا نطلب الثّأرا

ولكن قام عبد الذّات

يدعو قائلاً: صبرا

فألقينا بباب الصّبر آلافاً من القتلى

وآلافاً من الجرحى

وآلافاً من الأسرى

وهدّ الحمل رحم الصّبر

حتّى لم يطق صبرا

فأنجب صبرنا: "صبرا"

وعبد الذّات

لم يرجع لنا من أرضنا شبرا

ولم يضمن لقتلانا بها قبرا

ولم يلق العدى في البحر

بل ألقى دمانا وامتطى البحرا

فسًبحان الذي أسرى

بعبد الذّات

من صبرا إلى مصرا

وما أسرى به للضفّة الأخرى


رماد

حيّ على الجهاد

كنّا.. وكانت خيمة تدور في المزاد

تدور.. ثم أنها

تدور.. ثم أنها

يبتاعها الكساد

حيّ على الجهاد

تفكيرنا مؤمّم

وصوتنا مباد

مرصوصة صفوفنا

كلاًّ على إنفراد

مشرعة نوافذ الفساد

مقفلة مخازن العتاد

والوضع في صالحنا

والخير في إزدياد

حيّ على الجهاد

رمادنا.. من تحته رماد

أموالنا.. سنابل

مودعة في مصرف الجراد

ونفطنا يجري على الحياد

والوضع في صالحنا

فجاهدوا

يا أيّها العباد

رمادنا.. من تحته رماد

من تحته رماد

من تحته رماد

حيّ على الجماد


شطرنج

منذ ثلاثين سنه

لم نر أي بيدق

في رقعة الشطرنج

يفدي وطنه

ولم تطن طلقة واحدة

وسط حروب الطنطنة

والكل خاض حربه بخطبة ذرية

ولم يغادر مسكنه

وكلما حي على جهاده

أحيا العدى مستوطنة

منذ ثلاثين سنة

والكل يمشي ملكاً

تحت أيادي الشيطنة

يبدأ في ميسرة قاصية

وينتهي في ميمنة

الفيل يبني قلعة

والرخ يبني سلطنة

ويدخل الوزير في ماخوره

فيخرج الحصان فوق المئذنة

منذ ثلاثين سنة

نسخر من عدونا لشركه

ونحن نحيي وثنه

ونشجب الإكثارمن سلاحه

ونحن نعطي ثمنه

فإن تكن سبعا عجائب الدنيا

فنحن صرنا الثامنة

بعد ثلاثين سنة


ما بعد النهاية

إنني المشنوق أعلاه

على حبل القوافي

خنت خوفي وارتجافي

وتعريت من الزيف

واعلنت عن العهر إنحرافي

وارتكبت الصدق كي أكتب شعراً

واقترفت الشعر كي أكتب فجراً

وتمردت على أنظمة خرفى

وحكام خراف

وعلى ذلك

وقعت إعترافي


عدالة

يشتمني..

ويدعي أن سكوتي معلن عن ضعفه

يلطمني..

ويدعي أن فمي قام بلطم كفه

يطعنني..

ويدعي أن دمي لوث حد سيفه

فأخرج القانون من متحفه

وأمسح الغبار عن جبينه

أطلب بعض عطفه

لكنه يهرب نحو قاتلي

وينحني في صفه

يقول حبري ودمي

لا تندهش

من يملك القانون في أوطاننا

هو الذي يملك حق عزفه


زمن الخراف

نزعم أننا بشر

لكننا خراف

ليس تماماً.. إنما

في ظاهر الأوصاف

نقاد مثلها.. نعم

نذعن مثلها.. نعم

نذبح مثلها.. نعم

تلك طبيعة الغنم

لكن.. يظل بيننا وبينها اختلاف

نحن بلا أردية

وهي طوال عمرها ترفل بالأصواف

نحن بلا أحذية

وهي بكل موسم تستبدل الأظلاف

وهي لقاء ذلها.. تثغو ولا تخاف

ونحن حتى صمتنا من صوته يخاف

وهي قبيل ذبحها

تفوز بالأعلاف

ونحن حتى جوعنا

يحيا على الكفاف

هل نستحق يا ترى

تسمية الخراف