ظهرت القطط منذ حوالي 9 آلاف عام، وخُلِّدت في مختلف أشكال الفن على مر التاريخ، فنجد لها تماثيل منحوتة في الصخر، وأخرى منقوشة على الخشب، وغيرها شُكلت من الفضة، أو طُليت بالذهب.
واستأنس الناس بالقطط كحيوانات منزلية منذ نحو 4 آلاف عام، إذ كانت تُقتنى لقدراتها الخاصة على الصيد، أما الآن فتقتنى القطط الصغيرة، كنوع من التسلية لسلوكها المُحبب، لذلك تُعد الحيوان الأليف الأكثر شعبية، في أميركا وبريطانيا.
وعكفت مُختلف الحضارات القديمة من جميع أنحاء العالم، على ابتكار الخرافات عن هذه المخلوقات العجيبة ونسج الأساطير حولها، بالإضافة إلى ظُهورها في كثير من النصوص الدينية، تُجسد شخصيات ملائكية، وأخرى شيطانية، وسواءً كانت هذه الروايات صحيحة أم لا، لا يزال بعضها مُنتشراً حتى الآن كجزء من التراث الشعبي الخاص بالعديد من الدول.
1- إله الحماية والخصوبة في مصر القديمة

عُرفت القِطط في مصر القديمة باسم “ماو- Mau”، وأصبحت عضواً ضمن أفراد الأسرة المصرية، مُنذ ما يُقدر بـ 4 إلى 5 آلاف عام، ويُعتقد بأن المصريين هم أول من ربى القطط، واستخدموها في اصطياد الأسماك والطيور، وأيضاً في التخلص من القوارض، التي كانت تغزو مخزوناتهم من الحبوب على طول نهر النيل.
تَمتعت القطط بقيمة بالغة الأهمية، حتى أنها كانت محمية بموجب القانون آنذاك؛ إذ كانت تُفرض عُقوبات تصل إلى الإعدام على من يقوم بقتلها، بصرف النظر عما إذا كان ذلك عمداً أم لا، ويرجع ذلك للمكانة التي احتلتها القطط، كإله ضمن الآلهة المختلفة، التي عبدها قدماء المصريين.
ففي حين كانت هناك العديد من آلهة القطط التي جرت عبادتها، كانت هناك إلهة واحدة عُرفت بـ “باست- Bast”، مُثلت في هيئة قطة منزلية، واتُخذت كإلهة للحماية، واعُتقد بأن لها العديد من الأدوار، التي منها الخصوبة وحركة القمر، بجانب حماية جميع فصائل القطط الأخرى، وتتضح الأهمية الكبيرة التي تمتعت بها القطط، في كونها مثلت رمزاً مقدساً في المجتمع المصري القديم، إذ كانت تُحنط جثتها، وتُدفن في مقابر خاصة بها بعد وفاتها.
2- حراس بوابات العالم الآخر في أساطير العصر الحديدي

سادت القطط كآلهة مقدسة أيضاً، البرية منها والمنزلية، في الأساطير السلتية الخاصة بالعصر الحديدي، واعتبرتها أساطير أخرى في ذلك العصر، أنها حيوان ذو قوة روحية كبيرة، يحقق الكمال للإنسان ويربط بينه وبين الكون.
وعلاوة على إيمانهم بعملها كحرّاس للبوابات المؤدية إلى العالم الآخر، وحراس للكنوز والمقتنيات الثمينة، آمنوا بأن القطط مخلوقات سحرية غامضة، واعتبروا السوداء منها رمزاً للشر، لذلك كانوا يضحون بها.
3- تجلب الحظ السعيد في اليابان

ترمز القطط في التراث الشعبي الياباني للطالع الحسن، إذ يؤمن اليابانيون أنها جالبة للحظ السعيد، ويعتقدون أن التميمة اليابانية الشهيرة “مانيكي- نيكو”، تجلب حُسن الطالع لصاحبها، والذي يكون عادة في شكل نقود وفيرة.
وتُفسر إحدى الأساطير ذلك، بأنه ذات مرة لوَّح قط ياباني لصاحبه بمخلبه لكي يجتذبه خارج المنزل، فتسبب ذلك في نجاته من صاعقة رعدية في وقت لاحق.
ومن ذلك الحين يُنظر للقط الذي يوميء بمخلبه، على أنه علامة للحظ الجيد، كما تُوجد أنواع بعينها يُعتقد بأنها الأكثر جلباً للحظ، وخاصةً الذكور النادرة منها.
ويسود أيضاً اعتقاد في البوذية بأن القطط ذات الألوان الداكنة، تُبشر بمكاسب من الذهب، في حين أن ذات الألوان الفاتحة تجلب الفضة.
4- في إنكلترا تقتل الرضع في المهد

اعتقد الناس في إنكلترا لعدة قرون، أن القطط يمكنها أن تسلب حياة الأطفال الرُضع، بخنقهم حتى الموت، وتُفسر الرواية بأنَّ ذلك يرجع لغيرة القط من المولود الجديد، الذي أتى فجأة وحرمه من الاهتمام. في حين تقول روايات أخرى إن رائحة الحليب في فم الرضيع هي التي تجذبها.
الأكثر إثارة للدهشة هو أنه في عام 1791، وجدت هيئة مُحلفين بمدينة بليموث، خلال تحقيقات في وفاة أحد الأطفال، قطاً مُذنباً بالقتل بهذه الطريقة، ولذلك ظلت هذه الأسطورة مُستمرة، وبقيت حتى نقلها المُهاجرون معهم إلى العالم الجديد.
5- قط يلتهم البشر عشية عيد الميلاد في آيسلندا

تمتاز آيسلندا بنوعية حياة ممتازة لسكانها، ومع ذلك يبدو أن لديها أساطير وحشية للغاية حول عيد الميلاد، إذ تنتشر روايات شعبية حول وجود قط مُفترس، يتجول في أرجاء ريفها المتجمد؛ بحثاً عن بشر يلتهمهم عشية كل عيد ميلاد، والغريب في الأمر أن هذا القط الضخم المتعطش للدماء، لا يبحث عن الأطفال المُشاغبين، كما قد يظن البعض للوهلة الأولى.
ويملك بطل الأسطورة عيناً يصب تركيزها على الموضة؛ إذ يبحث عن الأشخاص أطفالاً كانوا أم بالغين، الذين لا يرتدون ملابس جديدة، وأنيقة في تلك الليلة، وينتقي من بينهم ضحاياه، الذين سيشكلون وجبة عشاء دسمة له، تقول الأسطورة.
واعتاد المزارعون سرد هذه الرواية لعمالهم كحافز يدفعهم لإنهاء تجهيز الصوف قبل حلول الخريف؛ كي يتسنى للجميع الحصول على ملابس جديدة في موسم الأعياد.
6- القطط السوداء.. من هدية زفاف إلى الحرق بتهمة ممارسة الشعوذة



تنوعت الأساطير وتباينت المعتقدات الشائعة، حول القطط السوداء في مختلف بلدان العالم، فتراها بعض الشعوب مثل شعوب أميركا وأوروبا نذيراً للشؤم وجالبة للحظ السيئ، بينما على النقيض تؤمن شعوب أخرى أنها بشرة خير وجالبة للحظ السعيد، كما في روسيا، وبريطانيا، واليابان.
في أسكتلندا يسود الاعتقاد هناك، بأن رؤية قطة سوداء ضالة سوف تجلب لك الرخاء والازدهار، وفي اليابان يقال بأن المرأة العزباء التي تقتني قطاً أسود، يُتوقع أن يجلب لها هذا الكثير من الخُطاب والمُتقدمين للزواج، وفي مدينة ميدلاندز الإنكليزية، تُعد القطط السوداء خياراً موفقاً، كهدية زفاف تمنح العروسين الحظ السعيد.
في العصور الوسطى كانت تُتهم النساء العازبات، اللاتي يُطعمن القطط الضالة بممارسة فنون السحر، فقد كان يُشتبه في كون تلك القطط من أدوات السحر الأسود، وأدى ذلك الاعتقاد إلى إبادة أعداد غفيرة من القطط السوداء، وإقامة العديد من المحارق؛ لتنفيذ عقوبات القتل حرقاً على النساء المُتهمات بالشعوذة.
على الجانب الآخر يرى البحارة، والصيادون أن القطط فأل حسن، لكن إذا حدث ومشى قط على متن سفينة ثم تراجع مرة أخرى، فإن ذلك يعني أن السفينة سوف تغرق.
وورد عن الملك الإنكليزي تشارلز الأول، حُزنه على خسارته لقطه الأسود، وأعلن حينها أنه فقد معه حظه الجيد، وبالفعل في اليوم التالي قُبض عليه بتهمة الخيانة العظمى.