هوامش هندسيّة على أعمال تبليط الشوارع..!
بصورة عامّة تعتمد أعمال تبليط الشوارع على مهمتين رئيسيتين وهما :
1.المختبر
2.وأعمال المساحة
ومن جانب آخر نعتبر أنه لا قيمة للشارع إن لم يُدعم ببناء مجاري لمياه الأمطار لأن الأسفلت يتعرّض للتضرر الجسيم والتشقق لو بقيت المياه على سطح الشارع لفترة وجيزة ولهذا فإنه من أهم الوجائب الهندسية أن نبزل أو نصرّف أي نوع من المياه السطحيّة في الشارع ولا سيما مياه الأمطار وهي بالتأكيد من أهم أسباب حصول الحفر والتشققات وتحلل المزيج الأسفلتي ثم فقدان التماسك بين المواد الأسفلتية وبين الركام الخشن بخاصّة ( الحصى) وانفصاله عن الطبقة المتكونة من المزيج الأسفلتي
وتوجد أسباب مهمة أخرى يرجع إليها ظهور أشكال متنوعة من التضرر ومنها أن الطبقات التي تسبق طبقات المزيج الأسفلتي قد لا تكون قد تم حدلها كما تنص المواصفات الفنية ولكل طبقة نسبة حدل متوخاة فالأرض الطبيعيّة لا تقل نسبة حدلها عن 90% وهذه النسبة تعتمد أيضا على مكونات التربة التي تتطلبها المواصفات فإن لم تكن التربة توافق المواصفات فلا قيمة لنسبة الحدل لأن النسبة هي نسبة الكثافة الحقلية إلى الكثافة المختبريّة لذا يجب أن تكون الكثافة المختبريّة للمواد المطابقة هي الأساس حيث أن المواد غير المطابقة قد تجعل النسبة عالية ولكن دون فائدة وهذا ينطبق على كافة أنواع الترب والمواد اللاحقة وهنا يجب أن نشدد على نسبة (CBR) وفق متطلبات كل طبقة فهي التي تحدد نوعية المواد الداخلة في الطبقة موضوع الحسابات.
ويجب أن تستمر أعمال التحريات الموقعية باستمرار حتّى يتم التأكد من تحقق رص وحدل التربة بالشكل الهندسي المطلوب
موضوع الحدل واسع ويحتاج إلى حديث طويل ولكن نسبة الرطوبة مهمة أيضا ولهذا ولغرض إختصار الوقت في أمر الفحوصات توجد الآن أجهزة تستخرج نسبة الرطوبة موقعيا فورا ومع أنها تقوم على بعض الأسس العلمية المتقدمة ولكن الحصول عليها مفيد جدا خصوصا من حيث وقت الإنجاز ومدة إنجاز المشروع.
وهو جهاز تروكسلر(.Troxler ) مع أنه يجب أن تؤخذ كافة الإحتياطات اللازمة للوقاية من الإشعاع .
من جانب آخرنجد أن مجمل الإنحدارات في الشوارع غير متوفّرة بشكل صحيح فلا الإنحدارات الطوليّة ولا الإنحدارات العرضية متحققة بشكل سليم وطبعا هي المسؤولة عن تصريف مياه الأمطار إلى فوهات الإستلام وبغير ضمان وجودها السليم فإن مياه المطر ستستقر على سطح الشارع وفي أماكن متعددة مما يجعل منها مصدرا لنشوء الحفر وتضرر المواد الأسفلتية كما أسلفنا.
أمّا بالنسبة لطبقات الخرسانة الأسفلتية فهناك الكثير مما يُقال ولكننا نحاول أن نوجز الحديث فنقول أن فرش طبقات الخرسانة الأسفلتية لا يتم إعتباطا إذ أن هناك طرق معروفة لتصميم مقطع الطريق وكم من الطبقات من الخرسانة الأسفلتية يستلزم وكم هو أقصى سمك لكل طبقة وما هي مواد الركام المطلوبة في كل طبقة وكم نسبتها في الخليط وما هي نسبة المواد الناعمة( الفلر) في الخلطة وما هي أنواعها كما أن عناية دقيقة يجب أن تولى لنوع الأسفلت المستخدم فكل منطقة لها ما يُناسبها فالمناطق الحارّة تستلزم نوعا خاصا منه والمناطق الباردة تستلزم نوعا آخر والأنواع التي نقصدها تتضمن خصائص معيّنة ومحددة له منها النفاذيّة ودرجة الإتقاد والسيولة وكل تلك الخصائص فضلا عن خصائص الركام المستخدم وأهم خصائصه هي ما يُعرف بـ ( CBR)والتدرج وتتطلب جميعها إجراء فحوصات ضرورية ولكن جميع تلك الخواص يجب أن توفّر نتائج معيّنة للمزيج الأسفلتي ومن ذلك قوة الثبات أو إستقرارية مارشال
(Marshal Stability, Flow & Asphalt Content ) إن إنتاج المزيج الإسفلتي يستلزم وضع ما يُدعى بمعادلة الخلط والتي توضع غالبا من قبل مهندسي المختبر أو بالإشتراك معهم وهي مجموعة التوصيات التي تحدد نسب الخلط لكل طبقة وعلى ضوءها يجري العمل في معمل الأسفلت وباستخدام المواد الأسفلتية التي ينصح بها المختبر والمحددة من قبل المواصفات العامّة الفنيّة ومن قبل المهندس المقيم على ضوء المنطقة الجغرافية التي يقع فيها المشروع.
إن الرغبة في تفادي حصول أية حفر في الشارع أو أي تضرر في سطحه لا يتم إلاّ بضمان عدم حصول أي هبوط ( Settlement )في أي من طبقات الشارع وهذا يتطلب حُسن إختيار المواد الداخلة في فرش أية طبقة وخصوصا طبقات ما تحت الأساس والتي غالبا ما نجد أنها تتكون من مواد من الحصى الخابط والتي تفتقر إلى التدرج المطابق للمواصفات الفنية فضلا عن عدم فحصها لضمان نسبة (CBR )المطلوبة وتزداد أهمية ذلك في المناطق الجنوبيّة بسبب كون الأرض الطبيعيّة متكونة من مواد طينيّة تزداد فيها مقادير الهبوط بتزايد مرور الزمن أي على المدى الطويل وكذلك بفعل تزايد الرطوبة فيها وهذا كله أمر متوقع جدا، لذلك تجب العناية بطبقات ما تحت الأساس بشكل خاص تصميما وتنفيذا وضمان نسبة حدل لا تقل عن 95% في مواد تحقق متطلبات الفصل ( R6) من مواصفات الطرق والخاصة بمواصفات الطرق والجسور التابعة للمؤسسة العامة للطرق والجسور العراقيّة، ومنها:
حسب مواصفات AASHTO :
إن المواد تتكون من خليط من الحصى والرمل أو من خليط من الحصى والرمل بما يحوز على موافقة المهندس وممثله ( المهندس هنا تعبير يُقصد به الهيئة الهندسيّة للمؤسسة العامة للطرق والجسور أو من يمثلها) وأن الموافقة على المقلع أو مصدر المواد لا يعني أن المواد قد تمت الموافقة عليها تماما ، وأن مواد طبقة ما تحت الأساس يجب أن يتم تجهيزها وفرشها وحدلها تماما كما في المخططات وبالمواصفات التالية:
المواد الخشنة وهي التي تتبقى على المنخل رقم 10 .والمواد الخشنة هي التي تتكون من ركام خشن صلب ومتين الجزيئات ومن حصى خالٍ من النفايات والأوساخ أو المواد الغريبة وا لمواد الناعمة هي التي تعبر منخل رقم 10 وأن تكون خالية من المواد العضوية وأن المواد التي تعبر المنخل رقم 40 يجب أن تتوفر فيها الخواص:
أقصى حد للميوعةلا يزيد عن 25%
أقصى رقم للإلتصاق لا يزيد عن 6%
وهناك درجات من أنواع مواد ما تحت الأساس منها (A,B&C )موضحة في مواصفات الطرق والجسور بالتفصيل على أن لا تقل الـ ( CBR ) وهي نسبة كالفورنيا للتحمل عن 45% بالنسبة للنوع ِA وعن 35% للنوع B وعن 30% للنوع C في ظروف حدل لا تقل عن 95 % من الكثافة المختبرية .
إن هذه المواصفات برأينا هي حجر الزاوية في تنفيذ طرق لا يحصل فيها أي هبوط لو كانت الطبقة الطبيعيّة مستوفية المواصفات فضلا عن متطلبات الطبقات الأخرى وضمان تصريف مياه المطر
إن المواصفات الفنية للمؤسسة العامة للطرق والجسور تبين لنا بالتفصيل جميع متطلبات الفحوصات المتعلقة بطبقة ما تحت الأساس وكذلك الطبقات الأسفلتية اللاحقة وكذلك متطلبات المواد الأسفلتية من قوة الثبات إلى نسبة الأسفلت ونسبة الفراغات والزحف وغيره وتوضح ما هو مطلوب من المادة الأسفلتية من نفاذية ودرجة إتقاد ونسبة البرافين والذوبان في الماء ودرجات الميوعة وغيرها
لو تم ضبط معادلات المزج والإلتزام بها في المعمل وكذلك نوع مواد الركام المستعمل وتدرجها فإن ما يتبقى لإنتاج شارع جيّد هي ضمان تصريف مياه الأمطار ونسب الإنحدار طوليا وعرضيا
ويرى القارئ العزيز أن العمل ممتع ومسلِّ ومتشابه وكل ما يتطلبه الأمر حضور المعلومات الهندسيّة ووعي المشرفين ومواصلة الرجوع للمواصفات الفنية ومراجعة المختبر ومواصلة التعامل معه وضبط المناسيب وجميع ما هو مطلوب فهو مذكور في المواصفات الفنية العامّة التي هي في الغالب الأعم في متناول المهندس المقيم أو المشرف أو من يمثله
ولكن أمرا مهما آخر يجب الإهتمام به وهو أن هذه الأعمال أعمال فنيّة تخصّصيّة لا يجب الإستماع إلى كل من هبّ ودب بالتدخل فيها لا بل حتّى المسؤولين الإداريين لا يجب أن يحشروا أنفسهم فيها حتّى يمكن تحميل المهندسين وحدهم المسؤوليّة عن أية ظواهر خارجة عن المواصفات
نعم إن الإخلاص أمرٌ يكاد يكون هو الفيصل هنا ولكن كيف نحصل عليه؟ إن لم يكن بطريقة المحاولة والخطأ كما نقول بعلم الرياضيات!
نطرح الثقة ونحاسب في نفس الوقت
أيها الأخوة من المهندسين ومن كافة مراتب المواطنين
يجب أن نركن إلى العمل العلمي ونثق بالأنظمة ( Systems ) التي توصل العالم إليها ونجح كل الناس باتباعها وأن نبدأ ببناء بلادنا على أساسها ونحمّل المهندس بعد تدريبه وتأهيله نحمله مسؤولياته فليس هناك من هو موضع الإخلاص وحده إنما الأعمال هي التي تصدّق النوايا كما يقولون.
مع خالص تقدير
رد مع اقتباس
