قصر ليندروف.. تحفة ملكية بين جبال وغابات ألمانيا
قصر ليندروف في جنوب غربي ولاية بافاريا الألمانية Linderhof Palace هو واحد من ثلاثة قصور بناها ملك بافاريا الملك لودفيج الثاني Ludwig II، وهو الملقب بالملك المجنون؛ حيث كان غريب الأطوار معظم فترات حكمه حتى انتهت حياته غارقاً في بحيرة قرب ميونخ، وتبين بعد ذلك أنه ألقى بنفسه في البحيرة.
هذا القصر الرائع الذي يطلق عليه بالألمانية Schloss Linderhof هو القصر الوحيد الذي رآه الملك مكتملاً قبل أن يموت، ولسوء حظه فإن هذا القصر هو الأصغر بين القصور الثلاثة، ولكن له قصة غريبة في البناء، فقد كان الملك لودفيج على دراية بتضاريس هذه المنطقة منذ صغره عندما كان يرافق والده الملك ماكسيميليان الثاني في رحلات الصيد إلى جبال الألب البافارية، ويبدو أنه كان معجباً بهذا المكان منذ ذلك الوقت، فحينما ورث الحكم بعد أبيه سنة 1864 وورث أيضاً قصراً كبيراً في نفس هذا المكان، أصر على هدم ذلك القصر ليبني مكانه قصراً برؤيته الخاصة في المكان نفسه، وبدأ البناء بالفعل سنة 1869 وكان هذا القرار بداية الجنون الذي عرف به طوال حكمه.
بنى الملك لودفيج قصر ليندروف كما أراد بين تضاريس الجبال والغابات، وأحاطه بمساحة كبيرة من الحدائق والأشجار الضخمة، وهو بالمقارنة مع القصور الأخرى يحمل جواً فريداً من نوعه، ورغم غرفه الكثيرة جداً فإن أهمها هي أربع غرف:
غرفة المرايا: وكان الملك يستخدمها كأنها غرفة المعيشة، فكان يجلس في زاوية منها طوال الليل يقرأ، حيث كان ينام طوال النهار ويقضي الليل في السهر، ومن أجل هذا الغرض ملأ الغرفة بآلاف المرايا حتى تعكس عليه ضوء الشموع لتجعله مستيقظاً طوال الليل، ووضع المرايا بشكل متوازي بحيث ينتج عنها ضوء قوي له تأثير وانعكاس رائع عليه.
وبوسط هذه الغرفة طاولة عليها تحف مصنوعة من اللازورد والعقيق والأحجار الكريمة، ويحيط بأركان الغرفة شمعدانات كثيرة، ومفروشة بسجاد من ريش النعام.
غرفة الموسيقى: ويطلق عليها الغرفة الغربية، ولم يكن يمارس الملك أي موسيقى بها ولكن أطلق عليها هذا الإسم لاحتوائها على بيانو، وتتميز هذه الغرفة بأن جميع ستائرها من النسيج الفرنسي الفاخر.
غرفة الطعام: وهي الغرفة الشرقية، وتتميز عن بقية غرف القصر بزخرفتها المفرطة جداً، فكل جزء فيها لا يخلو من نقوش وألوان زاهية ومذهبة، وكان بها طاولة كبيرة لأربعة أشخاص، لكن الملك كان يجلس عليها بمفرده ويتحدث مع الثلاثة الآخرين الذين يتخيل أنهم يأكلون معه.
غرفة النوم: بها شمعدان من 108 من الشموع، ويقع سرير الملك في مكان خاص يصعد إليه بعدد من الدرجات.
يصحبك التجول داخل القصر إلى أجواء ملكية فخمة، ورغم ذلك فإن حديقته التي تطل على الجبال الجليدية والغابات الكثيفة لها مذاق آخر، فقد أحاطت بالقصر عدة حدائق تعتبر من أجمل الحدائق التاريخية في العالم، وتبلغ مساحتها 125 فداناً، وهي تنقسم إلى خمسة أقسام:
- الجزء الشمالي ويتميز بوجود ثلاثين درجة سلم من الرخام، في أسفلها نافورة لتمثال نيبتون Neptune.
- الجزء الغربي ويحتوي على حمام سباحة وداخله نافورة لتمثال Amor مع الدلافين، وعلى أطرافها خزفيات، والتمثال Amor هو رمز الحب عند الإغريق.
- وسط الحديقة وهو الجزء الذي يشرف على القصر من الأمام، يحتوي على حمام سباحة كبير وفي منتصفه تمثال Flora and puttos ويمثل فلورا إلهة الزهور عند الرومان، وحولها puttos وهو ذلك المجسم الشهير للطفل الرضيع ذو الأجنحة.
- الجزء الشرقي من الحديقة يحتوي على مكان خشبي به تمثال نصفي للملك لويس السادس عشر، وأمامه حمام سباحة به تمثال Amor shooting an arrow وتمثال Venus and Adonis
- الجزء الجنوبي به نافورة عروس النهر Naiad fountain التي تتألف من ثلاثة أحواض وتماثيل حوريات الماء، وبها أيضاً تمثال ماري أنطوانيت زوجة لويس السادس عشر ملك فرنسا.
وساهمت حديقة القصر بدور كبير في جعله تحفة فنية مميزة عن باقي القصور؛ ففيها كهف تم حفره خصيصاً للملك وداخله بحيرة حيث كان الملك يحب التجديف في بحيرة كابري بإيطاليا، فأحب أن يكون لديه نسخة من البحيرة في بيته، كما يوجد بالحديقة كوخ يطلق عليه Hunding’s Hut يقيم فيه الملك الإحتفالات.
كما يوجد بالحديقة أماكن أخرى تحمل طابعاً شرقياً، مثل Moorish Kiosk وهو عبارة عن كشك على الطراز البربري، ولم يُبنَ خصيصاً للقصر وإنما بناه المهندس Karl von Diebitsch للمعرض العالمي الذي أقيم في باريس سنة 1867 ، وأراد الملك لودفيج شراءه لوضعه في قصره، ونجح في ذلك بعد محاولات عديدة.
ومن الأماكن الشرقية في الحديقة البيت المغربي Moroccan House وكسابقه فقد بني هذا البيت ليتم عرضه بالمعرض العالمي في فيينا سنة 1873 واشتراه الملك أيضاً بعد خمس سنوات لتزيين الحديقة به.
للوصول إلى القصر بأبسط طريقة يكون بركوب القطار إلى محطة Oberammergau ثم ركوب حافلة رقم 9622 المتجهة إلى ليندروف.